عماد الامارة بغداد/ مصطفى الهاشمي
علت في الآونة الأخيرة أصوات برلمانية طالبت بإعادة العمل بالنقود المعدنية (العملة المسكوكة) واعادة ادخالها الى التداول، فضلا عن اعادة النظر بمشروع حذف الاصفار الثلاثة من العملة العراقية، في وقت عد فيه اقتصاديون ذلك بانه جزء من عملية الاصلاح الاقتصادي الكبيرة في البلد.
خطة ستراتيجية
ذكر الاكاديمي الاقتصادي الدكتور عصام محمد حسن ان "البنك المركزي قرر في وقت سابق وضع خطة لاستحداث نقود معدنية كجزء من خطة إعادة هيكلة العملة التي تتطلب موافقة مجلس النواب كونها خطة ستراتيجية ستسهم في دعم قيمة الدينار العراقي في التداولات
المالية".وبين ان "تغيير العملة يعني ان تحل فيها عملة نقدية جديدة محل عملة قديمة، بنسبة استبدال محددة وتتم بازالة اصفار العملة القديمة او تحريك المراتب العشرية نحو اليسار"، مضيفا أن "جزءا من خطة إعادة هيكلة العملة والمصارف تتضمن استحداث نقود معدنية للتداولات المالية لدعم الاقتصاد الوطني".
ورأى حسن أن "مشروع العملة المعدنية، الذي اطلق في 2004 لم ينجح لغياب الإصلاحات الاقتصادية الشاملة لدعم القيمة المالية للدينار في السوق العالمية"، موضحا أن النقود المعدنية ستكون من العملات المهمة المتوسطة التي ستستخدم للتداولات والتعاملات التجارية
الداخلية".وقال ان" حذف الأصفار وإعادة العمل بالعملة المعدنية له علاقة بالاصلاحات الاقتصادية كون المسكوكات، و بسبب متانتها، أطول عمرا من العملة الورقية التي تتلف بسرعة"، مستدركا ان " ضخ عملة معدنية مسكوكة يتطلب وجود قبول من الجمهور لتجنب الوقوع في المأزق الذي حدث في 2004"، مبينا ان ذلك يتطلب نشر ثقافة لتوعية الجمهور بالجدوى الاقتصادية من العملة المسكوكة".
حذف الأصفار
بدوره قال الاكاديمي الاقتصادي في كلية الادارة والاقتصاد/ جامعة الكوفة الدكتور عبد الحسين الغالبي: "لا تقتصر عملية تغيير العملة على حذف الاصفار فحسب بل يمكن ان تتم باضافة عدد من الاصفار او تحريك المراتب العشرية نحو اليمين كما حدث في جنوب افريقيا عام 1961 ، لكن الحالة السائدة ابان الخمسين سنة الماضية في اغلب البلدان هي حذف الاصفار بسبب التضخم المفرط الذي تشهده كثير من البلدان ما يحتم عليها اضافة الاصفار لعملاتها في تلك الظروف ، ثم التخلص من الاصفار في نهاية
المطاف" .وأكد الغالبي ان "تغيير العملة لا يؤثر في الانتاجية، فضلا عن ان هذا التغيير لا يؤثر في القوة الشرائية للنقود، لان القوة تاتي للعملة من زيادة الطلب عليها مقابل العرض النقدي، وطالما ان القوة الشرائية لا تتغير فان الطلب على العملة والعرض النقدي لا يتغيران، لان حذف الاصفار لا يخول المؤسسات النقدية والبنك المركزي بطبع المزيد من النقود وضخها في
الاقتصاد".
واضاف الغالبي ان "البنك المركزي مقيد بما موجود من نقد في عملية الاستبدال، اما التجارة الخارجية فان وضعها لن يتاثر اذ ان اثمان الصادرات ستستمر نفسها من دون تغيير، وكذلك مدفوعات الاستيرادات لا تتاثر لان التبادل الخارجي يتم بالعملة الاجنبية مقابل المحلية التي تبقى دون تغيير لان القوة الشرائية للعملة
لا تتغير".
فوائد متعددة
ذكر الغالبي ان " تغيير العملة وحذف الاصفار يحققان فوائد متعددة منها ان تغيير العملة يقود نحو كفاءة اكثر للعملة المحلية بتقليل عدد الاصفار، لان كثرة الاصفار يضخم حجم التفاعلات لتصبح بالملايين والمليارات والترليونات، ما يعقد العمليات المحاسبية ويولد ضغوطا على المحاسبين وعلى المتعاملين بشكل
عام".
وبين انه " بعد تغيير العملة سيحدث تخفيض جدي في حجم المعاملات بكمية اقل من النقود، ما يسهل على جميع الاطراف التعامل بها ولاسيما
المحاسبين" .
الخداع النقدي
أفاد الغالبي بان "تغيير العملة يخفض من ظاهرة الخداع النقدية التي يعاني منها الناس بوجود عدد كبير من الاصفار التي تدفع نحو توليد الضغوط التضخمية، كما ان تغيير العملة يؤشر للمجتمع المحلي والاسواق الدولية بان الحكومة جادة في ازالة التضخم، وان الاقتصاد يتجه نحو بداية جديدة خالية من التضخم
الجامح".
واستطرد ان "تغيير العملة يقود الى ثقة اكبر في النقد المحلي ومصداقيته، وعند وجود عدد كبير من الاصفار في العملة المحلية يفقد الناس ثقتهم بها، لاسيما ذوي المعاملات التجارية في اسواق الجملة والمستوردين، اذ سيستبدلون العملة المحلية بعملات دولية مستقرة كالدولار أو اليورو، ما يعمق ظاهرة الدولرة في الاقتصاد المحلي، التي تضعف السلطة النقدية وتقلل من فاعلية السياسة
النقدية .