نساءٌ بدأتْ حياتهنَّ الحقيقيَّة بعد الطلاق

اسرة ومجتمع 2019/09/02
...

بغداد/ زينب صاحب 
 
الزواج سنة الحياة الدنيا وبخوضه يتحقق الاستقرار والأمان ولكنْ! هناك كثيرات قررن الهروب منه بعد أنْ وجدن فيه “السجن” الذهبي لسبب أو لآخر وفضلن العيش بمفردهن وإكمال الطريق حتى لو كانت وعرة وقاسية وسط نظرات المجتمع المهينة محاولات التسلح بكل ما يملكن من قوة وعزم لتحدي كل الظروف المحبطة من حولهن..
صدمة كبيرة
أم محمد ذات الأربعين عاماً تسرد قصتها قائلة: “انفصلت عن زوجي قبل عشرين سنة من اليوم واتجهت الى بيت أهلي بعد الصدمة الكبيرة التي مررت بها حيث جلست فترة من الزمن مكتوفة اليدين فلا أستطيع الخروج بمفردي ولا يمكنني أنْ أعمل فهذا غير مسموح آنذاك لشدة هول موضوع الطلاق فلم تكن نسبته بالنسبة ذاتها التي هي عليها اليوم حتى أنَّ أهلي كانوا يشعرون بالعار بسببي وبكل فرصة تتاح لهم يسمعونني كلمات التأنيب واللوم فعشت أسوأ أيام حياتي الى أنْ قررت الانتفاض على نفسي أولاً وعلى جميع المحيطين بي ثانياً وبحثت عن العمل لأعيل نفسي وأطفالي وبعد فترة انتقلت الى منزلي الخاص لأحيا مع طفلي بسلام وقررت ألا أخوضَ التجربة مرَّة أخرى وأكرس وقتي لابني وابنتي وها أنا اليوم أصبحت جدة وحققت حياة هانئة لي ولأسرتي الصغيرة وسعيدة جداً بذلك فهو أفضل بكثير من بقائي مع الشخص الخطأ”.
 
خيار الحريَّة
كذلك تروي هدى سالم ذات الثلاثين ربيعاً حكايتها قائلة: “بعد انفصالي دخلت في تحدٍ مع المجتمع بغية تغيير نظرته تجاه المطلقات فقد توجهت للإعلام الذي يعرف بأنه أصعب مجال للعمل بوسطه خصوصاً بالنسبة للنساء وكان التحدي أنْ أعلن انفصالي داخله وبالمقابل أصون نفسي وأحصنها ضد دناءة بعض ضعاف النفوس لأثبت لهم أنَّ المطلقات لسن طعاماً سهلاً ولم ولن يكن نصف امرأة ترضخ لشهوات آدم أو إنها ترضى بالقليل لتطبق المقولة “ظل راجل ولا ظل حيطة” فهي إنسانة كاملة ولها مشاعر وأحاسيس ومن حقها الاختيار مرة أخرى والعيش بالحب فالطلاق هو خيارٌ للحرية وليس خياراً لاغتصاب تلك الحرية”.
أم عبدالرحمن (ثلاثينيَّة مطلقة) تقول: “تعرضت للتحرش في الكثير من المرات داخل الدوائر الحكومية وغير الحكومية وقد أصبت بالإحباط وكسر داخلي شيء لا أستطيع إصلاحه فقد شعرت بأني ضعيفة ولا أملك من أستند عليه وفكرت عدة مرات بالارتباط بأول شخص يتقدم لي لأستر نفسي من الفتن وأحتمي برجل يبعد عني كل الشبهات وكدت أسقط في الهاوية للمرة الثانية لولا فضل الله الذي أنار بصيرتي وكشف لي تحجر أفكار العريس الثاني وسيطرة الأفكار الشرقية عليه لذلك وبعد معاناة طويلة للنفاذ منه قررت أنْ أعلن قوتي وأضرب عن الزواج لأكمل مسيرة حياتي لوحدي وأكون بمثابة الأم والأب لابني ولم ينقص من الحياة شيء بدون رجل.. فالمرأة تستطيع شق الحياة بمفردها إذا كانت قوية ومؤمنة بذاتها”.
 
“سي السيد”
الكثير من النساء يرضين بالعيش المرير مع أزواجهن وسط أجواء الذل والإهانة والانتقاص ويتحملن الرعب المستمر هن وأطفالهن بسبب المشكلات التي تبدأ من موضوع صغير وتتطور لصراخ وعويل وتنتهي بالضرب وأحياناً في المستشفيات ومراكز الشرطة وبعد كل هذا الخراب تعود الزوجة مكسورة الخاطر وجريحة المشاعر لتكمل واجباتها المنزلية وكأنَّ شيئاً لم يكن حتى لا تسمى مطلقة وينتقدها 
المجتمع.
حنين شابة عشرينية تؤكد: “بعد أول مشكلة لي مع الـ”سي سيد” والتي بدأت بضربة على الرأس خرجت هاربة بملابس البيت ولم أعد ثانية وبعد استقبال أهلي لي ودعمهم النفسي والمعنوي استطعت إكمال دراستي في كلية الصيدلة وبدأت بالعمل ولم يسبب لي الطلاق أية صدمة فأنا أؤمن بقدرة الله على شفاء روحي وتعويضي بشريك حياة جديد”.
 
نهاية العالم
وفي هذا الصدد تحدثت الدكتورة هالة فالح (المستشارة الاجتماعية في شؤون الأسرة) موضحة: “يعدُّ الطلاق في مجتمعنا وصمة عار تلاحق المرأة ولذلك يصبح كابوساً يرافقها.. ولكن لو دققنا وأخذنا مفهوم الطلاق كما ذكره الله في القرآن الكريم لوجدنا أنه يوفر حياة أخرى لكلا الطرفين ويسمح لهم بتجربة ثانية قد تكون موفقة”.
واختتمت فالح بنصيحة قائلة فيها: “على المرأة أنْ تكون واعية وقوية. فالطلاق إذا كان الخيار الأخير فهو ليس نهاية العالم، عليها أنْ تطمح وتسعى وتعمل وتستمر من دون انكسار فانفصالها أفضل بكثير من الاستمرار مع زوج لا تتبادل معه الحب والود”.