يعدُّ المعدن النفيس (الذهب) أحد أهم الثروات التي يحرص الناس على اقتنائها والاحتفاظ بها على مرّ تاريخ الإنسانية ومنذ آلاف السنين، واستمرت أهمية الذهب، كأحد الثروات المهمة للدول حتى وقتنا الحالي، ومتوقع أن تستمر أهميته لفترات طويلة أخرى مقبلة.
من المعروف أنّ جميع البنوك المركزية في دول العالم المختلفة تعتمد الذهب والدولار واليورو فضلاً سلّة عملات أخرى كاحتياطات، إلّا أن الازمات الاقتصادية التي تعرّض لها الاقتصاد العالمي على مختلف الفترات الزمنية الماضية أثبت أنّ الذهب قيمة مستقرة وملاذ آمن الى حد كبير مقارنة بالعملات.
وفي ظل التقلّبات الاقتصادية التي يشهدها الاقتصاد العالمي حالياً والناتجة عن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط هذا التوتر قد تظهر بوادر لحرب عملات يمكن ان تطول لتؤدي الى استنزاف المزيد من قيمتها، يضاف الى ذلك أنّ الدولار بدأ يفقد مكانته المهيمنة على الاقتصاد العالمي بفعل نقل الاقتصاد العالمي من الولايات المتحدة الى شرق آسيا والذي تقوده الصين، والتي باتت تقترب من أن تكون الاقتصاد الأول عالمياً.
من هذا العرض الملخّص يمكننا استنتاج أنّ الدولار وبقية العملات العالميّة لم تعد ملاذاً آمناً لاحتياطات البنوك المركزية العالمية، عكس الذهب الذي أثبت أنّه قيمة ثابتة بل متزايدة الارتفاع مع مرور السنوات، من هنا يفترض ببلدنا ان يعمل على تعزيز احتياطاته من الذهب وان يقلل تدريجياً الاعتماد على الدولار كاحتياطي بفعل الاهتزازات التي تعرضت قيمته لها وما ستتعرض له مستقبلاً.
وتشير البيانات الحديثة الى أنّ كثيرا من البنوك المركزية في مختلف دول العالم بدأت بزيادة احتياطاتها من الذهب وعدم الاعتماد المفرط على الدولار، الأمر الذي جعل من أسعاره ترتفع بسبب الاقبال على شرائه. ومن هنا فإن استثمار البنك المركزي العراقي في الذهب يعد مكسباً مضموناً ويضع هذه الاحتياطات في خانة الأمان كونه يعد ملاذاً آمناً، وفي الوقت نفسه يفضّل التقليل من الاعتماد على الدولار كاحتياطي مضمون القيمة مثلما كان الحال عليه في الفترات السابقة بعدّه في مقدمة العملات الصعبة عالمياً وهو ما بدأ يخسر هذه المكانة التي استمرت لعشرات السنين.
وهو ما يتطابق مع تقديرات الكثير من المؤسسات المالية الرصينة في الآونة الأخيرة والتي تشير الى فقدان الدولار مكانته العالمية كعملة صعبة أولى في العالم مقارنة مع بقية العملات العالمية.
لذلك فإنه من الأولويات الملحة في الوقت الراهن ان يعمل العراق على زيادة استثماراته من الذهب قدر الإمكان، من اجل مواكبة التغيرات الحاصلة في مجال الاحتياطات الأكثر أماناً والتي تتجه الى المعدن الأصفر الذي طالما كان ولا يزال ملاذاً آمناً في الازمات والتقلبات الاقتصادية والمالية عبر
الزمن.