عدوان إسرائيلي خطير يستهدف لبنان وسوريا

قضايا عربية ودولية 2019/08/26
...

بيروت / جبار عودة الخطاط 
في إطار السعار الإسرائيلي الذي ينفتح على عدة ساحات إقليمية في المنطقة؛ شهدت الضاحية الجنوبية فجر أمس الأحد انفجارات نجمت عن سقوط طائرتين مسيرتين إسرائيليتين "درون" إحداهما كانت محملة بالمتفجرات، الطائرتان سقطتا في منطقة معوض شارع ماضي من الضاحية الجنوبية لبيروت حيث يتواجد المركز الإعلامي لحزب الله.هذه الحادثة وبما تنطوي عليه من أبعاد خطرة تزامنت مع غارات إسرائيلية بطائرات مقاتلة جرت فجر الاحد واستهدفت مراكز وصفتها إسرائيل بأنها "مراكز لإيران ولحزب الله في سوريا".

 واستهدفت إحدى الغارات محيط مقام السيدة زينب "عليها السلام"، في حين استهدفت غارة أخرى منطقة عقربا في ريف دمشق التي تبعد نحو خمسة كيلو مترات عن المقام، وأسفرت الغارات الإسرائيلية عن استشهاد عنصرين من حزب الله هما "حسن يوسف زبيب" من بلدة النميريّة الجنوبيّة و"ياسر أحمد ضاهر" من بلدة بليدا الجنوبيّة.
 
حادثة الضاحية
وبالعودة الى حادثة الضاحية الجنوبية فجر الأحد، فقد سمع في منطقة معوض من الضاحية والمناطق القريبة منها دويّ انفجار جرّاء سقوط وانفجار طائرَتَيْن إسرائيليَّتَيْن مسيّرتَيْن. 
المسؤول الإعلامي في حزب الله، محمد عفيف، أفاد بأنّ "الحزب لم يُسقط أي طائرة" من الطائرتَيْن الإسرائيليَّتَيْن المسيّرتَيْن اللتين سقطتا فوق الضاحية الجنوبية، مؤكّداً أنّ "الحزب سيكون له ردٌّ قاسٍ على ما جرى في كلمة الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله في بلدة العين"، وأضاف أنّ "الطائرة المسيرة الثانية سببت أضراراً لدى تحطّمها في أحد أحياء الضاحية الجنوبية قرب المركز الإعلامي لحزب الله".
النائب عن حزب الله في البرلمان اللبناني علي عمار وصف لـ "الصباح"، بأن "ما حصل هو عدوان إسرائيلي سافر وخرق مرفوض ونحن ننتظر الرد الحاسم عبر ما يطلقه الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله من كلمة فصل، وإن إسرائيل لن تهنأ بعربدتها أبدا". 
بينما بادرت قيادة الجيش اللبناني، الى إصدار بيان بشأن الحادث جاء فيه: إنه "بتاريخ 25 / 8 / 2019 الساعة 2:30 فجراً، وأثناء خرق طائرتي استطلاع تابعتين للعدو الإسرائيلي الأجواء اللبنانية فوق منطقة معوض -  حي ماضي في الضاحية الجنوبية لبيروت، سقطت الأولى أرضاً وانفجرت الثانية في الأجواء متسببة بأضرار اقتصرت على الماديات، فيما ذكرت مصادر مقربة من حزب الله إصابة 3 أشخاص بجروح طفيفة داخل المركز الإعلامي التابع لل‍حزب في الضاحية الجنوبية من جراء شظايا انفجار الطائرة الإسرائيلية.
وعلى الفور حضرت قوة من الجيش وعملت على تطويق مكان سقوط الطائرتين واتخذت الاجراءات اللازمة، كما تولت الشرطة العسكرية التحقيق بالحادث بإشراف القضاء المختص".
في السياق نفسه، نقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية، عن مصدر خاص قوله: إنّ "الطائرة التي أسقطت في ضاحية بيروت الجنوبية، فجر الأحد، هي طائرة استطلاع إسرائيلية متطورة لديها مهمات عسكرية لزرع عبوات ناسفة، ومجهزة لتنفيذ عمليات اغتيال".
 
تحركات عسكرية
الى ذلك، شهدت سماء لبنان لا سيما مناطق الجنوب في صور وصيدا وصولاً لإقليم التفاح صباح وظهيرة أمس الأحد وحتى ساعة كتابة هذا التقرير؛ طلعات جوية وتحليقاً مكثفاً للطائرات الاسرائيلية وأحياناً يكون الطيران منخفضاً وبشكل استفزازي.
كما كشفت مصادر مطلعة لـ "الصباح"، عن "تكثيف الجيش الاسرائيلي من حركة دورياته المدرعة والراجلة على طول الخط الحدودي الفلسطيني -اللبناني الممتد من مرتفعات الوزاني وحتى مرتفعات شبعا وكفرشوبا المحتلة، وشوهدت آليات نوع (هامر) في محور العباسية وعند الطرف الشرقي لبلدة الغجر المحتلة، كما لوحظت حركة دوريات غير عادية عند بركة النقار وجبل سدانة في ظل تحليق مكثف لطائرات استطلاع دون طيار في أجواء قرى العرقوب وفوق مرتفعات جبل الشيخ". 
مواقف رسمية
وفي أول تعليق لبناني رسمي، قال رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون: إن "الاعتداء الاسرائيلي الذي تعرضت له الضاحية الجنوبية لبيروت فجر الاحد، بواسطة طائرتي استطلاع مسيرتين سقطتا في أحد أحيائها، عدوان سافر على سيادة لبنان وسلامة أراضيه وفصل جديد من فصول الانتهاكات المستمرة لقرار مجلس الامن الرقم 1701، ودليل إضافي على نية إسرائيل العدوانية واستهدافها للاستقرار والسلام في لبنان والمنطقة".
وأشار عون، الى أن "لبنان الذي يدين هذا الاعتداء بشدة سوف يتخذ الاجراءات المناسبة بعد التشاور مع الجهات المعنية".
من جانبه، صرح رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري واصفاً ما جرى في الضاحية الجنوبية بأنه "اعتداء إسرائيلي مكشوف على السيادة اللبنانية"، مؤكداً ان "الاعتداء الإسرائيلي هو خرق واضح للقرار الدولي 1701"، داعياً دول العالم المؤثرة للضغط على إسرائيل للكف عن اعتداءاتها المتكررة".
فيما شدد وزير الدفاع اللبناني الياس بو صعب في تصريحات من جنوب لبنان على إصرار بلاده على مواجهة الاعتداء الإسرائيلي وقال: إن "ما جرى في الضاحية الجنوبية لبيروت فجر الاحد، الذي تم تنفيذه بواسطة طائرتي استطلاع مسيرتين خرقتا الأجواء اللبنانية، هو خرق فاضح للقرار 1701 بل هو الأخطر منذ العام 2006 كونه مس بأمن المدنيين، وشكل خطراً على الملاحة الجوية"، داعياً المجتمع الدولي إلى "عدم السكوت عن هذه السابقة الخطرة". 
 
مجلس الأمن
بدوره، أوعز وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل للمندوبة اللبنانية لدى الأمم المتحدة في نيويورك أمل مدللي للتقدم بشكوى فورية إلى مجلس الأمن الدولي لإدانة الخرق الاسرائيلي الخطير للسيادة اللبنانية الذي حصل في الضاحية الجنوبية.
وقد أصدرت وزارة الخارجية والمغتربين بياناً جاء فيه، إنه "في سياق الخروقات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية، والتي زادت وتيرتها في الفترة الاخيرة، حيث بلغت 481 خرقا في شهرين، أتى الخرق الاسرائيلي الذي نفذته طائرتان من دون طيار مجهزتان بقوة نارية، والذي استهدف العاصمة بيروت فجر الأحد على علو منخفض مريب يستدل منه محاولة إسرائيلية فاضحة للاعتداء على الممتلكات وعلى المدنيين الآمنين معا، مما يشكل خرقا جسيما للسيادة الوطنية واعتداء سافرا على لبنان وتهديدا جديا للاستقرار في المنطقة". 
وأضاف البيان، "لقد تقدم لبنان لدى الأمم المتحدة في نيويورك بشكوى فورية إلى مجلس الأمن الدولي لإدانة هذا الخرق الخطير للسيادة اللبنانية، مؤكداً حرص لبنان على تنفيذ القرار 1701، الذي تقابله إسرائيل يومياً بخروقات متكررة تروع بها اللبنانيين وتهدد أمنهم، إن حرص لبنان على الالتزام بقرارات الشرعية الدولية وتمسكه بالاستقرار لا يسقط حقه في الدفاع على السيادة الوطنية والقيام بما يلزم لصونها".
 
 
تصريحات إسرائيلية
وفي أول تعليق إسرائيلي بعد سقوط الطائرتين بالضاحية الجنوبية، أكد متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إن إسرائيل ستلاحق ما أسماه بـ "الوجود الإيراني وعناصر قوة حزب الله في كل مكان، في لبنان وسوريا وكل مكان".
في المقابل، نفى أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران محسن رضائي، أن تكون غارات إسرائيل قد استهدفت أهدافاً إيرانية في سوريا فجر الأحد وقال رضائي: "إسرائيل وأميركا لا تملكان الجرأة على مهاجمة المواقع الإيرانية".
وتأتي تصريحات رضائي بعد تصريح وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس أمس الأحد، بأن "إسرائيل ضربت وجود إيران في سوريا"، في إشارة إلى الغارة الإسرائيلية على سوريا مساء السبت وفجر الأحد.
وقال كاتس: إن "الطيران الإسرائيلي عمل الليلة الماضية على ضوء حقيقة أن ثمة عملية واسعة النطاق يتم الإعداد لها لضرب أهداف إسرائيلية من الجو، عملية سلاح الجو استهدفت (رأس الحية)"، على حد وصف الوزير الإسرائيلي. 
وأضاف كاتس، "كان الهدف من الضربات إرسال رسالة واضحة بأن إيران ليس لديها حصانة في أي مكان"، مشيراً إلى أنّ "الجيش الإسرائيلي كان يراقب - ما زعم بأنه مخطط منذ أشهر عديدة - قبل أن يقرر شن الهجوم على القواعد في جنوب شرق دمشق".
وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قد علق على الضربة الإسرائيلية الأخيرة على سوريا ولبنان، قائلاً: إنّ "إيران لن تتمتع بحصانة في أي مكان"، وذكر أنه أعطى توجيهات بالاستعداد لكل "السيناريوهات المحتملة". 
وفي تغريدتين على حسابه الرسمي في موقع "تويتر"، علّق نتنياهو على الغارة الإسرائيلية على قرية عقربا بريف دمشق، قائلاً: "أحبطنا بفضل جهود عملية كبيرة هجوما على إسرائيل من قبل (فيلق القدس الإيراني) و(ميليشيات شيعية) وأؤكد أنه لا حصانة لإيران في أي مكان.. أي مكان"، بحسب قول نتنياهو. 
واللافت هو رد موقع "واي نت" العبري على تصريح نتنياهو من قبل إيهود باراك رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق و"عضو المعسكر الديمقراطي" بالقول: إن "ما فعله رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هو ثرثرة مباشرة بعد العملية في سوريا ولبنان، الثرثرة العلنية تنبع من اعتبارات سياسية، لا علاقة لها بالردع، بل بقشر البيض السياسي"، وهذا ما ذهب إليه محللون من ان نتنياهو يحاول تحسين حظه الانتخابي في موقعة الانتخابات التي ستجرى بعد أيام في تل أبيب. 
 
رؤية لبنانية
الباحث اللبناني عباس غصن أكد لـ "الصباح"، ان "ما حصل في الضاحية الجنوبية هو عمل أمني-عسكري واضح، وهي محاولة بائسة ويائسة لفرض قواعد ردعية جديدة، وهو ما لم ولن يقبل به حزب الله، وإن إسرائيل تحاول أن تعيد الأمور الى ما كانت عليه قبل عام 2006 اي قبل انتصار تموز.. ولكن هيهات".
فيما أكد المحلل فيصل عبد الساتر، ان "الطائرات الإسرائيلية لم تغادر سماء لبنان، وإن خروقاتها مستمرة ولابد من وقفة صلبة للجمها وإفهامها أن سماء لبنان لن تكون مستباحة". 
هذا وقد نظم حشد من الإعلاميين وقفة تضامنية أمام مكتب العلاقات الإعلامية التابع لحزب الله في الضاحية الجنوبية الذي تضرّر جرّاء سقوط الطائرتين الإسرائيليتين عليه فجر الاحد، معربين عن استنكارهم الشديد للعدوان الاسرائيلي.