أظهر استطلاع للغرفة التجارية البلجيكية (فوكا) أن نمو الاقتصاد البلجيكي تضاءل في الشهر الماضي، مع نمو محدود في قطاع الخدمات يكاد يعوض الضعف الذي اعترى المصنعين وشركات البناء جراء أزمة الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست) وتراجع النمو العالمي. وقال هانز ميرتنز رئيس الغرفة التجارية البلجيكية (فوكا)، إن "تراجع النمو الاقتصادي ربما سيكون أكثر تباطؤا من توقعات المحللين الاقتصاديين، بسبب تراجع الإنتاجية والمخاطر التي تعرضت لها بعض الاستثمارات."
وأوضح ميرتنز أنه "غير متفائل بتوقعات النمو لإجمالي الناتج المحلي، مع وجود تهديدات أخرى اضافة الى بريكست، مثل الحروب التجارية والاقتصاد الألماني الراكد".
تقلبات حادة
إن التنبؤ بالركود ليس مهمة بسيطة لكن إذا لم يتعاف الاقتصاد الألماني على المدى القصير وكان هناك خروج بدون اتفاق لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي في ثمانية اسابيع، فإن فرصة حدوث ركود في بلجيكا كبيرة .
لا شك أن حدث خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هو أحد أهم الأحداث الاقتصادية التي ستشهدها سنة 2019، وذلك بعد استفتاء 23 حزيران 2016 الذي عرف فوز معسكر الرافضين للوحدة الأوروبية بنسبة 51.9 بالمئة، النتيجة التي اعتبرها الكثيرون من الخبراء الاقتصاديين صدمة كبرى غير متوقعة للاتحاد الأوروبي والاقتصاد العالمي بصفة عامة.
وحذرت هيئات مالية حكومية اور,بية، من أن اور,با سوف تدخل دائرة الركود بسبب انخفاض الاستثمارات والفوضى التجارية، وذلك في حال خرجت لندن من الاتحاد الأوروبي (بريكست) بدون اتفاق في 31 تشرين اول المقبل، لان سيناريو الخروج بدون اتفاق يفاقم الغموض وانخفاض الثقة مما سيسهم في ردع الاستثمار، في حين تؤثر الحواجز التجارية الأكثر صرامة مع الاتحاد الأوروبي على الصادرات.
فمباشرة بعد ظهور نتائج الاستفتاء عرفت الأسواق المالية تقلبات حادة، وخسرت خلال اليوم التالي للاستفتاء نحو 3 تريليونhj دولار، وتراجع الجنيه الإسترليني واليورو مقابل الدولار الأمريكي بنسبة 11 بالمئة و4.5 بالمئة تواليا، لتسجل العملتان أكبر انخفاضhW لهما خلال يوم واحد خلال 31 عاما.
تزايد المخاوف
الشركات البلجيكية تقوم بالكثير من الأعمال مع الشركات الألمانية والبريطانية، والآن يبدو أن الاقتصاد الألماني سينتهي فعليا الى الركود بعد ستة اشهر من النمو السلبي - وهو ما حذر منه البنك المركزي الألماني الاسبوع الماضي ومن شأن ذلك أن يكون له تأثير سلبي قوي على الشركات البلجيكية، لذى فخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق سيصيب الاقتصاد البلجيكي بشدة، لأنه سيكون من الصعب جدا عندئذ التعامل مع الشركات البريطانية.
ومع اقتراب الموعد النهائي لخروج بريطانيا تتزايد المخاوف من تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على اليورو، وعلى المملكة البلجيكية التي تواجه مصاعب اقتصادية عدة في حالة خروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي.
حالة الاقتصاد
وفقا للغرف التجارية البلجيكية (فوكا )، تشعر الشركات بقلق متزايد من حالة الاقتصاد، وحسب دراسة إستقصائية لأعضاء الغرفة ، وجدت الدراسة أن 20 بالمئة من المستطلعين يتوقعون حدوث انخفاض في النشاط التجاري في الأشهر الستة المقبلة.
هذه زيادة هائلة منذ 18 شهرا ، حيث توقع 7 بالمئة فقط من المستطلعين حدوث انخفاض في النشاط التجاري، وتعتبر أيضا النتيجة الأكثر تشاؤما منذ بدأت الغرف التجارية البلجيكية في الاستطلاع بين أعضائها قبل ست سنوات.
وقالت فوكا، ان الأمر ينذر بالخطر، إلا أن النتيجة ليست مفاجئة، وأوضح بارت فان كراينيست ، كبير الاقتصاديين في فوكا ، أن" اهتمام الشركات يتلاءم مع سلسلة المؤشرات الاقتصادية المخيبة للآمال التي سجلت في الأشهر الأخيرة".
مستقبل مجهول
وقال فان كراينيست: ان "المشكلة ليست في الركود الاقتصادي، كتلك التي شهدناها في عام 2008، وإنما في تراكم الشكوك التي تثقل كاهل النشاط الاقتصادي"، وتابع قائلا: لسوء الحظ ، لا يوجد نقص في عدم اليقين: حرب ترامب التجارية، الاقتصاد الصيني المتعثر، خروج بريطانيا، مشاكل في الصناعة الألمانية، الأسواق المالية، وما إلى ذلك، فرصة أن يحدث ركود في الاقتصاد البلجيكي أكبر من أي وقت منذ عام 2013.
وقالت فوكا ،يمثل تدهور النشاط الصناعي في ألمانيا مصدر قلق خاص، وكذلك الاحتمال المتزايد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد 31 تشرين الأول.
ووفقاً لــ فان كراينست ، قراتبة 8 بالمئة من صادرات شمال بلجيكا المتجهة إلى المملكة المتحدة مهددة، ومن المرجح أن يتسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في التهديد بخسارة 28 ألف وظيفة في اقليم شمال بلجيكا (الفلاندرز).
تجنب الركود
وخلص فان كراينست إلى القول: من "الصعب التنبؤ بحالة الركود، لكن فرصة أن يحدث ركود في الاقتصاد البلجيكي بحلول نهاية العام ستكون أكبر اليوم مما كانت عليه في أي وقت منذ بداية عام 2013، وذلك ما لم يتعافى الاقتصاد الألماني على المدى القصير وتجنب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق، فمن المحتمل تجنب الركود، إذا حدث ما هو أسوأ من الأسوأ، ستتجه الشركات البلجيكية إلى الحكومات الفيدرالية والإقليمية لتقليل التأثير.
وقال هانز ميرتنز، رئيس الغرفة التجارية البلجيكية (فوكا) : إن "تراجع النمو الاقتصادي ربما سيكون أكثر تباطؤا من توقعات المحللين الاقتصاديين، بسبب تراجع الإنتاجية والمخاطر التي تعرضت لها بعض الاستثمارات، مع وجود تهديدات أخرى اضافة الى بريكيست، مثل الحروب التجارية والاقتصاد الألماني الراكد، يجب على جميع المستويات الحكومية حماية بلدنا من مثل هذه الصدمات الاقتصادية.