يقول خبراء الاقتصاد : إن وجود المواد الأولية يعد أهم عامل لقيام وإنجاح الصناعة في أي بلد، وبالفعل تلك المقولة تصح إلى حد بعيد في بلد كالعراق الذي تحوي أراضيه ثروات معدنية ومواد أولية مهمة لقيام أفضل الصناعات التي بدورها تجعل من البلد يشهد حالة مثالية من الاستقرار الاقتصادي، ويسهم بشكل كبير في دعم خطط التنمية الشاملة، التي تنعكس ايجابيا بشكل كبير على تطوير العراق وتعزز دوره المؤثر في الاقتصاد
الدولي.
وهنا لابد من الإشارة إلى أهم المسائل التي تتعلق بالتطور الصناعي والنماء الاقتصادي في أي بلد وهي قيام الصناعات الثقيلة، التي تعد المؤشر الأبرز على درجات الدول الصناعية ومراتبها في الاقتصاد الدولي المتطور، لكون تلك الصناعات تعد محور التنمية في كل بلدان العالم اليوم، الأمر الذي تعمل على أساسه دائرة التطوير والتنظيم الصناعي التابعة لوزارة الصناعة والمعادن التي أوصت بضرورة حماية المنتج المحلي، لاسيما منتجات الحديد الخاص بالإعمار والبناء والتي أكمل حلقاتها مجلس الوزراء باعتماده تلك التوصية لكونها جاءت من قبل أحد المنافذ المهمة التي تستند عليها وزارة الصناعة كجهة متخصصة في هذا القطاع الحيوي المهم .
وهنا لابد من التأكيد على مسالة جوهرية، ضمن هذا السياق، وهي إن الحكومة الاتحادية حينما تعتمد أية توصية تنبثق من جهة قطاعية متخصصة، ولها منافع عامة وغايات وطنية عليا، إنما تؤكد بما لايقبل الشك ترجمة برنامجها التنموي وسبلها الخاصة بتعزيز دور الاقتصاد الوطني لتحقيق طموحات أبناء الشعب في التطور والنماء، حيث تضمن القرار الحكومي العمل على تطبيق الرسوم الجمركية الإضافية للمنتج المستورد من الحديد المستخدم في البناء والتسليح وإشعار الدائرة المعنية في وزارة الصناعة والمعادن بشكل متواصل بكمية استيراد العراق منه وقيمة تلك الرسوم التي تتم جبايتها على المستورد من المنتج الأجنبي، فضلا عن الجهة المستوردة له، وبلد المنشأ، وهذا يحدث بتعاون وتنسيق بين الهيئة العامة للجمارك في العراق، ووزارة الصناعة والمعادن التي انبرت ملاكاتها إلى العمل الجاد والحثيث لتأهيل مصانعها الخاصة بإنتاج الحديد، وتأمين معدات وأجهزة حديثة تتناسب وحاجة البلاد لتحديث البني التحتية فيها، لاسيما في مجال الصناعة النفطية، ومشاريع مياه الشرب، وبناء الدور والمجمعات السكنية،وإعادة الإعمار، والمشاريع الاخرى.
وهنا تقفز الى الاذهان أهمية ذكر مساعي الوزارة لتطوير واقع عمل الشركة العامة للحديد والصلب والتي مقرها محافظة البصرة باستثمار آلاف الأطنان من السكراب، وإعادة تدويرها، كونها مادة أولية وثروة وطنية تنتشر في كل مكان،بدلا من هدرها في سوق الخردة أو رميها كأنقاض.
وأيضا لابد من الإشارة إلى ضرورة تدعيم عمل الوزارة من خلال توجه القطاعات الحكومية المختلفة نحو منتجات الحديد المحلية لاقتنائها، كما فعلت شركة نفط الوسط التي اطلعت على الخطوط الإنتاجية والإمكانيات المتوفرة في مصنع الأنابيب الحديدية «الملحومة» وإنتاجها الذي يمتاز بمطابقته للمواصفات العالمية وبطاقة إنتاجية مشجعة، والقيام بجولة في معمل الحديد الخاص بإعمال نصب المعدات الخاصة باللحام الطولي الذي من المؤمل تشغيله خلال الأشهر القليلة
المقبلة.
تلك القضية تعد من القضايا التي تدخل ضمن إطار الاستجابة لدعم المنتج الوطني وتحفيز شركات الوزارة لزيادة الإنتاج وتحسين نوعيته بما يضاهي ما ينتج في المناشئ العالمية المتخصصة في الصناعات الحديدية، وتقليل الاعتماد على الاستيراد الذي يرهق ميزانية الدولة بتخصصيات مالية كبيرة من العملة الصعبة تذهب إلى خارج البلاد.
صناعة الحديد والصلب في العراق تعد أهم ركائز التنمية الاقتصادية، فهناك دول أصبحت من الدول الكبرى في مجال الصناعات الثقيلة جراء اعتمادها بشكل محوري على ما موجود لديها من مواد أولية لبناء كيانها الاقتصادي،والعراق لديه تلك المواد، وعملية تامينها بسيطة ومتاحة، فضلا عن الإمكانيات الفنية المتخصصة والملاكات المهنية المتمرسة بما يضع العراق في مصاف هذه الدول لتكوين قاعدة اقتصادية كبرى ومن خلال تامين رؤية مستقبلية لجدوى الصناعات الثقيلة التي تمثل محور التقدم التنموي والتفوق الاقتصادي المنشود، ويجعل العراق من بين أهم الدول المهتمة بتلك الصناعات ويكون صاحب دور محوري في مشروع صناعي رائد في الوقت الراهن إذا ما مسك القائمون عليه زمام خطة شاملة للتنمية الصناعية والتعدينية في المنطقة والعالم.
ومن اجل الاهتمام بالصناعات الثقيلة لتكون صاحبة الدور المحوري في المشروع النهضوي، والانطلاق بخطة شاملة للتنمية الاقتصادية، لابد من تضافر جميع الجهود الوطنية الخيرة لدعم الإجراءات التي قامت بها وزارة الصناعة والمعادن، لاسيما في تعزيز عمل وإنتاج شركة الحديد والصلب، وحث أصحاب مخازن الحديد المستعمل على مد جسور التعاون مع الشركة المذكورة، وتشجيعهم على بيع محتويات مخازنهم لها كمواد أولية لقيام صناعة وطنية رائدة، وبالتالي تعزيز اطر التطور والنماء بما تحمل من انعكاسات ايجابية على مجمل النشاطات البشرية وفي جميع مجالات
الحياة.