عندما تطأ قدم رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ارض الصين نهاية الشهر الحالي، فانها ستكون الخطوة الاولى لاعادة احياء طريق الحرير بمسارات جديدة، قد تتخطى كل الطموحات بين البلدين اللذين احتفلا قبل أيام بـ 61 عاماً من العلاقات والتعاون المشترك. وتعد الصين واحدة من اهم الدول التي يعتمد عليها العراق في استيراد الكثير من المنتجات وخصوصاً الالكترونيات والمواد المنزلية والانشائية وقطع الغيار وغيرها، كما تعتبر الصين أكبر مستورد للنفط في العالم، لاسيما النفط العراقي.
ومن المقرر ان يبدأ رئيس الوزراء زيارة تاريخية الى بكين نهاية الشهر الحالي، اذ من المؤمل ان يتم توقيع العديد من الاتفاقيات، معظمها تتعلق بالتعاون الاقتصادي والاستثمار، فضلاً عن المشاركة في اعادة اعمار العراق.
وتمثل زيارة عبد المهدي "عهداً جديداً"، من علاقات الشراكة بين البلدين، بحسب الخبير المالي ثامر العزاوي، الذي ابدى تفاؤله من نجاحها.
المستوى العالمي
العزاوي علل هذا التفاؤل، لاسباب عدة أهمها: ان "العراق والصين يتمتعان بثقل على المستوى العالمي، فبينما تعد الصين الدولة الاكثر نموا بالانتاج، فان العراق يقف في صدارة منتجي ومصدري النفط، الامر الذي يجعل البلدين بحاجة الى بعضيهما، اضافة الى تقارب وجهات نظرهما بالنسبة لاغلب الاحداث بالمنطقة، فضلا عن انهما يشعران باهمية احياء ما يسمى بطريق الحرير، وهو الامر الذي سيتحقق بعد حضور رئيس الوزراء اجتماع توقيع محاضر الاتفاقيات بين
البلدين".
ونظمت دائرة اسيا واستراليا في وزارة الخارجية، هذا الاسبوع اجتماعاً تشاورياً لعدد من ممثلي الوزارات والمؤسسات العراقية، ركز على ما تم التوصل اليه بشأن مذكرات التفاهم والاتفاقيات، التي من المؤمل توقيعها خلال زيارة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الى جمهورية الصين الشعبية نهاية الشهر الحالي، فضلا عن القضايا التي يود الجانب العراقي مناقشتها مع الجانب الصيني خلال
الزيارة.
وتأتي زيارة عبد المهدي، في وقت يسعى العراق الى ابعاد شبح الحرب عن المنطقة، ويقول العزاوي بهذأ الشأن: ان "ابعاد الحرب، له فوائد اقتصادية قد تفوق أي ملفات اخرى، ما يسهم في إبقاء المنطقة مزدهرة، ويبقى التعاون بين العراق والصين فعالا، وعليه فان هذا الملف لن يغيب عن رئيس
الوزراء".
ويرى وو سي كه المبعوث الصيني الخاص السابق للشرق الأوسط أن إقامة العلاقات الدبلوماسية بين العراق والصين تحمل أهمية كبيرة.
المبدأ الأساس
ويضيف كه في تصريحات سابقة له، إنه "منذ ذلك الوقت، ورغم التغيرات الضخمة التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط والعراق، تتقدم العلاقات بين الصين والعراق بشكل مستقر بفضل المبدأ الأساس الذي تقوم عليه العلاقات الثنائية وهو الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية"، مضيفا أن "العراق بلد يتمتع بإمكانات كامنة كبيرة وقد شهد وضعه الداخلي العام تحسنا، ويمكن أن تلعب الصين دورا كبيرا في إعادة إعماره".
كما يؤكد السفير الصيني لدى العراق تشانغ تاو، ان "الجانب الصيني يولي اهتماماً بالغاً لتطوير العلاقات مع العراق، ويتطلع إلى استثمار الفرصة السانحة لهذه الزيارة، لبذل الجهود المشتركة يداً بيد مع الجانب العراقي، وذلك من أجل توطيد وتعميق الثقة السياسية المتبادلة الصينية - العراقية بشكل متزايد"، معرباً عن أمله بأن تسهم زيارة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بـ "الارتقاء بمستوى التعاون المتبادل المنفعة في مختلف المجالات وتعزيز التواصل الإنساني والثقافي بين البلدين الصديقين في إطار بناء (الحزام والطريق)، والتشارك في رسم خطط المستقبل لعلاقات الشراكة الستراتيجية الصينية - العراقية".
30 مليار دولار
ويؤكد الخبير المالي، ان "التبادل التجاري الكبير بين البلدين والذي قد تجاوز حاجز الـ 30 مليار دولار سنوياً، سيسهم في الانطلاق بمرحلة تعاون جديدة بين البلدين، لا سيما ان الحكومة العراقية وضعت هدف جذب الاستثمارات ضمن اولوياتها، وتعمل على البدء بحملة كبيرة لاعادة الاعمار، وتشجيع المستثمرين على المشاركة فيها، الى جانب احياء الصناعات والزراعة، والصين تعد من الدول المتصدرة في معظم هذه المجالات، لذلك ستتجاوز زيارة عبد المهدي كل الحواجز والحدود، لتكون زيارة "عمل" و"نتائج"، سيلمسها المواطن العراقي خلال الاشهر المقبلة".