البصرة الفيحاء.. جدل التلوث والصراعات

آراء 2019/08/02
...

ياسر جاسم قاسم 
يتصارع الكثير اليوم على البصرة من احزاب وفئات وكتل سياسية، البصرة المدينة الغنية بالموارد البشرية والمادية على المستويات كافة ، هذا التصارع ما كان له ان يولد لولا غناها، متناسين ما تمر به المدينة من مشكلات كثيرة لا عد لها ولا حصر، فمياهها تتعرض لاكبر تلوث عرفته المدينة في تاريخها اذ تشير التقارير الاخيرة التي نشرها المختص في معالجة المياه الدكتور شكري الحسن، ان مياه شط العرب والانهر المتفرعة منه ما زالت وعلى الرغم من موسم الوفرة المائية تحمل الكثير من الملوثات التي تهدد البصريين بمشاكل جمة، اذ تشير التقارير التي جاءت من فرنسا بعد ان تم تحليل عينات من مياه البصرة ومن انهر عدة الى ان مياه شط العرب والانهر المتفرعة منه حوت على بكتيريا الكوليرا والايكولاي والشيغلا والبرسنية، والعطيفية والقوربية وطفيليات الجيادية اللمبلية وفيروسات روتا(العجلية ) وسابو والغدية
 والنجمية. 
ويشير الى ان ظهور هذا الكوكتيل الجرثومي ظهر في اغلب انهار البصرة الفرعية التي تطل عليها اغلب مناطق المدينة الرئيسة من العشار والبصرة القديمة والخندق والمعقل ووجدت حتى في مياه شط العرب نفسه، والسؤال الاخطر كيف يكون الوضع لو عادت مناسيب المياه الى الانخفاض مجددا؟ كما اشارت النتائج الى ان الجداول الفرعية التي تصب فيها مجاري المدينة انما تشكل التهديد الاكبر لشط العرب مما يستدعي الحذر الدائم لكل من يستخدم هذه المياه سواء الان ام في المستقبل مالم يصار الى معالجة المشكلة جذريا. 
ناهيك عن تلوث هواء البصرة بملوثات عديدة لا تقل عن تلوث هوائها نتيجة الانتاج المتزايد للنفط والغاز في البصرة وانتاج الكهرباء من خلال الاعتماد على النفط الاسود والغاز وما يصاحب هذا الانتاج من كميات متزايدة من ملوثات صناعية ان معاناة المدينة من التلوثات نتيجة توليد الطاقة ينبغي ان يتم حله من خلال مشاريع ستراتيجية في استخدام الطاقة النظيفة وعلى راسها : طاقة الشمس وباطن الارض وكذلك طاقة الرياح فالبصرة غنية بكل هذه الموارد وبالامكان توليد طاقة كهربائية للتخفيف من تلوث اجواء المدينة التي تولد الكهرباء من خلال وقود الغاز والنفط الاسود وما يصاحب هذا التوليد والذي يعتبر الاول في العراق من ملوثات عديدة لاجواء
 المدينة . 
وتعتبر طاقة الرياح والشمس من ارخص انواع الطاقة كما ان انحسار الغطاء الاخضر في المدينة نتيجة التجريف للاراضي الزراعية، هذا الغطاء الذي يسهم والى حد بعيد في حصر تاثير هذه الملوثات من بدون ان يكون للحكومتين المحلية والمركزية حلول وخطط  بهذا الشأن ودون ان يكون للاحزاب والفئات المتصارعة على خيرات المدينة اي حلول او وقفات جادة لانقاذ البصرة وابنائها من معاناة طالت  وكبرت حتى نجد اليوم ان الامراض السرطانية وغيرها تفشت بشكل مخيف في هذه المدينة نتيجة الاسباب التي ذكرناها ان الاهتمام بالجوانب البيئية في البصرة سيسهم وبشكل كبير بتخفيف معاناة ناسها الصحية والبيئية لما للبيئة من اثر كبير في ديمومة عطاء هذه المدينة، فالى المتصارعين عليها، الم تقرؤوا هذه التقارير، الا تؤثر بكم؟ الى متى تنظرون للبصرة على انها بقرة حلوب فحسب، وليذهب سكانها للجحيم فحري بكم ايها المتصارعون ان تقفوا لحل مشاكلها بدلا من كل هذه الصراعات التي لم ولن تقدم شيئا لابنائها المبتلين بتلوث هوائهم ومائهم، الهواء والماء العنصران اللذان ذكرهما الفلاسفة بالاضافة للنار والتراب لتكوين الكون باكمله . ولا انسى كمية النفايات المتزايدة في هذه المدينة المليونية دون ان تكون هناك مشاريع حقيقية للتخلص من النفايات ومع تراجع الخدمة البلدية اليوم في البصرة نجد ان النفايات بدأت تنتشر وبشكل مخيف مع تحذيرات اطلقها ناشطون بيئيا في المدينة، وسبق لها ان تسلمت شركات مبالغ خيالية لتنظيف البصرة كان من الممكن ان تستخدم في انشاء مشاريع كبيرة لتدوير النفايات الا انها ذهبت ادراج الريح وبقيت البصرة تأن تحت اطنان من النفايات .. فالى المتصارعين على المدينة متى تقفون لحل هذه المشكلات البيئية بدلا من التفكير في كيفية السيطرة على مقدرات المدينة بدون النظر الى معاناة ابنائها؟؟؟