المحامية
مريم كريم هاشم الخالدي
تنطلق هذه الأيام فعاليات أسبوع النزاهة الوطنية، إذ تحتفل هيئة النزاهة بإقامة فعاليات مع دوائر الدولة في محاربة الفساد، ومن بين الخطوات الأولى لردع الفساد الإداري والمالي هي وجود قوانين فعّالة، ولكن هل يكفي وجود القوانين فقط لمحاربة الفساد؟، حقا ان هذه القوانين لا تكفي وحدها ولن يكون الطريق سالكا في القضاء على الفساد ما لم نزد يقظة المواطن، وان يلتزم الموظف العام بتقديم الخدمات، غير ان تحقيق تلك الأهداف يستغرق وقتا طويلا؛ لذلك تبقى القوانين التي تنص على مكافحة الفساد ومعاقبة الفاسدين والمفسدين هي الطريق الأسرع والأكثر فعاليّة، إلّا أنّ بهذه القوانين يبقى لها الدور المحدود بسبب صعوبة الإجراءات والإثبات في دعاوى الفساد وتبقى القوانين غير فعّالة ما لم ترافقها إصلاحات قانونية مكمّلة يمكنها منع انتشار الفساد وكشف المفسدين، ويتضمن قانون هيئة النزاهة مجموعة متنوعة من الإجراءات التي تحول دون انتشار جرائم الفساد مثل الاختلاس والرشوة واستغلال النفوذ الوظيفي والمحسوبية والوساطة غير المشروعة ومحاباة الأقارب والمعارف في ترسية العقود والتعيينات، غير أنّ الناس قادرون دائما على الابتكار وإيجاد الطرق للإثراء على حساب المال العام، وحتى تلك القواعد التي توجب على موظفي الدولة الإفصاح عن ذممهم المالية وممتلكاتهم يمكنهم الالتفات عليها؛ لأنّ هذه القوانين تأخذ صفة العمومية وإحكاما عامة لا يخلو منها أي قانون عقابي في أي دولة من دول العالم، ومع تعدد الجهات الرقابية لاسيما استحداث المجلس الأعلى لمكافحة الفساد وهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية وما يقوم به المفتش العام وما اوجد المشرّع العراقي في قانون الادعاء العام رقم ( 49 ) لسنة 2017 من استحداث وظيفة المدعي العام الإداري والمالي ومكاتب للادعاء العام في الوزارات والهيئات المستقلة تقوم بالتحقيق في قضايا الفساد الإداري والمالي وان التحقيق في هذه القضايا يتطلب تضافر الجهود الرامية لمكافحة هذه الآفة الخطيرة، فجريمة الفساد واحدة من اكثر الجرائم صعوبة من ناحية التحقيق فيها، فعادة لا يوجد مسرح للجريمة ولا توجد بصمات ولا شهادة عيانيّة وهي جريمة سريّة جدا بطبيعتها ويمكن ان يكون الجناة مهنيين بقدر المحققين ويعرفون كيفية تغطية آثار الجريمة ويمكن ان يكون الجناة متنفذين، وان التحقيق في قضايا الفساد الإداري يتطلب قدرا كبيرا من المهارة ويجب ان يوفر المشرّع العراقي ضمانات لحماية الشهود والمخبرين وضمان السريّة التامة للتحقيق في قضايا الفساد، ويمكن تسهيل الإبلاغ عن جرائم الفساد من خلال إنشاء الخطوط الساخنة ودون الكشف عن هوياتهم، وعلى الرغم من ان العراق قد قام بتشريع قوانين تسمح بمكافأة وتكريم الأشخاص الذين يبلغون عن الفساد فلا توجد احكام تنص على الحماية المادية للشهود أو أسرهم أو حماية إقامتهم وتعد تدابير التحقيق الخاصة أداة قوية لكشف الفساد وهي الطريقة الأكثر كفاءة إذ يتم كشف أفضل القضايا باستخدام الوسائل السريّة وان التحقيق في قضايا الفساد يتطلب اتخاذ إجراءات سريعة للكشف عن الجناة وحماية المال العام واستعادة الأموال التي تم اختلاسها أو التي وقعت عليها الجريمة، وعدم شمول قضايا الفساد الإداري والمالي بقوانين العفو العام؛ لأنّ الفساد هو دمار للمجتمع.