ليس لدى عبد المهدي مَنْ يسانده

آراء 2019/09/01
...


أحمد حسين
من المعروف أن السيد عبد المهدي لا يمتلك قاعدة جماهيرية واسعة، وحقيقة لا أعرف إن كان مؤيدوه يؤهلونه –عددياً- لنيل مقعد نيابي في حال رشح لانتخابات مجلس النواب، ولكن لا أظن ذلك، كما أنه منذ سنوات بلا حزب أو كتلة نيابية تدعمه، ولا مرجعية دينية أو سياسية تسانده، هذا هو واقع حال الرجل.

وفقاً لما مر ذكره، وهو ليس بخافٍ على أحد، الرجل وحيداً بكل ما تحمله الكلمة من معنى وليس لديه أي سلطة تمكنه من فرض إرادته إذا كانت تتعارض مع الكتل أو حتى مع كتلة واحدة كبيرة.
المحاصصة التي يتباكى منها الجميع رغم أنهم جميعاً جزء منها وهي جزء من أدواتهم الأساسية في العمل الحكومي والنيابي والمؤسساتي، ولكنهم رغم ذلك يتصارخون بأن حكومة عبد المهدي رسختها كعنصر أساس في تقاسم المغانم، هذه الآفة التي يشكو منها الجميع ليست بدعة ابتدعها رئيس الحكومة الذي لا يمتلك أي أدوات ضغط سواء كانت سياسية أو شعبية أو مرجعية ليفرضها على الكتل –إن كانت حقاً رافضة لها- بل أنها فرضت فرضاً على عبد المهدي ولم يجد سلاحاً يؤهله لمحاربتها، فهي آلية حكم تم اعتمادها منذ تشكيل حكومة أياد علاوي واعتمدتها حكومة إبراهيم الجعفري وسارت عليها حكومتا نوري المالكي ومررتها حكومة حيدر العبادي لتصل على عادل عبد المهدي كبند دستوري لا مناص من الأخذ به.
لكن الفرق بين السيد عبد المهدي ومن سبقه أنه مجرد من كل سلطة ودعم على عكس الآخرين الذين توافرت لديهم كل فرص إلغاء المحاصصة أو على أقل تقدير تحجيمها، وهو ما لم يحدث، لأنها كما قلنا ويعرف الجميع باتت آلية حكم وعقبة لا يمكن اجتيازها ولا اقتلاعها إلا بتغيير العملية السياسية برمتها والكتل والأحزاب الفاعلة وغير الفاعلة، 
المتنفذة وغير المتنفذة، المحاصصة 
هي بمثابة العتبة الانتخابية التي يجب على المرشح أن يحققها ليفوز بمقعد نيابي، وهي كذلك بالنسبة لتشكيل الحكومة وتسمية الرئاسات الثلاث ورئاسات وأعضاء اللجان النيابية 
والوزراء ووكلائهم ورؤساء الهيئات المستقلة والمدراء العامون، المحاصصة هي الأساس وكل ما سواه تابع لها، فهل يستطيع شخص أعزل من كل 
شيء مثل السيد عبد المهدي أن يتحول فجأة إلى (سوبر مارد) وليس سوبر مان ليقتلع كل هذه الثوابت التي درجت عليها العملية السياسية منذ 15 عاماً؟!.
من سبقوا عبد المهدي استندوا إلى قواعد جماهيرية واسعة بإمكانها شل حركة المرور إذا ما خرجت إلى الشوارع، وكانت الإدارة الأميركية وبعض الدول الصديقة والشقيقة إلى جانبهم، واحتكموا على موازنات فلكية، وجحافل مسلحة مستعدة لفعل أي شيء لحمايتهم وتقويتهم، وحظوا بدعم المرجعية الدينية العليا، ورغم كل ذلك لم يحققوا شيئاً في محاربة الفساد، ولم يقضوا على المحاصصة، ولم يحرروا مؤسسات الدولة من هيمنة السياسة، حتى المؤسسة العسكرية والأمنية كانت خاضعة لأمزجتهم، فإذا كان ذلك برغبتهم فهم الآن في عهد عبد المهدي ما زالوا يتمتعون بنفس سطوتهم وقوتهم إن لم تتعزز وتزداد أكثر، وإن كان ذلك رغماً عنهم مع ما تمتعوا به من نفوذ ودعم ولم يستطيعوا فعل شيء فكيف يطالبون الرجل بما لم يفعلوه أو لم يستطيعوا فعله؟!.
أخشى أن استمرار الضغط على السيد عبد المهدي سيحرم العراقيين من آخر فرص التحرر النسبي من سلطة
 الأحزاب.