مخاطر صحيَّة محتملة للإصابة بأمراض القلب

من القضاء 2019/08/17
...

متابعة / الصباح 
توجد الدهون المشبعة بكميات كبيرة في اللحوم ومنتجات الحليب كامل الدسم والكعك والبسكويت وزيت النخيل وزيت جوز الهند.
وإذا كنت ممن يتبعون إحدى الحميات الغذائية الشائعة الآن المعتمدة على تقليل الكربوهيدرات - كحمية “كيتو” أو “باليو” - فلابد وأنك تتناول من الدهون المشبعة أكثر من الحد الموصى به رسميا. وينطبق الأمر نفسه على من يسير مع موجة انتشرت في الآونة الأخيرة من إضافة بعض الزبد أو السمن إلى القهوة صباحا، إذ يسهل تجاوز حد الـ 20 غراماً للنساء والـ 30 غراماً للرجال الموصى به في بريطانيا.
ويتفق أغلب العلماء على أن الإفراط في الدهون المشبعة يرفع مستويات الكوليسترول في الدم، وهو ما قد يؤدي لضيق الشرايين واحتمال الإصابة بالسكتة القلبية أو الدماغية. لكن عددا من العلماء يقولون إن المشكلة في أمراض القلب ليس سببها الدهون المشبعة، وإنما السبب في ذلك هو الالتهاب المزمن.
وتنصح الجهات الصحية بأغلب البلدان السكان بتقليل الدهون، وخصوصا المشبعة، ومنها نصائح بريطانية توصي بألا يتلقى الجسم أكثر من 35 بالمئة مما يحتاجه من طاقة (سعرات) من الدهون، ونحو 50 بالمئة من الكربوهيدرات، دون أن يعتبر هذا إفراطا في الكربوهيدرات.
وفيما يتعلق بالدهون المشبعة، توصي بريطانيا بنسبة أقل، لا تتعدى 11 بالمئة مما يتناوله الفرد من سعرات غذائية، بينما توصي الولايات المتحدة ومنظمة الصحة العالمية بأقل من 10 بالمئة، أي نحو 20 غراماً للنساء و30 غراماً للرجال يوميا ً
أما الرابطة الأميركية للقلب فتذهب لأبعد من ذلك، إذ توصي بنسبة خمسة أو ستة بالمئة فقط.
 
ما القول الفصل ؟
تعرب لين غارتون، خبيرة تغذية بهيئة “هارت يو كيه” البريطانية للقلب المعنية بالكوليسترول، عن قلقها من تشجيع الناس حاليا على تناول الدهون المشبعة. وتقول إن الفرد يتناول فعلا ما يزيد عن حاجته من الدهون المشبعة، فالشخص في بريطانيا يحصل في المتوسط على 12.5 بالمئة من سعراته الحرارية من الدهون المشبعة، رغم التزامه بالحد الموصى به من الدهون إجمالا، أما الأميركي فيتناول 11 بالمئة في المتوسط من سعراته من الدهون المشبعة، والأسترالي 12 بالمئة.
وتقول غارتون: “تسهم عوامل عدة في رفع مستوى الكوليسترول في الدم، وليس أقلها الإفراط في تناول الدهون المشبعة، وهو ما أكدته الدراسات منذ الخمسينيات”.
وتضيف غارتون أنه قد يكون من الأفضل للبعض تناول أقل حتى من الموصى به من الدهون المشبعة، وخاصة من تتوافر لديه عوامل أخرى تعرضه للإصابة بأمراض القلب.
 
استبدال الدهون
لكن الدهون المشبعة ليست دائماً المسؤولة عن تدهور الصحة، فهي مجرد عنصر واحد من عناصر غذائية عديدة تؤثر في الإصابة بأمراض القلب، وتترابط جميع تلك العناصر فيما بينها.
وحتى حين نستغني عن الدهون المشبعة فإننا قد نستبدلها بأشياء أخرى ليست أقل ضررا.
والاستعاضة عنها بالسكر أو الدقيق ربما أكثر ضررا
واستندت بعض المنظمات الدولية إلى أدلة علمية للتوصية بخفض الدهون المشبعة واستبدالها بدهون غير مشبعة، فقد أشارت دراسة إلى أن استبدال خمسة بالمئة من السعرات المأخوذة من الدهون المشبعة بنفس النسبة من الدهون غير المشبعة المتعددة (الموجودة في أسماك السالمون وزيت عباد الشمس والجوز والبذور) أو من الدهون غير المشبعة الأحادية (كزيت الزيتون وزيت بذر اللفت) قلل احتمالات الوفاة لأي سبب بنسبة 19 بالمئة و11 بالمئة بالتتابع.
ووجد أن البدائل “الصحية” للدهون المشبعة في الحالتين قللت الإصابة بالسكتة القلبية، كما قللت الإصابة باستبدال الدهون المشبعة بالكربوهيدرات.
لكن حين تُستبدل الدهون المشبعة بالسكر والنشويات البيضاء، كالدقيق الأبيض، تزداد مخاطر الإصابة بالسكتة القلبية أكثر.
ويقول بيتر كليفتون، أستاذ التغذية بجامعة جنوب أستراليا المشارك في الدراسة، إن “أغلب النصائح الغذائية ببلدان كبريطانيا وأستراليا والولايات المتحدة تقر بالمردود الصحي على القلب عند استبدال الدهون المشبعة بغير المشبعة.”
ويضيف: “للأسف حين بدأت الصناعات الغذائية إنتاج بدائل منخفضة الدهون في الوجبات الجاهزة والحلوى والزبادي وغيرها، زادت نسبة السكر فيها، وهو ما لا يقلل على الأرجح من خطر الإصابة بأمراض القلب”.
كما أن بعض أنواع الأحماض الدهنية المشبعة التي تشكل الدهون المشبعة تكون أقل ضرراً من غيرها. 
كذلك يختلف الأمر فيما يتعلق بمنتجات الحليب، ففي الجبن والزبادي ربما يقلل الكالسيوم أثر تلك الأغذية في رفع كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة، عن الأثر الذي يحدثه لحم الخنزير المملح مثلا. وربما يفسر ذلك ما لوحِظ من عدم ارتباط تناول منتجات الحليب (ومنها الكامل الدسم) بأمراض الشريان التاجي.
تقول غارتون: “سمعنا جميعا عن معمرين تجاوزوا المئة وكانوا يكثرون من تناول الزبد والقشطة وغيرها. لكن بالنسبة لمعظم الأشخاص، من الأفضل الإكثار من تناول الخضراوات والفاكهة والحبوب المكتملة ومصادر الدهون غير المشبعة كالجوز والأسماك الدهنية”.
وتنصح غارتون بالنظر لكامل ما يتناوله الفرد من طعام وشراب، والإكثار من المفيد منه، بدلا من التركيز على عناصر بعينها.