هل يحصل لقاء بين الرئيسين روحاني وترامب؟

قضايا عربية ودولية 2019/08/28
...

صالح الشيخ خلف
 
 
انشغلت الاوساط السياسية الاقليمية وفي مقدمتها الايرانية بالمعلومات التي تحدثت عن لقاء محتمل بين الرئيسين الايراني حسن روحاني والاميركي دونالد ترامب بعد الزيارة المفاجئة التي قام بها وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف لمدينة بياريتس الفرنسية يوم الاحد الماضي حيث انعقدت قمة السبع بمشاركة الرئيس الاميركي  .
وكان من الصعب التصور ان زيارة ظريف كانت تمهيدية للقاء اكبر بين روحاني وترامب ما لم يعلن الرئيس روحاني بعد ساعات بتصريح غامض بانه « مستعد للقاء اي شخص من اجل خدمة مصالح الشعب الايراني».  لم يكن واضحا هل ان روحاني قصد لقاءه مع نظيره الاميركي ام انه كان يتحدث بشكل عام ؟ وهل انه اراد ارسال رسالة الى من يهمهم الامر في الداخل الايراني؟  ام ان رسالته كانت موجهة لجهات غربية ومنها باريس وواشنطن؟. 
الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وضع النقاط على الحروف عندما قال خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الاميركي مساء الاثنين: ان مشاورات جارية من اجل عقد لقاء بين الرئيسين روحاني وترامب معربا عن امله حدوث هذا اللقاء خلال الاسابيع المقبلة. الرئيس الاميركي قال بدوره انه يشعر باحساس جيد حيال ايران معربا عن اعتقاده ان روحاني يريد اللقاء به لحل مشكلاته التي يعاني منها .
حتى الان لا يوجد كلام واضح بشأن اللقاء وما يسبقه من تمهيدات لكن التكهنات ترشح نيويورك لاحتضان اللقاء على هامش اجتماعات منظمة الامم المتحدة في حين يذهب البعض الى ان اللقاء ربما يحدث في باريس استنادا للدور الذي يقوم به الرئيس الفرنسي ماكرون .
الايرانيون يعتقدون ان الرئيس ترامب مولع بأخذ الصور التذكارية على غرار ما فعله مع نظيره الكوري الشمالي من دون ان يتم التوصل الى نتائج واضحة لكن السؤال المطروح، هل ان اللقاء ممكن؟ وما هي نتائجه؟ من الناحية النظرية، لا يوجد مانع امام لقاء روحاني ترامب على الرغم من وجود بعض العوائق الداخلية الايرانية تقف في مقدمتها الخسائر الجمة التي سببها الرئيس ترامب لايران بانسحابه من الاتفاق النووي، وماهي فائدة اللقاء بعد ان فقد الرئيس ترامب كل مصداقيته لدى الشارع الايراني؟ خصوصا انه يريد هذه المرة ان يبحث مع طهران قضية نفوذها في المنطقة وصواريخها البالستية. واذا كان الرئيس روحاني – يقول الايرانيون - قد فشل في تحقيق نتائج الاتفاق النووي الذي توصلت اليه حكومته مع المجموعة السداسية الغربية وتحديدا في الجانب الاقتصادي، اذن مالذي سيجنيه من لقائه الرئيس الاميركي ؟ .
في الجانب السياسي لا يوجد هناك مستحيل، ربما ان الظروف داخل ايران وداخل الولايات المتحدة تفرض حدوث مثل هذا اللقاء من اجل كسر حاجز الجليد الموجود بين البلدين . لكن هل يستطيع اللقاء ان يكسر حاجز عدم الثقة الموجود منذ اربعين عاما؟.
لا احد في طهران يعتقد ان مثل هذا اللقاء – ان حدث – سينجح في ازالة حالة عدم الثقة الموجودة حاليا بين البلدين ، لان هذه الحالة من القوة يصعب التكهن من خلالها بآلية معالجتها والزمن الذي تحتاج اليه لذلك .
الرئيس الايراني اعرب عن استعداده للقاء ترامب من اجل مصالح شعبه . نظيره الاميركي قال انه غير مستعد لاعطاء ايران شيئا وان بلاده لا تنوي اعطاء خسائر للجانب الايراني لكن المصادر الخاصة ذكرت ان ترامب وافق على بيع ايران 700 الف برميل نفط يوميا لتمويل الصندوق الاوروبي «اينستكس» للتعامل التجاري مع ايران لافساح المجال للمفاوضات في اطار المبادرة التي اطلقها الرئيس الفرنسي ماكرون. 
الاوساط الايرانية تشكك كثيرا بجدوى لقاء ترامب روحاني خصوصا وان المباحثات الاميركية الكورية الشمالية لم تسفر عن نتائج مرضية ولم يتم الغاء العقوبات على الرغم من الضجة الاعلامية الكبيرة التي رافقت لقاءين بين الرئيسين الاميركي والكوري الشمالي. ثم ما هي الضمانات المتوفرة لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه بعدما علقت في ذاكرة الايرانيين عدم التزام الرئيس الاميركي بما يتعهد به ؟. الاكاديمي الاصولي الدكتور فؤاد ايزدي يعتقد «ان اللقاء مع ترامب لا يخدم سوى الحكومة الاميركية لانها واقعة تحت ضغوط سياستها الخارجية التي لم تؤد الى نتيجة تذكر. وان اللقاء يعطي ورقة بيد الرئيس ترامب الذي نجح في دعوة ايران لطاولة الحوار وهو غير مقتنع بالحوار معها. وسوف تدفع ايران امتيازات اكثر للجانب الاميركي اضافة الى ما دفعته في الاتفاق النووي الذي لم تستفد منه ايران شيئا حتى الان، خصوصا وان جميع المؤشرات لا تدل على ان السلوك الاميركي قد تغير عن سابقته” . 
وزير الخارجية جواد ظريف كتب تغريدة بعد زيارته لبياريتس قال فيها: « ان الطريق صعب لكنه يستأهل الامتحان. هذه هي الدبلوماسية . في المجال الدبلوماسي والعلاقات الدولية تطرح المبادرات عندما تتصاعد الازمة . ومن الطبيعي الا تصل بعض الجهود الى نتيجة. لكن الدبلوماسيين يبحثون عن الخيارات المتعددة ».
وتعتقد بعض الاوساط الايرانية ان لقاء ترامب روحاني ربما لا يصل الى نتيجة مشجعة لكن الدخول في مثل هذه الخطوة قد يؤدي الى خفض حدة التوتر بين البلدين عبر الخيارات السياسية السلمية .
ويقول الاكاديمي الاصلاحي هرميداس باوند «الخيار المتوفر حاليا هو المفاوضات . وليس بالضرورة ان تصل الى نتائج مرضية . لكن من اجل حل المشكلات يجب ان ندخل المفاوضات»   .
وفي ظل هذه التطورات لا يبدو وجود موقف موحد حيال لقاء ترامب روحاني في الداخل الايراني . الاصوليون كانوا واضحين بمعارضتهم لهذا اللقاء. وليس من الواضح بانهم سيقبلون فكرة اللقاء الذي يعتبر – ان حدث – من اهم الاحداث السياسية التي مرت على الجمهورية الاسلامية خلال الاربعين عاما الماضية . واذا كان جواب هذا السؤال صعبا، فهناك سؤال اكثر صعوبة هل سيتحقق اجماع وطني داخلي ايراني على قبول اللقاء ام انه سيزيد من الفجوة بين الاصلاحيين والمعتدلين من جهة وبين الاصوليين والمتشددين من جهة اخرى؟ .