شارع الشلامجة

آراء 2019/08/26
...

د. حسين القاصد
في هذا العصر الذي تمكن فيه التطور العلمي من تحديد مكانك اينما كنت، ووجهتك أينما أردت أن تذهب؛ بات كل شيء عن الشخص معروفا لدواعي أمنية أو لحاجته هو الى تلك المعرفة؛ حيث صار بامكانه استعمال الهاتف النقال للترجمة اذا كان في بلد اجنبي، وصار لا يحتاج الى دليل ولا يحتاج الى أن يسأل عن مكان يريد الوصول اليه، لأنه سيعتمد على الهاتف الذكي ليرشده الى المكان الذي يريد؛ ووفق هذه التقنية صار لمن يهمه أمر هذا الشخص أن يعرف مكان تواجده 
بسهولة . 
قبل أيام عدت من رحلة خارج العراق، وما ان وصلت مطار بغداد الدولي حتى سجل هاتفي المكان: بغداد، درجة الحرارة : كذا ، الوقت بحسب توقيت بغداد: كذا؛ فعرف من يهمه أمر وصولي اني وصلت بغداد، واني، تحديدا، في مطار بغداد  الدولي .  
 بعد ربع ساعة من مغادرتي المطار باتجاه مكان سكني، سجل هاتفي دخولي الى شارع الشلامجة!!؛ يا الهي.. هل تهت عن الطريق؟، قلت ربما يكون المطار مطار البصرة، والجميع خدعوني، بدءا من شركة الطيران، مرورا بختم الدخول الى العراق، وانتهاءً بهاتفي الذي ربما فقد ذكاءه، وإلا كيف صار شارع الشلامجة قريبا من مطار بغداد ولاتفصله عنه سوى مسافة ربع ساعة. 
 وانا في هذه الحيرة المفبركة، خلت ان اصدقائي الذين ودعتهم بعد ان التقينا خارج العراق، خلتهم يحاولون الاتصال بي ليسألوني، اذا كنت انوي الذهاب الى ايران فلماذا لم أخبرهم، ولماذا لم اسافر مباشرة الى ايران بالطيارة بدلا من الوصول الى العراق ثم السفر عبر الطريق البري الى ايران!!؛ كثير من (اللماذات) صرت اسمعها وتمارس الصخب في تفكيري وانا جالس جوار صاحب (التكسي) الذي ينتظر مني النزول فقد وصلت الى  بيتي !!. 
طيب، سأنزل ، نعم ، هذا هو بيتي، لكن هاتفي مازال مصرا على اني في شارع الشلامجة؛ وهو الاسم الذي ارتبط بذاكرة حرب دامية لثمانية اعوام ، فضلا عن كونه اسما لمنفذ حدودي بين العراق 
وايران. 
  اظنك عزيزي القارئ اذا كنت على علاقة باسماء شوارع بغداد ومستشفياتها ومدارسها، اظنك عرفت اين يقع منزلي، فأنا بكل بساطة في شارع اطلقت عليه امانة بغداد ، بعد سقوط النظام الساقط، اسم شارع الشلامجة، وهي الاسماء التي كان يلجأ اليها الطاغية المقبور تخليدا لمعاركه العبثية. 
 ترى ما علاقة شارعنا بالشلامجة؟ وما هي مناسبة هذه التسمية؟ ثم هل تخلو مدينتنا من اسماء ادبية او فنية او رياضية ليكون الشارع مرتبطا بأحد هذه الاسماء؟ سؤال نضعه على مكتب المسؤولين في امانة بغداد لعلنا نجد جوابا.