الحب كلمةٌ تبحث عنها كل الكائنات الحيَّة على وجه أرضنا الكرويَّة لأنها تنمي في دواخلنا صفة العطاء والبقاء, فكما يحتاج الجسد للغذاء لينمو ويكبر تحتاج الروح للحب حتى تُزهر وتُشرق حتى نتمكن من منحه للآخرين.
يطمح كلّ شاب وشابة سواء كانا مدركين للحياة أو لا, لإيجاد شريك حياة تتوفر فيه مواصفات حلم بها كلاهما يكون الحب بداية لها فمن الاختيارات المصيريَّة التي يتخذها الإنسان هي اختيار مع من تريد أنْ تكمل حياتك معه ولعلَّ الحب هو الحافز الرئيس الذي يدفع للإقدام على هذه الخطوة التي تتبعها خطوات أخرى
مكملة لها.
دراسات حديثة
تظهر الدراسات الحديثة في علم النفس والاجتماع أنَّ الحب بداية لكل شيء نختاره سواء العمل أو الزواج أو السفر, فحبنا لعملنا يجعلنا في حالة إبداع وعطاء وتألق مستمر وحبنا لشخص ما يجعلنا لا نتصور أنْ نعيش من دون أنْ يشاركنا فيها, وحبنا للاطلاع على حياة الشعوب يدفعنا لاستغلال أي فرصة للسفر والتعرف على مجتمعات أخرى طالما سمعنا عن تطورها وجمال طبيعتها، إذنْ كل شيء يمر علينا مرتبط بالحب.
ويولي العلماء الزواج أهمية كبيرة في دراساتهم وبحوثهم، فعندما يشعر الشخص بأنه محبوب ومقبول لشخصه لا لشيء آخر وأنَّ الطرف الآخر يبادله الاهتمامات والأفكار ذاتها عندها سيُنشئ أسرة متكاملة يملأ علاقاتها الحب والسلام، فبالحب يسمو الإنسان ويرتقي، وستسير الأمور الحياتيَّة لكليهما وفق منطق واقعي لا تهزمه الأزمات.
فالزواج المبني على الحب يطول عمره ويظل أفراده يرتوون سعادة وهناءً، وعلى العكس من الزواج التقليدي الذي يفتقر الى أبسط مقومات استمراره فتكون الحياة فيه عبارة عن مشاحنات، شجارات، انتقادات، عدم رضا كلا الطرفين عن الآخر، وعدم تقبلهما لبعضهما وهو ما يحاول الكثيرون عدم خوض تجربته أو حتى التفكير فيه، رغم أنَّ البعض منا يحاول ولوج هذه التجربة علها تكون نادرة من نوادر العصر لكنها للأسف تأتي بنتائج سلبيَّة تنعكس مستقبلاً على ثقة الإنسان بنفسه وباختياراته المستقبلية.
فالأولاد المولودون من أبوين متزوجين عن حب سينشؤون أسوياءً في المجتمع قادرين على حب بعضهم البعض، لا يكنون الكره والضغينة في أنفسهم أو للآخرين، لأنَّ الأطفال يتعلمون فنون الحب من خلال سلوك الوالدين مع بعضهما، فهو السلوك والنتيجة الطبيعيَّة لمثل هذا النوع من الزواج، والذي بدونه تختل العلاقة وتفقد توازنها, والعكس نراه في الزواج الآخر.
في أحيانٍ قليلة جداً قد ينجح الزواج التقليدي لكنَّ الطرفين يأخذان الكثير من الوقت لكي يفهم كلٌ منهما الآخر، وقد ينعكس الزواج التقليدي على الأطفال من خلال عدم شعورهم بالحب والألفة بين الوالدين؛ فالحب من شأنه أنْ يذلل جميع الصعاب والمشاكل التي قد يواجهها الزوجان في حياتيهما.غذوا حبكم بالإخلاص واعطوه الطاقة وإلا لن تروا السعادة..أنا شخصياً ضد الزواج الكلاسيكي زواج الاختيار من قبل الأهل والمعارف، فالأفضلية الآن هي للزواج القائم على الحب, فنلاحظ أنَّ بعض الأسر عندما يصبح ولدهم في سن الزواج يختارون له من تكون قادرة على الإيفاء بمتطلباتهم هم من ترتيب وتنظيف وتهيئة الطعام لا متطلباته هو من حبٍ واهتمام ورعاية واحترام، وبالتأكيد سيكون الفشل حليفاً لحياتهم، عندها سيــُذّيل اسم ابنهم بكلمة مطلق ومطلقة.
قصص وحكايات
تقول باسمة.ع (28 عاماً) ربة بيت تزوجت زواجاً قبلياً: “تزوجت ولا أعرف كيف سيكون زوجي؟ ما هو عمله؟ طباعه؟ أفكاره؟ موافقتي عليه جاءت لرغبتي في التخلص من مشاكل البيت وعمله الشاق وقلت إنَّ الزواج فرصة للهروب من الجحيم المقدر الذي لا مفر منه, لكنْ للأسف عشنا غرباءً غير منسجمين, أنا وهو لم نكمل الدراسة, كانت حياتنا عبارة عن شكوك وإهانة متواصلة, طغى عليها شظف العيش حتى أبسط متطلباتي الشخصية لم يستطع تلبيتها, حتى وصل الأمر للطلاق، لذلك أيقنت أنَّ الزواج بهكذا طريقة سيكون مصيره الفشل لا محالة”.
أما في المهجر فتقول ك ، م (مطلقة): “هجرني زوجي بعد زواج دام عشرة أعوام دبرته والدتي لي بعد زواج أخواتي وخوفاً من حديث الأهل والجيران حول تأخر زواجي أسرعت بالبحث عن أي شخص مناسب لي من وجهة نظرها, المهم خلال أيام قليلة جداً تمت الخطوبة والزواج كأنني عبء عليها وخوفاً من العار الذي سيلحق بها فيما لو فاتني قطار العمر حسبما يقولون
, بدأت المشاكل منذ الأشهر الأولى لزواجي فكرت عدة مرات بالانتحار لكنَّ خوفي من الله منعني وأملي في أنَّ الحياة ستبتسم لي يوماً ما، وهكذا استمرت حياتي البائسة بمباركة أهلي الذين لم يكلفوا أنفسهم عناء السؤال عنه أو عن عائلته, مع مرور الوقت عرفت أنه يخونني وعندما واجهته بالأمر أنكر وطلقني وقال لي كان من المفروض أنْ تشكريني لأني رضيت بك, الكلمة جرحتني، ما حدا بي الى محاولة الهروب من كل شيء وتوكلت على الله واحتضنت بناتي وسافرت الى تركيا وخرجت مع مجموعة من الأسر العراقيَّة الباحثة عن الأمان بعد معاناة كبيرة لأبني لي ولأطفالي حياة جديدة بعيداً عن كل ما يسبب لنا الحزن والشقاء, حياة تسودها الحرية
والقانون”.