تقلص نشاط المصانع الأميركية بشكل غير متوقع في شهر آب/ للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات ، إذ أدى تقلص الطلبيات وإنتاج المصانع على نطاق واسع إلى أدنى مستوى له منذ كانون الثاني/ 2016، كذلك أدى هذا التقلص الى هبوط وقلة فرص التوظيف في انحاء البلاد الأمر الذي أسهم بتراجع الأسهم وحركة الأسواق المالية ومؤشراتها في وول ستريت التي تزامنت مع البدء بتطبيق وزيادة تعرفات جمركية جديدة على السلع والورادات الصينية الى الولايات المتحدة .
تقلص الاقتصاد التصنيعي
وأظهرت بيانات صدرت مطلع شهر أيلول/ الحالي، أن مؤشر مديري المشتريات التابع لمعهد إدارة التوريد انخفض إلى 49.1 في شهر آب ، وهو أضعف من جميع التوقعات في استطلاع أجرته وكالة بلومبرج الاقتصادية المتخصصة. وتشير الأرقام التي تقل عن 50 إلى أن الاقتصاد التصنيعي يتقلص بشكل عام،إذ انخفض مؤشر الطلبيات الجديدة للمجموعة إلى أدنى مستوى له في أكثر من سبع سنوات ، في حين تقلص مؤشر الإنتاج إلى أضعف مستوى منذ نهاية العام 2015.وبشكل أو بآخر، فقد يؤدي التعثر في التصنيع إلى تعقيد حملة إعادة انتخاب الرئيس دونالد ترامب التي ترتكز على بيانات إقتصادية تصاعدية، لأن البيانات الحديثة تقوّض أحد وعوده بتوقع بناء اقتصاد متين وقوي. كما واصلت الأسهم انحدارها في الانخفاض وانخفض معها العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بشكل حاد يوم الثلاثاء الماضي بعد صدور تلك البيانات.
ركود وشيك
يبرهن الركود الأخير كيف أن تباطؤ النمو العالمي وحرب التجارة الأميركية المتصاعدة مع الصين يؤثران بشكل أكبر على المنتجين المحليين. على الرغم من أن التصنيع لا يمثل سوى حوالي 11 بالمئة فقط من الاقتصاد، إلا أن هناك مخاوف من أن الضعف المتأصل - وأي تسريح لأعداد من العمال ينتج عنه - يمكن أن يتسلل إلى بقية مفاصل الاقتصاد ويعرضه للخطر الذي قد يستمر لفترة طويلة، ولايزال شبح الأزمة المالية العالمية 2008 او (أزمة الرهن العقاري) ماثلاً في البال.
انخفاض المؤشرات
ويمر قطاع التصنيع الأمريكي فعليًا بمرحلة من الركود، إذ انخفض مؤشر الاحتياطي الفيدرالي للإنتاج في الربعين المتتاليين، وتتوافق الصعوبات مع التطورات حول العالم لاسيما قد انخفض نشاط المصانع العالمية لمدة 15 شهراً على التوالي وتقلص في الثلاثة أشهر الماضية.
وانخفض مؤشر ISM للطلبيات الجديدة، والتي يتبعها البعض كمؤشر رئيس للهبوط، إلى 47.2، وكانت هذه هي المرة الأولى منذ كانون الأول/ 2015 التي ينخفض فيها المقياس إلى أقل من 50، كما انخفض مقياس إنتاج ISM إلى ما دون تلك العلامة، إلى 49.5 في آب/ من 50.8. وأمتد التراجع في الطلب والإنتاج إلى سوق العمل إذ انخفض مؤشر ISM لتوظيف المصانع إلى 47.4 ، وهو أدنى مستوى منذ آذار/ 2016. وهذا يشير إلى أن تقرير التوظيف سيظهر ضعفًا في جداول الرواتب التصنيعية لشهر آب المنصرم ، التي كانت قوية بشكل مفاجئ في الشهرين السابقين.
كما انخفض مؤشر طلبيات التصدير وهو معيار للطلب الخارجي ، إلى 43.3 ، وهي أدنى قراءة منذ نيسان/ 2009 خلال أعماق أزمة الركود الأخيرة.
وأظهر مؤشر ISM للأسعار المدفوعة انخفاض أسعار المواد الخام للشهر الثالث على التوالي، وإن كان بوتيرة أبطأ في آب، مما يعكس تراجع الطلب. كما انخفض مقياس تسليم الموردين إلى 51.4 ، مما يشير إلى أن الشركات كانت تواجه صعوبة في تلبية الطلب، بينما تشير قراءات أقل من 50 إلى عمليات تسليم أسرع، في حين أن القراءات التي تزيد عن 50 تشير إلى تباطؤ.
تراجع سوق الأسهم
ألقت محادثات التجارة بين الولايات المتحدة والصين بظلالها على سوق الأسهم كما هو متوقع، إذ أصبحت هذه المحادثات بمثابة حجر عثرة آخر، فتراجعت مؤشرات سوق الأوراق المالية والأسهم لكبريات الشركات الأميركية، في حين ارتفعت سندات الخزانة وهبط الدولار بعد أن أشارت بيانات المصانع الأمريكية إلى انكماشها للمرة الأولى منذ ثلاث
سنوات.
فقد انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 لأول مرة في أربع جلسات، إذ ناضل المسؤولون الصينيون والأميركيون للاتفاق على جدول للمفاوضات بعد أن رفضت واشنطن طلب بكين بتأجيل الرسوم الجمركية الذي بدأ سريانه خلال عطلة نهاية الأسبوع، وفقًا لتقرير بلومبرج. كما أثرت أسهم أشباه الموصلات على المعايير بعد أن اتهمت شركة (هواوي تكنولوجيز) الصينية الحكومة الأميركية بمضايقة العمال ومهاجمة شبكتها الداخلية.
إنخفاض السندات
وتراتبيا مع ما سبق ذكره،فقد أظهرت البيانات أن عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات والدولار انخفضا مقابل نظرائهم بعد أن انخفض مؤشر مديري المشتريات التابع لمعهد إدارة التوريد إلى 49.1 في شهر آب، وهو أضعف من جميع التوقعات وتشير الأرقام التي تقل عن 50 إلى أن الاقتصاد التصنيعي يتقلص بشكل عام.
تقلبات خطرة
مثلت بداية شهر أيلول بداية صارمة للأصول ذات المخاطر، إذ يظل المتداولون حساسين تجاه التقلبات والتحولات في الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، وذكرت البيانات الاقتصادية الكبيرة الأولى لهذا الشهر بأن الاقتصاد العالمي لا يزال على أرضية هشة جزئيًا كنتيجة لذلك. مع عدم الثقة من كلا الجانبين، بينما يكافح المسؤولون من أكبر اقتصادين في العالم للاتفاق على الشروط الأساسية لإعادة المشاركة وعقد الاجتماعات المقررة لهذا الشهر لتقليص الفجوة بينهما.
تقرير الوظائف
من المتوقع أن يُظهر تقرير الوظائف في الولايات المتحدة خلال الايام المقبلة ارتفاع الرواتب غير الزراعية التي تمت مشاهدتها على نطاق واسع بمقدار 158 ألفاً في شهر آب، مقابل 164 ألفا في الشهر السابق. وتشير التقديرات إلى أن معدل البطالة سيكون ثابتًا عند 3.7 بالمئة في المتوسط ،أما معدل الزيادة في الأرباح لكل ساعة فيصل إلى 0.3.
أما باقي المؤشرات فهي: هبط مؤشر S&P 500 بنسبة 0.7 بالمئة كما انخفض مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 1.2 بالمئة ومؤشر Stoxx Europe 600 انخفض بنسبة 0.2 بالمئة، أما مؤشر MSCI للأسهم الآسيوية فقد انخفض بنسبة 0.2
بالمئة.
وانخفض العائد على سندات الخزانة لمدة 10 سنوات خمس نقاط أساس إلى 1.44 بينما انخفض العائد على سندات الخزانة لمدة عامين ست نقاط أساس إلى 1.45 كما انخفض العائد على سندات بريطانيا لأجل 10 سنوات بنقطتين أساسيتين إلى 0.397، وارتفع الذهب 1.6 بالمئة إلى 1،554.20 دولار للأوقية، فيما انخفض النحاس بنسبة 1.5 بالمئة إلى 2.51 دولار للباوند (رطل).