دعوة لتوظيف التكنولوجيا في اقتصاد المستقبل

اقتصادية 2019/09/20
...

بغداد/ الصباح/ رؤيا الغالب
 
بدأ العالم يتجه منذ سنوات عدة نحو عصر اقتصادي جديد بفضل تطوير العديد من المنتجات التكنولوجية الجديدة كالانترنت والحوسبة والبيانات الكبيرة والتعلم الآلي والذكاء الاصطناعي، وتشكل هذه التكنولوجيات معاً قوة كافية لثورة اقتصادية رقمية، اتفق الاقتصاديون عليها، محاولين استثمارها لدعم الاقتصاد العالمي رغم عمق التغييرات .
يقول د. تحسين الشيخلي مدير مركز بحوث دراسات المستقبل في لندن : “عملت التكنولوجيا على استغلال الموارد الطبيعية بأفضل صورة ممكنة وخلفت اثاراً ايجابية على العملية الانتاجية كالسرعة في تنفيذ العملية الانتاجية وزيادة الانتاج كماً ونوعاً وتقليل الكلفة والزيادة في معدلات النمو الاقتصادي وتحسين المستوى العام للحياة”.
وعن دور التكنولوجيا في الاقتصاد العراقي اكد الشيخلي ان “عامل التكنولوجيا يعد محركاً كبيراً لزيادة الانتاج ويمكن وصفه بالعامل الخامس من عوامل الانتاج (الارض،العمل،رأس المال،التنظيم)، اذ عملت على استغلال الموارد الطبيعية بأفضل صورة ممكنة، وأوجدت آثاراً ايجابية على العملية الانتاجية كالسرعة في تنفيذ العملية الانتاجية وزيادة الانتاج كماً ونوعاً، وتقليل الكلفة والزيادة في معدلات النمو الاقتصادي وتحسين المستوى العام للحياة”. وأشار الى انها “أوجدت فرص عمل جديدة، فالعراق كان يملك برنامجاً علمياً، خصصت له مليارات الدنانير واستطاع ان يخطو في مسار التقدم العلمي من خلال بناء القاعدة العلمية بارسال مئات الطلاب الى الخارج لنقل التكنولوجيا ومن ثم توطينها”.
واستدرك “لكن سياسات النظام والتخبط أدت الى انتهاء المشروع ثم اعقبته احداث التغيير وتدمير البنى التحتية ماأدى الى تراجع كبير في ان يكون للتكنولوجيا دور مؤثر في الاقتصاد العراقي مستقبلاً “. وأوضح الشيخلي ان “التحدي الذي يواجهه الاقتصاد العراقي ليس في توليد المعرفة ذاتها فحسب، بل في كيفية تفعيل المعرفة المتولدة لاضافة قيمة للاقتصاد وتحديد دور المشروع في الاقتصاد المعرفي من خلال مساهمتها في رفع مستوى معيشة الافراد وزيادة انتاجيتهم، وتحقيق النمو الاقتصادي بزيادة التعلم ومهارات مستخدميها في حقل اختصاصهم.
ولفت الى ان “تزايد القدرات التكنولوجية يؤدي الى فسح المجال للافراد المالكين للمعرفة للعب دور أساسي للقيمة المضافة الذي يسهم في تكوينها صناع المعرفة كونهم ذوي مؤهلات عالية والعراق يمتلك القدرات المعرفية الشبابية”.
واكد ان “اقتصاد العراق، منذ نشأة الدولة،وحتى الان هو اقتصاد ريعي يعتمد بالاساس على عائدات النفط ورغم محاولات الكثير من الانظمة السياسية لايجاد منفذ مواز للمدخولات لكنها جميعاً فشلت، رغم ان العراق يمتلك موارد تؤهله للنهوض بمستلزمات زراعة وصناعة غذائية”، مبيناً “لكن مشكلة المخططين للاقتصاد ان حمى التنافس الصناعي جرفتهم لأكثر من الاهتمام بالزراعة وبالتالي فقدنا القطاعين وبقي الاعتماد الوحيد على الموارد النفطية”.
وألمح بان “الاخفاق الكبير في رسم سياسة اقتصادية ينعكس مباشرة على تفاصيل حياة المواطن، ما يحتم ان تركز السياسات الاقتصادية القادمة على الجانب الذي يرتقي بواقع الانسان وتغيير ظروف حياته المعيشية وايجاد فرص عمل للشباب . وأوضح ان “التكنولوجيا الحديثة سهلت الاتصال بجميع انحاء العالم وخلقت فرص عمل جديدة واخترعت مجالات الطب والهندسة وعلوم الارض والفضاء واصبحت جزءا اساسيا في التسليح والحروب ومصدرا لتلقي الخبر والمعرفة ونشرهما”. 
وقال ان “الاعوام السابقة شهدت نقاشات بين رجال الاقتصاد حول التطور التكنولوجي وهل سيؤثر على العمالة أم لا ؟ واليوم تطرح أسئلة أعمق حول تأثير التكنولوجيا على الشركات القائمة وعلى نمط الانتاج علما انه لاتوجد اجابات جاهزة تعطي انموذجاً معيناً ومعالم واضحة لشكل الاقتصاد المستقبلي وسط هذا التطور الكبير في التكنولوجيا”.
وأضاف ان “الجهود العادية القديمة لاتكفي لتحقيق التنمية الاقتصادية فلا بد للتكنولوجيا المتطورة من ان تلعب دورها الطبيعي في تغيير طرق الانتاج وفي مساهمة العوامل المادية والانسانية في تعديل طبيعة ونوعية السلع والخدمات فالتكنولوجيا متغيرة دائماً وهنا تكمن ضرورة متابعتها وفهمها لادخالها في الحياة اليومية” .
وبين الشيخلي ان التكنولوجيا أدت الى خلق مايسمى بالاقتصاد الثاني وهو اقتصاد افتراضي ومستقل لايعزز الاقتصاد المادي فحسب بل يمد الاعمال التجارية بذكاء خارجي مختلف عن الذكاء البشري المتعارف عليه.