د. باسم الابراهيمي
تكتسب العلاقات العراقية - التركية اهمية كبيرة للبلدين على المستويات كافة، ومن المرجح ان تتزايد اهمية هذا العلاقات، لاسيما في الجانب الاقتصادي مستقبلا، نظرا للممكنات الاقتصادية لدى البلدين والحاجة المتبادلة بينهما بما يحفز خلق العلاقات التكاملية التي تجسر العلاقة بينهما في المجالات الاخرى، وتشير بعض الاخبار الى وجود زيارة مرتقبة للرئيس التركي مع نهاية هذا العام الى العراق وهي فرصة لفتح آفاق افضل للبلدين، ولكن يبقى السؤال: هل نحن على استعداد لادارة الملفات المشتركة بما يحقق فرص النجاح؟
ان مستقبل العلاقة مع الدول المجاورة في اطارها الستراتيجي يجب ان تعتمد ما يعرف بـ"السياسة العليا" (High Policy) وهي رؤية سياسية لمستقبل تلك العلاقات، على ان تاخذ بنظر الاعتبار، اولا تأثير تطور العلاقة على العلاقات العراقية الاخرى الاقليمية والدولية، اذ ان العلاقات التجارية (على سبيل المثال) بين العراق ودول العالم تعتمد على ما يمكن تسميته بـ"اللعبة الصفرية" (Zero Game) ففي الوقت الذي تزداد فيه ارباح دولة معينة، فان ذلك بالتاكيد سيكون على حساب خسارات تجارية لدولة اخرى في ضوء وجود حجم تجاري محدد للعراق، وبالتالي فان تحسن العلاقة مع دولة قد يثير حفيظة دول اخرى ، ثانيا مستقبل الادارة السياسية والاقتصادية في الدولة المعنية واثر ذلك على العلاقات الجيوسياسية بين البلدين من جهة والدول الاقليمية من جهة
اخرى.
وبالعودة الى العلاقات الاقتصادية تحديدا مع تركيا فانها جزء من السياسة الدنيا (Low Policy) ويمكن ادارتها وفقا للرؤية العليا من خلال اسقاطها على مستوى القطاعات: تجارة، نفط، استثمار، نقل، مياه ...الخ، وبما يتوافق مع السياسة العليا وحسب المصلحة الاقتصادية المستقبلية للعراق من خلال اعادة هندسة العلاقات العراقية التركية عبر جعل الاقتصاد يمثل "القاطرة" التي تقود السياسة وليس العكس ويمكن ان يكون مبدأ الادارة المعتمد في كل قطاع مختلف عن القطاع الاخر، سواء باستخدام المشاركة اوالتكامل او التعاون، وحسب نقاط القوة والضعف في كل ملف، الا انها بالنتيجة يجب ان تدار في اطار رؤية بعيدة الامد تؤسس لعلاقات جوار تستلهم عمق العلاقات والروابط التأريخية للبلدين والفرص المتاحة بالتعاون بعيدا عن الصراع والتنافس التي لن تعود على الطرفين الا
بالخسارة.