حين اجتاحت عصابات داعش الارهابية ، مدينة الموصل في حزيران من عام 2014 ، كانت وسائل اعلام ومواقع الكترونية عديدة ممولة من جهات محلية وإقليمية، وأخرى مجهولة التمويل، تنفخ بكل أنفاسها في هذه البالونات البشرية بشكل أسهم في تضخيم وتهويل حجم هذه العصابات وعناصرها الذين وصفوا بـ»المقاتلين الأشداء» و»شديدي البأس» تارة
أخرى، بحسب وكالات وقنوات فضائية كان يشار بها بالمهنية، الا ان ارادة العراقيين المحبين لبلدهم سرعان ما كشفت زيف ما يدعون، حين تلاشت البالونات عن مساحة التهويل، وكُشف ضجيج انفجاراتها عن هواء فاسد ليس أكثر، على الرغم من الدمار الذي خلفته اعمالهم التي استهدفت التاريخ الانساني في مدينة الموصل، والتدمير الذي لحق بالمدن جراء القصف المتواصل لطائرات
التحالف!، وكأن مجريات الأحداث كانت خاضعة لإرادات تعمل على التأثيرات السمعية والبصرية في صناعة التهويل والتعمية على الدلالات التي تؤشر باتجاه من صنع «داعش» ونفخ في كيانها، ثم هيأ لها أجواء العرض مصحوبة بالمؤثرات الموسيقية والسينوغرافيا على مساحة مسرح الأحداث في اطار حرب نفسية أكدت للقاصي والداني، ان مجريات الأحداث
كانت خاضعة لإرادات دولية راحت تتدبر شؤون منطقة الشرق الأوسط برمتها وفق استراتيجية الصدمة بهدف قبول شعوبها بالحلول الجاهزة التي ستأتي بها الرساميل الأجنبية ، في اطار التحول بشكل النظم السياسية والاقتصادية من الدولة الراعية الى ما يسمى بالدولة الليبرالية التي تديرها سلطة رساميل العولمة، والتي ستمنح العقل الراديكالي اليهودي حق التواجد على مساحة أرض الميعاد مع زوال حدود الدولة التي ستفرضها العولمة الاقتصادية.
وحتى لا نكون من مريدي فلسفة الشك التي ابتدعها «رينيه ديكارت» بحسب المحتوى الاعلاني الذي يفهمه البعض، ولا نقع في تهمة نظرية المؤامرة التي سرعان ما توجه للمنهج العقلي في قراءة الأحداث، سنترك لمعتمدي غيبوبة الوعي، المتحمسين لإلقاء التهم، مهمة تفسير وتدبير عمليات الدعم اللوجستي وبيع النفط المهرب وعمليات التمويل المالي التي كانت تتم عبر مصارف عاملة في أربع دول من دول المنطقة، فضلا عن الدعم الميداني الذي وصل الى حد نقل المصابين من أفراد هذه العصابة الى مستشفيات الكيان
الاسرائيلي.
وأخيرا نتمنى أن يكشف لنا معتمدو غيبوبة الوعي عن جدوى الدراسة التي صدرت مؤخرا عن معهد أبحاث الأمن القومي بجامعة تل أبيب، بشأن الخطأ الأكبر لزعيم «داعش»، أبو بكر البغدادي، والذي بسببه سقطت خلافته، فهل هذا المعهد المعني بقضية الأمن الاسرائيلي والمنشغل بدراسة عناصر الضعف في التجربة الداعشية، يحاول تقييم مخرجات التجربة، أم يريد اعادة انتاجها؟.. أو ربما يتسلى العاملون في هذا المعهد لقضاء ساعات الدوام الرسمي وحسب؟