حمزة مصطفى
قبل أن تنجح في تجنيد الانتحاريين ومن بعدهم الانغماسيين اضطرت عصابات داعش الاجرامية خلال أعوام 2005 ـ 2007 تقريبا الى تفخيخ الحمير والبغال وحتى الجثث. لكن نتيجة لفشل إسلوب التعامل معها حتى بعد طردها من قبل الصحوات في محافظة الأنبار وكذلك الفشل في التعامل مع الصحوات تمكنت هذه العصابات الاجرامية من إعادة بناء نفسها. الفشل المزدوج إن كان في التعامل معها بعد الهزيمة أو مع من طردته (الصحوات) الذين عاشوا الأمرين كان أحد أسباب إعادة بناء هذه العصابات نفسها من جديد. فالصحوات الذين صنفهم داعش بالمرتدين ظلوا بين مطرقتها وسندان الطبقة السياسية. الطبقة السياسية اختلفت وجهات نظرها بشأنهم الأمر الذي جعلها تخشى الاعتراف بهم بوصفهم نادمين, عاشقين للمصالحة الوطنية التي أنفقنا في سبيلها عشرات ملايين الدولارات في مؤتمرات وندوات وفعاليات في العديد من دول العالم.
وحين اكتشفنا أن المصالحة الوطنية التي كانت وزارة ومن ثم صارت هيئة أو مستشارية بأنها كانت جزءا من المشكلة لا الحل إذ كانت داعش قد تمددت ونجحت في تجنيد الشباب سواء داخل العراق أو حتى من مختلف بلدان العالم الذين بدأوا يتقاطرون على العراق وسوريا حيث الحدود المفتوحة. كان ذلك كفيلا بإعلان ما أسمته داعش “دولة الخلافة الإسلامية في العراق والشام ـ داعش” بزعامة أبو بكر البغدادي سجين بوكا السابق. كان ذلك في حزيران عام 2014 حيث سقطت الموصل بـ “ليلة ظلمة” ومن بعدها بيومين صلاح الدين حتى طرقت تلك العصابات الإرهابية أبواب بغداد لولا صدور فتوى الجهاد الكفائي للسيد السيستاني حيث تطوع عشرات آلاف الشباب من مختلف أنحاء البلاد ليوقفوا زحف
الدواعش.
في عام 2014 طوت داعش صفحة الحمير والبغال والجثث لتسوق لنا عبر وسائل إعلامها مفاهيم جديدة على صعيد خططها المستقبلية مثل الجيل الثالث والرابع من مقاتليها الذين حمل بعضهم صفة الانغماسيين بعد أن أصبح الانتحاريون “دقة قديمة” حسب خطاب داعش. السبب في ذلك حصولها على المزيد من الموارد المالية التي كفلت له تجنيد الآلاف من المغرر بهم. كان ذلك أحد أهم أسباب لجان المصالحة الوطنية وقتذاك إن كانت في
الحكومة أو البرلمان.
اليوم وبعد مرور سنتين على طرد داعش من الأراضي العراقية وسقوط دولة خرافتها وتخفي قادتها وفي المقدمة منهم البغدادي نفسه بات واضحا إنه لم يعد يملك لا الأرض التي طرد منها ولا البيئة التي لم تعد صالحة لنمو أفكاره ولا الناس الذين لم يعودوا يصدقون ما كان قد سوقه لهم
من مفاهيم.
ومع أن أسلوب التعامل مع مخلفات داعش في المناطق المحررة ليست بالمستوى المطلوب إن كان في التعامل مع الأرض أو البيئة أو السكان فانها لم تعد قادرة على التوغل من جديد وتسويق أفكارها بين الناس. لذلك اضطرت مؤخرا عبر تفخيخ الأبقار في محافظة ديالى الى اللجوء الى المرحلة التي سبقت انتعاشها. تلك المرحلة التي أدت بها الى أن تنسلخ من تنظيم القاعدة التي هي الأم الشرعية وتعلن اسماً جديدا هي
داعش.