هلا بالخميس!

آراء 2019/08/03
...

 حسين الذكر
بعد منتصف 2004 ، وفيما كان العراقيون ما زالوا يعيشون تحت تاثير دهشة وهول وامل التغيير، شاركت بندوة إعلامية في كلية الاعلام جامعة بغداد وقد ذكر المحاضر حينها قائلا : ( لا احب التحدث عن اثنين :الدين والسياسة) .. وقد صدمتني الكلمة آنذاك واخذت أحاول ان اجد الف تبرير وتفسير لما قاله الدكتور، فكيف يوجه نخبا إعلامية من دون ان يكون لهم راي بأهم ملفين حياتيين هما الدين والسياسية، ففيما يرى البعض ضرورة فصلهما والتعاطي معهما كلاً على حدة باعتبار ان الدين مسالة روحانية بحتة تتعلق بالتطلع نحو السماء ، يرى اخرون ان السياسة ملف براغماتي شائك كل شيء جائز فيه حتى ما لا يعد أخلاقيا اذ تكون الغاية مبررة للوسيلة .. بمعنى ان له بعدا دنيويا واحدا .. قطعا هناك آراء أخرى تعتقد بشكل راسخ ان الدين يفقد الكثير من بريقه ومعناه ان لم يدخل في صلب الشأن الاجتماعي أي بمعناه السياسي بشكل أوسع !
فيما نعيش أزمة ملفات فساد وفشل اداري واسع مستشرٍ باغلب المؤسسات، سألني صديق بإحدى المرات قائلا:-  لماذا خدمة الاتصالات في اغلب دول الجوار افضل مما في العراق، فتعبئة الرصيد هناك تكون بثمن ارخص وخدمات افضل ومدد أطول، فيما هنا نتعرض للتحايل وسيل الرسائل غير المنتهية التي تستهدف جيب المواطن وسحب رصيده بشتى الطرق ،فضلا عن شكوى المواطنين التي لم يسمعها احد في ما يخص سرعة استهلاك الرصيد مع غلاء ثمنه .. كما ان اليات الاستقطاع ما زالت تحسب بطريقة الدقائق مع حسابات عجيبة ورسائل متشابكة مربكة غريبة.. ). ذلك وغيره من وجعية التعاطي التواصلي والاتصالي ذكرني بما القيته بمحاضرة عن الاعلام وكيفية الاستخدام الأمثل لمواقع التواصل رياضيا ، وقد انتقدت فيه ضمنا منظومة الاتصال العام في البلاد وقد كان ممثل احدى شركات الاتصال حاضرا ، فاقترب مني قائلا: (صدقني أستاذ ان ما قلته صحيح جدا ، لكننا موظفون ليس بأيدينا شيء ، واذا ما اردنا التغيير او التاثير في سياسة الشركات الاتصالية فيجب ان تقوم الحكومة بهذه المهمة عبر تحسين بنود العقود بشكل يستهدف تطوير عمل المنظومة وتقديم خدمات افضل للمواطنين).
 قبل أيام كنت برفقة وزير سابق وقد تحدثنا بامور حياتية شتى عجبه فيها طرحي فطلب مني ان أكون معهم بكروب خاص يجمعه مع نخب – من أصحاب الكفاءة والعقول الحرة – كما قال، فوافقت فورا باعتباري اعلاميا وصحفيا ابحث عن مساحات اكبر للتاثير في الراي العام في ظل اضمحلال تاثير الصحافة الورقية .. لكني فوجئت بطلب طريف من السيد الوزير سماه بالبسيط : ( ان من شروط الانضمام الى كروبنا تتطلب من المنتمي ألاّ يتحدث بالدين ولا بالعشائر ولا صباح الخير ولا اخواتها من جمعة مباركة وهلا بالخميس ).. مع اني ضحكت لكني وافقت بلا تردد بعد ان شممت في الطرح جنبة مقبولة مما تسببه بعض الاتصالات من ربكة واستهداف وتشويش واضح بقصدية ام بدونها على المتواصل العراقي تحت كم هائل من روتينية الصور والبوستات الجامدة واخواتها بشكل يعد معطلا للوعي وقاتلا للوقت ومثيرا للسخرية أحيانا ..) .