الصباح / نافع الفرطوسي
أعتادت الصين ان تتلقى ضربات الرئيس الاميركي دونالد ترامب الموجعة وتغريداته التي تهلل لفرض رسوم حمائية جديدة ضد السلع والمنتجات الواردة من الصين، لكنها قررت ان تسدد ضربة مباغتة للاقتصاد الأميركي حينما أعلنت لجنة الرسوم الجمركية بمجلس الدولة في الصين أن البلاد تعتزم فرض رسوم جمركية انتقامية على سلع أميركية مستوردة إضافية بقيمة 75 مليار دولار، الأمر الذي يهدد برفع حدة النزاع التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم ويهدد بالتالي النمو العالمي .
ويحدث هذا بالرغم من ان المحادثات التجارية مع الصين لاتزال مستمرة حتى بعد اعلان “بكين” فرض رسوم جمركية على سلع أميركية بقيمة 75 مليار دولار.
الصين تباغت ترامب!
الرسوم الجمركية التي أعلنت الصين البدء بتطبيقها بنسب تتفاوت مابين 5 و 10 بالمئة ،سيجري تطبيقها على مرحلتين، تنطلق أولاهما في الأول من أيلول المقبل،تليها المرحلة الثانية في 15 منه، وذكرت لجنة الرسوم الجمركية التابعة لمجلس الدولة الشيوعية في إعلان منفصل، أنها ستفرض رسوماً بنسبة 25 و5 بالمئة على السيارات الأميركية وقطع غيارها في 15 أيلول، ما يمهد لموجة تصعيد خطيرة في الحرب التجارية بين بكين و واشنطن كما سيطول أمد الحرب بين الجانبين لفترات ليست قصيرة.
وقالت وزارة التجارة الصينية في بيان “إنها ستفرض رسوما إضافية بنسبة خمسة أو عشرة بالمئة على 5078 منتجا أميركي المنشأ، منها منتجات زراعية كفول الصويا والذرة ونفط خام وطائرات صغيرة وسيارات”.
وزارة المالية الصينية أوضحت ان بكين ستفرض رسوما جمركية إضافية بنسبة خمسة بالمئة على فول الصويا الأميركي، وبنسبة عشرة بالمئة على لحوم الأبقار والخنازير الأميركية وذلك اعتبارا من مطلع أيلول المقبل وفقا لقائمة نشرتها الوزارة على موقعها الإلكتروني، كما ستطبق رسوما إضافية بنسبة عشرة بالمئة على القمح والذرة الصفراء والبيضاء اعتبارا من 15 كانون الأول المقبل.
رد أميركي
لم ينتظر الرئيس الأميركي دونالد ترامب كثيراً حتى أعلن إنه سيرفع الرسوم المفروضة على السلع الصينية التي تستوردها الولايات المتحدة ردا على قرار الصين بفرض رسوم جمركية على كمية إضافية قيمتها 75 مليار دولار من السلع الأمريكية.
وذكر ترامب في سلسلة تغريدات على موقع التواصل الاجتماعي المفضل له “تويتر” أن الرسوم المفروضة على كمية قيمتها 250 مليار دولار من السلع الصينية ستزيد من 25 بالمئة حاليا إلى 30 بالمئة ابتداءً من مطلع تشرين الأول المقبل، في حين سيتم فرض رسوم بنسبة 15 بالمئة وليس بنسبة 10 بالمئة، كما كان مقررا على الكمية المتبقية من الواردات الأميركية من السلع الصينية والتي تقدر قيمتها بحوالي 300 مليار دولار سنويا ابتداءً من أول أيلول المقبل، بحسب ما نقلته اليوم وكالة بلومبرغ للأنباء.
وسبق ان أشار ترامب في وقت سابق ، إلى أنه ربما يصعد الحرب التجارية مع الصين في غضون الساعات المقبلة بعد الجولة الأخيرة من الرسوم الجمركية التي فرضتها بكين ضد أميركا والتي أثارت من جديد المطالب للشركات الأميركية للبحث عن بدائل لإنتاج السلع في الصين.
إرجاء موعد
وتتضمن الرسوم الأميركية سلعاً من بينها الهواتف الخلوية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، على أمل تقليص تأثير الرسوم في المبيعات في موسم العطلات الأميركية حيث يركز الاقتصاد والشركات الأميركية على حجم مبيعات التجزئة للمستهلكين وخصوصا خلال عطلات الهلوين وعيد الشكر والجمعة السوداء انتهاءً بأعياد الميلاد.
إجراءات انتقامية
وسبق ان أعلنت بكين انها ستضطر لاتخاذ إجراءات مضادّة حتمية لمواجهة قرار الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية على سلع صينية بقيمة 300 مليار دولار.
وكان رئيس تحرير صحيفة جلوبال تايمز الصينية التي تصدرها صحيفة الشعب اليومية التابعة للحزب الشيوعي الحاكم في البلاد، قد أكد أن بكين ستكشف قريبا عن خطة لفرض رسوم جمركية انتقامية على منتجات أميركية محددة. وذكر “هو شي جين” على تويتر يوم “ الجمعة”، حسب معلوماتي، ستتخذ الصين خطوات مضادة أخرى ردا على فرض رسوم أميركية على سلع صينية بقيمة 300 مليار دولار. ستكشف بكين قريبا عن خطة لفرض رسوم جمركية انتقامية على منتجات أميركية محددة”. ولم تتضمن التغريدة المزيد من التفاصيل.
تضرر الأسواق
بمجرد تصاعد حدة النزاع بين القطبين الكبيرين تضررت أسعار النفط وتراجع خام برنت خلال التعاملات 0.56 بالمئة إلى 59.12 دولاراً للبرميل ونايمكس 1.59 بالمئة إلى 53.74 دولاراً، فيما صعد الذهب بدعم الإقبال على الملاذات الآمنة وارتفع سعر الأونصة 1.22 بالمئة إلى 1533.5 دولاراً، وصعدت الفضة 1.76 بالمئة إلى 17.14 دولاراً.
إجتماع الفدرالي
وتترقب الأسواق العالمية كلمة جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي، خلال منتدى اقتصادي سنوي لمجلس الاحتياطي في منتجع جاكسون هول، حيث قال باول إن الاقتصاد الأميركي في موضع مطاوع ومتكيف، وإن البنك المركزي سيتصرف بالطريقة المناسبة للحفاظ على النمو الاقتصادي الحالي، وهى تعليقات قدمت قرائن قليلة بشأن ما إذا كان البنك المركزي الأميركي سيخفض أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل أم لا. ووعد باول، الذي يتعرض لضغوط من الرئيس ترامب لإجراء خفض كبير وسريع في أسعار الفائدة، سلسلة من المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية التي يراقبها مجلس الاحتياطي، مشيراً إلى أن الكثير منها مرتبط بالحروب التجارية لإدارة ترامب مع الصين ودول أخرى.
لكنه ذكر: “الاقتصاد الأميركي يواصل أداءً جيداً بشكل عام.. استثمار الشركات وقطاع التصنيع تراجعا لكن نمواً قوياً للوظائف وزيادات في الأجور يقودان استهلاكاً قوياً ويدعمان نمواً معتدلاً بشكل عام”. مضيفاً أنه إذا عطلت الحروب التجارية استثمار الشركات والثقة وأسهمت في تدهور النمو العالمي، فإن المركزي الأميركي ربما لا يتمكن من إصلاح كل ذلك من خلال السياسة النقدية.
ومن المتوقع أن يفحص المتعاملون كلمة جيروم باول، في الوقت الذي تزيد فيه العوامل المعاكسة للاقتصاد ولا يُظهر النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين أي علامات على التراجع.وتفاقمت المخاوف بشأن احتمال حدوث ركود، إذ سجل قطاع الصناعات التحويلية في الولايات المتحدة أول انكماش شهري في نحو عشر سنوات.