الغرب يتهرب

آراء 2019/08/25
...

ساطع راجي
لعقود من السنين، قدمت الدول الغربية سيلا من النصائح والتوجيهات للدول العربية والاسلامية بهدف محاصرة التطرف الديني والقضاء على التوجهات الدينية العنفية ووصل الامر الى حد التدخل من قبل الغرب في السياسات التربوية والاعلامية والاجتماعية لدول عربية واسلامية، واتضح لاحقا عدم جدوى تلك النصائح والتدخلات بل انها جاءت بنتائج معاكسة والاخطر ان الدول الغربية نسيت نفسها وداوت الناس وهي عليلة، اذ تبين وجود مفاقس عملاقة للتطرف والعنف الديني بالنسختين الاسلامية والمسيحية، واذا كان التطرف المسيحي يلاحق الجاليات المسلمة ويضايقها ويعتدي عليها، فإن التطرف الاسلامي الغربي ساهم في تحطيم مجتمعات ودول 
عربية.
لقد شارك الاف المتطرفين الاسلاميين الاوربيين في الاعمال الاجرامية لتنظيم داعش الارهابي، والدول الاوربية اليوم تحاول التنصل من مسؤولياتها في ملاحقة ومعاقبة هؤلاء المجرمين الذين انضموا لتنظيم داعش الارهابي في العراق وسوريا على اراضيها، وهي تفعل كل شيء لتفادي استلامهم ومقاضاتهم في محاكمها، وعادت الى اساليب النفي عبر اسقاط الجنسية عن مواطنيها المتورطين بالإرهاب في الشرق الاوسط، وتريد من دول المنطقة وفي مقدمتها العراق مقاضاة ومعاقبة هؤلاء رغم ان الغرب بحكوماته ومؤسساته الشعبية، لطالما وجه الانتقادات لقوانين دول الشرق الاوسط الخاصة بمكافحة الارهاب والاساليب التي تعتمدها الاجهزة الامنية والقضائية في التعامل مع الارهابيين، لكن هاهو الغرب اليوم يجد نفسه امام الحقائق القاسية فيتناسى 
انتقاداته.
تبرر الحكومات الغربية تهربها من مقاضاة مواطنيها الارهابيين بذريعة استغلالهم للثغرات القضائية للإفلات من العقاب ومن ثم عودتهم للشوارع في اوربا ليشكلوا خطرا امنيا ومجتمعيا كبيرا، لكن هذا ليس الا جزءا من الصورة، فمقاضاة الارهابيين الاوربيين في اوطانهم تعني تحميل الحكومات هناك مسؤوليات عديدة، تبدأ من تجاهلها لبؤر تصنيع التطرف في بلدانها ثم الكشف عن خرائط تحرك وتنقل الارهابيين الاوربيين عبر القارة وصولا الى الشرق الاوسط وما سيمثله ذلك من تهديد للعلاقات الدولية والكشف عن التخادم والفساد اللذين سمحا لآلاف الارهابيين بالتنقل السهل بين البلدان بلا اعتراض.
كانت الحكومات الغربية تحمل حكومات الدول الاسلامية مسؤولية تطرف وعنف أفراد من مواطنيها، وحان الوقت لكي تتحمل الحكومات الغربية المسؤولية عن تطرف وعنف مواطنيها حتى لو كانوا مسلمين او من المتجنسين حديثا بجنسياتها، وان تأخذ بنظر الاعتبار ان سهولة تجنيد ووصول مواطنيها المتطرفين الى الشرق الاوسط يرفع من مستوى اتهامها بالتورط في تصنيع الارهاب او التهاون معه.