ما زال مصير عشرات الآلاف من المفقودين في العراق مجهولا إذ يتقدم العراق دولا كثيرة في أعداد المفقودين حسب إحصائيات منظمة الصليب الأحمر الدولي نتيجة الحروب الطويلة التي خاضها العراق في زمن النظام السابق ومقابره الجماعية وتغييبه لمعارضيه ونتيجة الأحداث التي مرت بعد إسقاط ذلك النظام إضافة الى جرائم الإرهاب بمختلف أنواعه, القاعدة وداعش والتنظيمات المتطرفة والميليشيات المسلحة الأخرى وما نتج عنها من ممارسات الخطف والسبي والتهجير القسري وجرائم أخرى ارتكبتها عصابات الجريمة المنظمة علاوة على ضحايا الصراعات الداخلية الطائفية والعشائرية .كل هذا جعلنا نتعامل مع ملف للاختفاء القسري يحوي ما بين 250 ألفاً الى مليون ضحية ومفقود تتكبد
أسرهم تكلفة إنسانية ثقيلة ومستمرة وتفتقر الى إجابات شافية بشأن مصير أبنائها فالمفقود هو شخص مجهول المصير فهو ليس شخصا حيا فيعود الى عائلته وليس شخصا ميتا فيحظى أهله بقبر ورفات لتبقى تلك الأسر تعيش فترة طويلة من المعاناة وتتعلق بحبال الأمل بعودة أبنائها يوما في ظل غياب الإجابات الواضحة .
ونحن هنا اذ نستذكر معاناة هؤلاء الضحايا في يوم المفقودين العالمي لا ننكر محاولات الحكومة العراقية في معرفة مصيرهم بالتعاون مع منظمة الصليب الأحمر الا اننا نطالب الحكومة بالسعي الجدي لتطوير الأساليب والأجهزة التي تساعدنا في معرفة مصير المفقودين وإعطاء إجابات شافية لذويهم بالإضافة الى تمكين أهالي الضحايا من الحصول على الحقوق التي تساعدهم على مواصلة الحياة في ظل فقدان المعيل الرئيس للأسرة .كما ندعو للتعاون الدولي وتدويل الجرائم التي ساهمت في فقدانهم والاستعانة بآخر ما وصل إليه علم الطب الشرعي في العناية بالموتى والبحث عن المفقودين لتحقيق التقدم في هذا الملف المهم والمتعلق بحياة الناس ومستقبلهم. وقد حظي العراق بمساعدة دولية من قبل منظمات إنسانية ومنها اللجنة الدولية لشؤون المفقودين ومنظمة الصليب الاحمر الدولي التي قدمت خدمات جليلة للعراق وحتى العالم، ولاسيما أنها تعمل في ظل ظروف صعبة منها جمع المعلومات والاستدلال على المقابر، وانتشال رفات المفقودين منذ سنوات طويلة ومن دون وجود اي معلومات تدل على هويتهم الا بعد اخضاع العينات لفحص الحمض النووي.
ما نريد ان نقوله هنا هو ان الحروب والنزاعات لا تنتج سوى الالم والفقدان والموت ولقد عانى العراق الكثير من الويلات بسبب الحروب إذ فقد الكثير من شبابه ورجاله واطفاله ونسائه وعلى الحكومة العراقية الحالية ان تسهم في التخفيف من تلك المعاناة وتساعد مواطنيها بجميع الطرق وان تعمل على الاستفادة من الدعم الدولي وتفعيل القوانين والاتفاقيات الدولية كاتفاقية جنيف 1949 وتوسيع برامج مشاركة المعرفة مع المنظمات الدولية والدول المجاورة وغيرها من البرامج التي تدعم جهود العراق في إنشاء ستراتيجية فعالة لتحديد مصير الأشخاص المفقودين ومعالجة هذا الملف المهم والمؤلم.