فن التفاوض

اقتصادية 2019/07/30
...

ياسر المتولي 
 

اثار مقترح انشاء منطقة حرة بين العراق والكويت والذي عرضته حكومة عبد المهدي بشفافية واضحة للمناقشة قبل اقراره ورفعه للبرلمان -  جدلاً واسعاً بين الاوساط السياسية والاقتصادية .
ساختزل عمودي هذا من زاوية تخصصي كمهتم بالشأن الاقتصادي بعيداًعن تناوله من الناحية السياسية .
الذي استشفيته من هذا الجدل، ان هناك خللاً في العديد من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية بين العراق ودول العالم .
ويتضح الخلل في حجم الفجوة في المنفعة التي تعود على العراق حين نقراؤها من زاوية الميزان التجاري الذي يعد المؤشر الاساس لحجم المنفعة التي تعود على طرفي الاتفاق.هناك قيم في التعاملات التجارية تستند الى ثقة القول فحين يجري تفاوض بين  طرفين كانت الثقة العالية هي الصبغة السائدة على المفاوض العراقي اي كما جرت العادة عليه في المثل الشعبي الشائع ينتهي الامر بمفردة(مال) اي اصبحت البضاعة اليك وليس لغيرك .
لكن بمرو الزمن اتضح خلل بارز في الكثير من الاتفاقيات بين العراق والدول والسبب يعود الى ثقافة التفاوض ونقص هذه الثقافة افضى الى خسائر كبيرة تحملها العراق.
اذاً فان ضعف ثقافة التفاوض ناجمة عن اختيار بعض المفاوضين من خارج التخصص المعني مما يدخل الدولة بالتزامات قانونية تحملها الكثير من الكلف والخسائر .
يبدو لي ان طريقة الحكومة هذه المره في عرض الاتفاقيات للمناقشة انما تستهدف الاستناد الى رؤى اصحاب الخبرة والاختصاص في اشباع الاتفاقيات نقاشاً للوصول الى الاتفاقيات التي تلبي مصالح البلد وبالتالي للتقليل من اخطاء المفاوضين والحد من الخسائر التي قد تصيب اقتصاد البلد .
من اجل ذلك فان الحاجة تقتضي اعادة النظر في جميع الاتفاقيات مع كل الدول عند ما تحين فترات تجديدها قبل تنفيذها من اجل ضمان مصالح البلد وهذا ما نلمسه من الاسلوب الجديد المتبع.
وقبل تجديد الاتفاقيات وتحديثها بنا حاجة ماسة لاعادة النظر بالكثير من المفاوضين والذين يفتقرون الى فن التفاوض وهنا على الحكومة ان تضع معايير ثابتة لاختيار وتسمية المفاوضين في جميع وزارات ومؤسسات الدولة سنتناولها في مقال لاحق لضيق مساحة المقال.
وخلاصة القول ان الحراك الذي تقوده منظمات المجتمع المدني هذه الايام في مجال تقييم مقترح اتفاقية المنطقة الحرة بين العراق والكويت انما تسجل سابقة ايجابية تحسب للحكومة كونها وفرت فرصة 
التقييم قبل الاقرار، ولكن يبقى الامر المهم كما اشرت الى اختيار  المفاوضين الاكفاء وفقاً للمعايير الثابتة التي ستضعها الحكومة فيما بعد واذا تم تحقيق هذا الشرط  فانه يبدو جليا ان الحكومة بدأت مشوار الاصلاح الاداري الصحيح والمطلوب والذي يعد  مفتاح الاصلاح الاقتصادي والمكمل له.