خلصت دراسة علمية إلى أنّ كلّ شخص يمكنه تقليل خطر الإصابة بالخرف على الأرجح من خلال اتباع نمط حياة صحي، حتى إن كان لديه تاريخ إصابة في محيط العائلة.
وأظهرت الدراسة، التي شملت 200 ألف شخص، تراجع خطر الإصابة بالمرض بنسبة تصل إلى الثُلث.
وقال فريق علماء من جامعة إكستر البريطانية إن النتائج، التي أعلنت خلال المؤتمر الدولي لمرض ألزهايمر، كانت مثيرة وفعالة، وأظهرت عدم حتمية إصابة الأشخاص بالمرض بسبب التاريخ المرضي للعائلة.
نمط حياة صحي
أعطى الباحثون كل المشاركين في الدراسة درجات تحدد مدى اتباع نمط حياة صحي اعتمادا على بعض المعايير التي تشمل التمارين الرياضية، والنظام الغذائي، وشرب الكحول، والتدخين.
وفيما يلي أنموذج لشخص سجل درجات جيدة في هذه الدراسة: لا يدخِّن حالياً. يمارس ركوب الدرجات بوتيرة طبيعية لمدة ساعتين ونصف أسبوعيا.
يتبع نظاما غذائيا متوازنا يحتوي على أكثر من ثلاث حصص غذائية من الفاكهة والخضراوات يوميا، ويأكل السمك مرتين في الأسبوع ونادرا ما يأكل اللحوم المصنعة، يشرب نحو نصف لتر من الجعة يوميا.
وفيما يلي أنموذج نمط حياة غير صحي:
يدخِّن حالياً بانتظام، لا يمارس التمارين الرياضية بانتظام، يتبع نظاما غذائيا يحتوي على أقل من ثلاث حصص من الفاكهة والخضراوات أسبوعيا، وتتضمن حصتان منهم أو أكثر تناول لحوم مصنعة، ولحوم حمراء أسبوعيا، يشرب نحو ثلاثة لترات ونصف لتر من الجعة يوميا.
سهولة الأداء
شهدت سو تايلور، البالغة من العمر 62 عاما، تأثير الخرف على أفراد عائلتها، إذ أصيبت والدتها وجدّتها بالمرض.
تمارس تايلور تمارين رياضية في الحديقة ثلاث مرات أسبوعيا، حتى في فصل الشتاء، وتمشي 45 دقيقة قبل الذهاب إلى العمل.
وقالت لي : “يتطلب الأمر كثيرا من الجهد، وعليك أن تفكر فيه وتجعله مناسبا”.
وأضافت أن الأمر يستحق ذلك، لاسيما من أجل أحفادها.
وقالت “أريد فقط أن أحافظ على عقلي حادا قدر الإمكان أطول فترة ممكنة. لا أريد أن تضيع عليهم (أحفادي) فرصة وجود أجدادهم أصحاء بدنيا وعقليا”.
ما الفرق الذي أحدثه تغيير نمط الحياة؟
تابعت الدراسة نحو 196 ألف شخص من عمر 64 عاما حتى وصلت إلى نحو ثماني سنوات.
واستطاعت الدراسة تحليل الحمض النووي للمشاركين بغية تقييم الخطر الوراثي الذي يؤدي إلى الإصابة بالمرض.
وأظهرت الدراسة إصابة 18 شخصا بالخرف من مجموع ألف شخص وُلدوا بجينات عالية الخطورة ويحافظون على نمط حياة غير صحي.
وتراجع الرقم أثناء إجراء الدراسة إلى إصابة 11 شخصا من مجموع ألف شخص، لاسيما في حالة اتباع هؤلاء الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالمرض لنمط حياة صحي.
لا يبدو وكأنّه فارق كبير؟
قد تبدو الأرقام صغيرة، ولكن هذا يرجع إلى أن منتصف الستينيات من العمر هو عمر صغير نسبيا من حيث الإصابة بالخرف.
ويقول الباحثون إن تراجع معدلات الإصابة بالخرف بمقدار الثُلث سيكون له تأثير عميق في الفئات العمرية الأكبر سنا التي يكون المرض فيها أكثر شيوعا.
وقال ديفيد لويلين لبي بي سي : “يمكن أن تعادل مئات الآلاف من الأشخاص”.
لا يمكن أن تثبت دراسة كهذه بشكل قاطع أن نمط الحياة يسبب مخاطر مختلفة من حيث الإصابة بالخرف، بل تكشف الأنماط من خلال ما تصل إليه من بيانات.
بيد أن النتائج التي نشرتها مجلة الجمعية الطبية الأميركية تتوافق مع الدراسات السابقة، وما توصي به منظمة الصحة العالمية.
هل يمكنني تفادي الإصابة بالخرف تماما؟
يمكنك أن تعيش حياة سليمة وتظل عرضة للإصابة بالمرض، لأن نمط الحياة يُغير الاحتمالات فقط. ولا يوجد حتى الآن دواء يُغير مسار الإصابة بهذه المرض.
إن كل ما يمكن أن يفعله الشخص هو الحد من احتمالات الإصابة.
هل ينطبق ذلك على الجميع؟
يقول الباحثون إن النتائج قد لا تنطبق على الأشخاص الذين يعانون من الخرف في فترة مبكرة جدا والتي تبدأ عند أشخاص في سن الأربعينيات والخمسينيات. لكنهم يعتقدون أن نتائجها تنطبق على أشخاص في فئات عمرية أكبر سنا يصبح فيها الخرف أكثر شيوعا.
ويقول الباحثون إن الدراسة تنطبق على الخرف بشكل عام وليس على أشكال محددة من المرض، مثل مرض ألزهايمر أو الخرف
الوعائي.
الرسالة الرئيسة
قال ديفيد لويلين لبي بي سي : “حتى إن كنت قلقا بشأن الإصابة بمرض الخرف، ولديك على الأرجح تاريخ عائلي للمرض، فإن دراستنا تشير إلى أن ذلك لا يهم”.
وأضاف : “لا يزال من المحتمل تقليل خطر الإصابة بالخرف بشكل كبير إذا غيرت أسلوب حياتك إلى نمط حياة
صحي”.
وقالت إلزبيتا كوزما، باحثة مشاركة في الدراسة، إنها المرة الأولى التي تظهر فيها إمكانية أن يواجه شخص خطرا وراثيا للإصابة بالخرف، وكانت النتائج
“مثيرة”.