ورد في الباب الثاني ( السنة سادت ثم بادت ) من كتاب العلامة الدكتور علي ثويني( الالسنية العراقية) القول ص165 ان كلمة طعم الآرامية هي طعام العربية، وان حرف الحاء لا يلفظ عند سريان نينوى ويستبدل بالخاء فالمسيح مسيخ، كما أن حرف العين لا يلفظ وبديله الالف. ويقول ايضاً (مازال الناس في سهل نينوى من السريان يتحدثون مع أطفالهم بمفردات آشورية أكدية وليست سريانية مثل( أوفا = الطعام ، بخ= الذبح) وغيرها كثير .
ويتحدث د. ثويني عن علاقة المندائيين باللغات العراقية فهم يكتبون لغتهم ويقرؤون بالآرامية ويستخدمون عبارات دخلت صلب المصطلحات الدينية الآرامية مثل ( اللهم ) و(سبحان) و( طاغوت ) و هو يذكر عشرات المفردات المندائية التي دخلت الى العربية مثل كلمة شاطر ( التي وردت بـ صيغة فرق الشطار في بغداد العباسية ، وترد في الآرامية بصيغة :shotouro التي تعني الجاهل .. وليس ذكياً، كما ترد في وصفنا اليوم)
ص166.
ويورد ثويني الكثير من المفردات الآرامية السريانية مازالت مستخدمة في الفصحى والعامية مثل كلمة (لكن ) بالكاف الفارسية بلفظ Lagno وتعني طستا من الصفر و الصفر والتنك كلمتان آراميتان ذاتا اصل سام و يقول ايضاً ص167 (شتل بمعنى نصب او غرس، وفي العراق نتداول اسم مشتل، المشتقة منها ونجد كلمة دبس وكلمة حلفاء)
ويورد ثويني مئات الكلمات السومرية والمندائية والبابلية القديمة التي مازالت مترسخة في الفصحى والعامية العراقية ويذكر بعض الطرائف عن التسميات العراقية مثل ( مناتي ) التي تعني بالآرامية الواهب او الكريم وكذلك ( مهاوي ) ويعني المحبوب أو المرغوب به و( شلش ) التي تعني الثلاثي ومنها (سيلاسي ) الحبشية وكان ملكها الاخير هو هيلا سيلاسي أي الثلاثي الحي ، وهو يتحدث عن اصول الكثير ولكننا ننقل عنه هنا ما جاء في (جا) بالجيم التي هي بلفظ H الانكليزي و( لعد ) البغدادية وكلمة ( أكو ) العراقية .
يقول ثويني ص170 مانصه ( كلمة أكو التي تميز العراقيين عن كل الجماعات اللغوية في الدنيا تفيد لمعنى يوجد ويقول عنها العلامة طه باقر أنها كلمة أكدية بنفس المعنى ، ويرى الشيخ جلال الحنفي أنها لفظة صابئية قديمة، فيما يرى عبد اللطيف ثنيان أن كلمة (أكو) تعني (موجود)وهي كلمة محرفة عن كلمة (أيخو) الكلدانية ، وهكذا تختلف تحليلات الفيلولوجيين العراقيين في اصول الكلمة
الواحدة)
وكلمة (جا) العراقية العامية في وسط وجنوب العراق التي تعني لماذا مرة والتي تلفظ مع الكلمة الاخرى الشهيرة ( شلون ) لتكون (جاشلون ؟ )الاستنكارية مرة والتأكيدية مرة والهازئة مرة اخرى ، حسب لفظها وسياقها الدلالي تعني : ماذا – ماذا دهاك – لماذا .. الخ ،وهي كلمة مندائية قديمة و تقابل كلمة جا الشركاوية الجنوبية كلمة ( لعد ) البغدادية العامية ، ولن نجد لجا الجنوبية ولعد البغدادية شبيهاً في اللهجات العربية سوى كلمة ( ما ) الموصلية .
السرديات العربية المحلية المفترضة ...ماذا بعد؟
يطالب البعض ان تختص اللهجة الجنوبية بسرديات الجنوب –الوسط وأن تختص الانبار وسواها بالسرد البدوي ، بحيث تنشأ من المحكيات العراقية العربية العامية بالضرورة محكيات مناطقية متعددة ،وذلك في تقديرهؤلاء اقرب الى حيوية السرد وجماليته والى بناء يستطيع الاحاطة بحيوية المفردة ،لكننا نجد ان المفردة الشعبية المناطقية تظل جميلة في الحوار لا في السرد بمجموعه، ولا نريد أن تمتد بنا الظنون المزعجة في تحويل لهجات المناطق المحلية الى لغات مستقلة تنسلخ عن العربية مثلما انسلخت اللغات الاوروبية الحديثة من اللاتينية والتيوتونية مثل الايطالية والالمانية والفرنسية والاسبانية .... ثم تتشظى اللغة العربية بعد مئتي عام أو أكثر الى لغات حلية وعمارية وبصرية وموصلية وتكريتية ..الخ ، وصولا الى تشظيها في العالم العربي الى : قاهرية- اسكندرانية –زنتانية – أغاديرية – تطوانية – بيروتية – طرابلسية وغيرها
كثير .
ماالذي سنحصل عليه لو تشظينا وتحولت اللهجات المحلية الى لغات؟ هل ذلك ضروري حقاً ان محاولات البناء اللغوي المناطقي ليست جديدة فقد بدأها منصور فهمي في مصر في عشرينيات القرن الماضي وروج لها سعيد عقل وسواه في لبنان ، والفرق كبير بين كتابة الشعر الشعبي والزجل والقصيد البدوي وبين اعتماد اللغة المحكية في البناء السردي وما يتبعه بعد هذا من كلام نقدي وتحليلي .
الا يرى الاستاذ شوقي خطورة ما يريد أن نصل اليه بعد حين ؟ كل التحيات له لانه نبهنا الى خطر مقبل يحدق بهويتنا الحضارية
والثقافية .