مصاديق الولاء للثورة الحسينية

آراء 2019/09/02
...

محمد شريف أبو ميسم 
 
في أروع اشارة لمضامين الثورة الحسينية ، لفتت المرجعية الدينية العليا في خطبة الجمعة الماضي، انظار الناس الى مفهوم الانتماء والولاء للإمام الحسين عليه السلام ولرسالته الاصلاحية التي خرج من أجلها، فكان خطاب ممثل المرجعية الشيخ عبد المهدي الكربلائي واضحا حين قال “عندما ترتكب المنكرات وينتشر الفساد يكون من أدنى مصاديق الولاء والانتماء للإمام الحسين هو النهي  بالأساليب الشرعية والقانونية ومن دون ذلك يكون الانتماء كاذبا للإمام الحسين”.
عند هذا القول تكتفي الاشارة بالتلويح الى الانتماء، فمن يريد الالتحاق بركب سيد الشهداء الذي ضحى بنفسه وأهله من أجل الاصلاح في أمة جده، عليه أن يكون حسينياً في السلوك، رافضا العمل بأساليب الفساد تحت ضغط الضرورات، فلا يدع المبررات وان علت، سببا لدفع الرشى بهدف تيسير حصوله على خدمة يقدمه له موظف مرتشٍ بدعوى الاكراه، ولا يركن للحجج الواهية التي تتيح لسلوكه الاضرار بالمصالح العامة والخاصة، ولا يمد يد السكوت ليصافح امبراطوريات الفساد التي تحكمها الاقطاعيات والعوائل الادارية في المؤسسة التي يعمل بها، فما زال صوت سيدنا الحسين عليه السلام مدويا “الا من ناصر ينصرنا؟”. 
ومن يعلن الولاء للحسين عليه أن ينصر مصاديق الولاء والانتماء عبر أدق التفاصيل وفق سياقات الأساليب  الشرعية والقانونية التي أشار لها ممثل المرجعية. 
هكذا ينبغي أن يكون فهمنا لحقيقة الثورة الحسينية ومبادئها. مثلما كانت الاستجابة الجماهيرية والشعبية لفتوى الدفاع الكفائي التي عبرت عن حقيقة الولاء والانتماء للثورة الحسينية لتكون هذه الاستجابة شاهدا تاريخيا عظيما “ كما وصفها خطيب الجمعة” معبرا عنها بصدق الولاء للوطن وللدين ولرسالة الامام عبر دعوته التاريخية، فالجود بالأرواح والنفوس من أجل وطن حر هو أعلى غاية الجود ، فكيف بالواجب الذي يؤسس لمجتمع تسوده النزاهة والعدالة الاجتماعية ؟.
هنا يتجلى المعنى الآخر لحقيقة الواجب الذي يكلف به الملتحقون بركب الحسين عليه السلام، في اطار الثورة على الفساد بعد أن كرر خطيب الجمعة دعوته لاستنهاض الهمم في نصرة القضية الحسينية واعلان الثورة على الفساد بالقول “هذا كلام يستبطن أنني أستنهضكم لأداء هذه المهمة، كما خرج الخواص والجماهير في مهمة الدفاع الكفائي ليجاهدوا”.
اذن فان الواجب في اطاره الشرعي والقانوني كما دعا له الشيخ الكربلائي لا يدع لأحد من الملتحقين بركب الامام الحسين عليه السلام أو ممن يدّعون انهم حسينيون، ولا سبيل سوى الجهاد في سبيل الاصلاح انطلاقا من أنفسهم وعوائلهم وذويهم أولا، اذ ليس من الحق أن يتوشح من يرتدي (الحلة الأموية) بوشاح (الثورة الحسينية) وهم يزيديون حد النخاع في السلوك والمنهج، هنا ينبغي فك الاشتباك بين المنتفعين وذويهم من مواقع المسؤولية ومن المال العام على حساب البلاد والعباد وبين المهمشين في مؤسسات الدولة على مدار سنوات المرحلة الانتقالية التي شهدتها البلاد، فكلا الطرفين يدعون النزاهة وسيعلنون ولائهم للثورة ضد الفساد التي دعت لها المرجعية، فيكون الفيصل من يضع مصلحة العامة من الناس ومصلحة الوطن في مقدمة أولوياته في هذا الجهاد ونحن في موسم عاشوراء، وليتساءل من أخذ الصدارة “من أين لك هذا؟” مثلما يتساءل كل منا مع نفسه، هل أنا 
حسيني بحق؟