تحذير أممي من كارثة حرب شاملة في الخليج
قضايا عربية ودولية
2019/09/20
+A
-A
طهران / وكالات
في وقت حملت فيه السعودية والولايات المتحدة؛ إيران المسؤولية عن الهجوم الذي أسفر عن توقف نصف الصادرات النفطية للمملكة، وبينما تنفي طهران بشدة هذه الاتهامات، حذرت الامم المتحدة من انجرار المنطقة الى حرب شاملة اثر التصعيد المتواصل بين واشنطن وطهران وموقف الحكومة السعودية اثر اعتداءات آرامكو، اذ دعت ايران السعودية ودولا اخرى الى التعقل وتقديم ادلة دامغة تثبت تورط ايران في الهجمات.
وفي سياق الحديث عن لغة التهديد والوعيد بين الدول قال يحيى رحيم صفوي، مستشار المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي: إن رد إيران على أي عدوان أميركي سيكون من البحر الأبيض المتوسط وحتى المحيط الهندي.
وأضاف صفوي أن حلفاء طهران في المنطقة باتوا أقوى من حلفاء أميركا الإقليميين.
وأكد صفوي أنه «إذا فكر الأميركيون في أي مؤامرات، فإن الأمة الإيرانية سترد من البحر الأبيض المتوسط إلى البحر الأحمر والمحيط الهندي».
بدورها دعت السلطات الإيرانية دول منطقة الخليج «للعودة إلى رشدها»، متعهدة بأن أي عدوان ضد ايران سيواجه ردا مدمرا.
وقال العميد حسين دهقان، مستشار المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي خامنئي، للشؤون العسكرية، في كلمة ألقاها بمدينة ساري: «العدو على علم تام بدرجة جاهزية القوات المسلحة الإيرانية، ويعرف جيدا أنه سيندم في حال شنه أي عدوان».
وأضاف دهقان، في إشارة إلى الهجوم على منشأتين حيويتين لشركة «أرامكو»، والذي تبناه الحوثيون اليمنيون، أن السعودية تنفق مليارات الدولارات لشراء الأسلحة من الولايات المتحدة في محاولة لضمان أمن المملكة،
وشدد دهقان، الذي سبق أن تولى منصب وزير الدفاع في بلاده، على أن المسؤولية عن تأمين الخليج ومضيق هرمز تتحملها إيران، معتبرا أن انعدام الأمن في المنطقة ناجم عن تدخلات الولايات المتحدة ووجودها العسكري هناك. بدوره حذر وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، من اندلاع حرب شاملة حال تعرض بلاده لضربة من الولايات المتحدة أو السعودية. وأشار ظريف، في مقابلة مع شبكة «CNN” الأميركية، إلى أن بلاده لا علاقة لها بهذا الهجوم، موضحا: “أعرف أننا لن نفعل ذلك، كما أعرف أن الحوثيين أصدروا بيانا تبنوا فيه العملية”” وتابع: “أود الإدلاء بتصريح جدي للغاية، لا نريد الانخراط في أي نزاع عسكري، لكننا لن نتردد في الدفاع عن أراضينا” وحذر وزير الخارجية الإيراني من أن أي عملية عسكرية ضد بلاده منفذة بناء على ذريعة كاذبة متمثلة بالرد على استهداف “أرامكو” ستؤدي إلى “سقوط كثير من القتلى”. من جهة أخرى، أكد ظريف استعداد بلاده للحوار مع كل من السعودية والإمارات، مشددا مع ذلك على رفض إيران خوض أي مفاوضات مع الولايات المتحدة حتى إلغائها العقوبات المفروضة على ايران بعد الانسحاب من الاتفاق النووي معها المبرم في 2015.
وطالبت وزارة الخارجية الإيرانية، بتقديم أدلة وبراهين من شأنها تأكيد وقوف طهران وراء الهجمات على المنشآت النفطية في السعودية. وقال الناطق الرسمي باسم الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، في مقابلة مع قناة «العالم»: «بالنسبة للهجوم على منشآت أرامكو النفطية، إذا وثقت أدلة على تورط إيران في ذلك، فدعهم يقدمونها». وأوضح موسوي، أن «اليمنيين أنفسهم أعلنوا استهدافهم للمواقع السعودية، ولكن يبدو أنه يصعب على بعض الدول مثل السعودية وأميركا أن يتقبلوا حقيقة أن الشعب اليمني استطاع أن يمتلك قوة دفاعية مثل هذه».
الحرس الثوري الإيراني
بدوره صرح قائد الحرس الثوري الإيراني، حسين سلامي، أن الحرس الثوري يقف على الحدود وعلى أتم الاستعداد، «نحن لا نخشى عدوا سواء كان صغيرا أو كبيرا» حسب تعبيره. وأضاف سلامي، بكلمة ألقاها خلال افتتاح مشاريع خيرية في محافظة خراسان الشمالية، اليوم الخميس «لقد أغلقنا الطرق أمام العدو لشن أي حرب ضدنا»؛ حسب وكالة “فارس” الإيرانية.
وقال «لقد تم اجتياز الأمور المقلقة، والعدو بدوره يعترف بذلك، واليوم بلغنا من القوة قدرا بحيث بات ينسب لنا العدو مرغما، التورط بأي
حادث كذبا».
وأعلنت إيران، أنها ستنظم عرضها العسكري السنوي غدا وذلك في الـ22 من أيلول الحالي في الخليج بمشاركة 200 فرقاطة لقوات الحرس الثوري.
روحاني وظريف
إلى ذلك، أعلنت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة أن واشنطن أصدرت تأشيرة دخول للرئيس الإيراني، حسن روحاني، ووزير الخارجية محمد جواد ظريف، ليتمكنا من حضور أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأكد المتحدث باسم البعثة الإيرانية علي رضا مير يوسفي لوكالة «رويترز»
إصدار التأشيرات. من جهته، كتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، في تغريدة على «تويتر»، أن وزير الخارجية محمد جواد ظريف توجه إلى نيويورك امس الجمعة لحضور الدورة الـ 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة. وكان ظريف قد صرح في وقت سابق بأن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، حاول تأخير إصدار التأشيرات للوفد الإيراني.
«أعصاب حديدية»
من جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش المجتمع الدولي إلى التحلي بـ»أعصاب حديدية» بغية تفادي اندلاع حرب مدمرة في الخليج، على خلفية التوتر الإقليمي المتصاعد.
وأعرب غوتيريش في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الأميركية عن قلق المنظمة العالمية البالغ إزاء مستجدات الوضع في منطقة الخليج، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة قد أرسلت خبيرين لفحص حطام الصواريخ والطائرات المسيرة التي استهدفت آواخر الأسبوع الماضي معملين لشركة «أرامكو» السعودية وتحديد منشئها. وأعرب غوتيريش عن أمله في أن السعودية وإيران ليستا على شفا حرب، مجددا التأكيد على أهمية تجنب حرب محتملة تهدد المنطقة والعالم بعواقب كارثية.
خيارات مطروحة
وعرض البنتاغون امس الجمعة على الرئيس دونالد ترامب طيفا واسعا من الخيارات العسكرية ضد إيران، ردا على الهجوم على شركة «أرامكو» السعودية.
ونقلت وكالة «أسوشيتد برس» عن مسؤولين أميركيين مطلعين على فحوى المشاورات بشأن الموضوع قولهم إن العسكريين عرضوا من بين هذه الخيارات، على ترامب في اجتماع قائمة لأهداف الغارات الجوية الأميركية المحتملة داخل إيران، لكن مع التحذير من أن اللجوء إلى هذا السيناريو قد يؤدي إلى حرب شاملة.
ورجحت صحيفة «نيويورك تايمز» أن تلك القائمة ضمت منشآت نفطية إيرانية، وكذلك مواقع تابعة لـ»الحرس الثوري»، ونقلت عن مسؤول أميركي رفيع المستوى تأكيده أن الخيارات المطروحة ستتطلب على ما يبدو من البنتاغون إرسال مزيد من القوات إلى الشرق الأوسط.
وذكرت «أسوشيتد برس» أن خيارات الرد الأميركية على هجوم «أرامكو» تضم إجراءات عسكرية وسياسية واقتصادية، وتتراوح سيناريوهات الرد العسكري من شن غارات جوية حتى تنفيذ عمليات سيبرانية سرية.
وبين الخطوات العسكرية الأكثر ترجيحا، قد تقدم واشنطن دعما عسكريا إضافيا إلى السعودية لمساعدتها في حماية حدودها الشمالية، إذ أفادت وسائل الإعلام الأميركية الكبرى، بما فيها «سي إن إن» و»وول ستريت جورنال» و»أسوشيتد برس»، بأن واشنطن قد تنشر مزيدا من منظومات «باتريوت» للدفاع الجوي في المملكة.
وحضر الاجتماع، وزير الدفاع الأميركي مايك إسبر ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد، اضافة إلى الأعضاء الآخرين في مجلس الأمن القومي، حسب
«نيويورك تايمز». وأشارت وسائل الإعلام إلى صعوبة التنبؤ بالخيارات التي سيختارها ترامب، ولفتت «نيويورك تايمز» نقلا عن مسؤولين إلى أن الرد الأميركي ربما لن يأتي فورا بسبب عوامل عدة، بما فيها مخاوف السعودية من العواقب التي سيجلبها اتخاذ واشنطن إجراءات عسكرية عاجلة ضد إيران، فضلا عن أن الخبراء الأميركيين لم يكملوا بعد عملهم على فحص حطام الطائرات المسيرة والصواريخ التي استهدفت معملين لـ»أرامكو» السعودية أواخر
الأسبوع الماضي. وحملت السعودية والولايات المتحدة إيران المسؤولية عن الهجوم الذي أسفر عن توقف نصف الصادرات النفطية للمملكة، وتنفي طهران بشدة هذه الاتهامات.
موقف اميركي
وأعلن البنتاغون أن إيران تتحمل المسؤولية عن استهداف منشآت «أرامكو» في السعودية، مشيرا إلى أن واشنطن لا تريد استباق التحقيق السعودي في الهجوم.
وقال المتحدث باسم البنتاغون، جوناثان هوفمان، في مؤتمر صحفي له، : «لن نستبق التحقيق السعودي وتقييماته»، مضيفا أن «كل المؤشرات تدل على أن إيران مسؤولة (عن الهجوم) بشكل أو بآخر» حسب تعبيره.
وقال المتحدث: «بغض النظر عما إذا كان هذا الهجوم مباشرا أو عبر الوكلاء، كان ذلك تصعيدا خطيرا مقارنة بما رأيناه من قبل»، مشيرا إلى أن الهجوم كان دقيقا ومنسقا وأثر على الأسواق العالمية. في الوقت نفسه قال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إنه من الممكن أن ترى إيران ضربة قوية جدا، فنحن أقوى دولة عسكريا في العالم مع تفوق كبير على الآخرين.
وتابع الرئيس ترامب: «وهذا حدث بعد أن جئت أنا، وكانت قواتنا مستنفدة من قبل، لكن اليوم نحن أقوياء جدا ولدينا طائرات وصواريخ ومعدات جديدة».
وجاءت تصريحات ترامب النارية في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» الأميركية،
وأكد الرئيس الأميركي أن حل القضية الإيرانية قد لا يتم عبر الطرق السلمية. وقال دونالد ترامب: هناك سيناريوهات كثيرة قد تحصل، إذا تحقق الحل السلمي مع إيران فهذا جيد، لكن من الممكن أن ذلك قد لا يحدث. وتابع الرئيس الأميركي: «نحن أقوياء جدا اليوم، ولدينا طائرات وصواريخ ومعدات حديثة، ولم نمتلك أبدا مثل هذه القوة العسكرية من قبل، ولم تكن حتى قريبة من ذلك». وفي السياق نفسه، صرح وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، بأنه قادر على إعطاء الرئيس ترامب معلومات مهمة بشأن كيفية المضي قدما في أعقاب هجمات «أرامكو». ونقلت «رويترز» تصريحات لبومبيو، قال فيها إن بلاده تريد حلا سلميا ولا تزال تسعى لبناء تحالف.
وذكر بومبيو أن إدارة ترامب، تخطط لتشكيل تحالف دولي واستخدام 55 سفينة للقيام بدوريات في المياه البحرية بالقرب من إيران، في تشرين الثاني المقبل، حسبما أفادت صحيفة «كيودو» اليابانية في واشنطن. وذكرت الوكالة بالإشارة إلى مصادر مطلعة، أن الخطة الأميركية قد تواجه صعوبات، حيث أن أربع دول فقط وافقت على المشاركة في تحالف تأمين الملاحة في مضيق هرمز، هي أستراليا والبحرين وبريطانيا والسعودية.
ردود أفعال دولية
بدوره، ذكر مدير جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريشكين، أن الجهاز يجمع المعطيات حول الهجوم على منشأتي شركة «أرامكو» السعودية، معتبرا أنه من السابق لأوانه تحميل إيران مسؤوليته.
وقال ناريشكين، في تصريح صحفي أدلى به ردا على سؤال حول المسؤول عن الحادث: «نجمع هذه المعطيات، لكننا لا نستخلص أي استنتاجات نهائية».
وتابع ناريشكين، تعليقا على الاتهامات المنسوبة إلى إيران: «يبدو لي أنه لا يمكن التوصل إلى أي استنتاجات دون امتلاك أي أدلة دامغة». من جانبها قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، حول التحالف الأميركي في منطقة الخليج، إن تصرفات واشنطن لن تحقق الاستقرار في المنطقة. وصرحت زاخاروفا في مؤتمر صحفي امس الجمعة: «لقد أجبنا بشكل متكرر على هذا السؤال. ننطلق من حقيقة أن جميع التدابير المتخذة في هذه المنطقة يجب أن يكون لها هدف رئيس متمثل باستقرار الوضع. لسوء الحظ، السياسة، بما في ذلك سياسة الولايات المتحدة الأميركية وعدد من الدول الأخرى، لا تؤدي إلى هذه النتيجة، بل تؤدي إلى عكس ذلك.»
وأشارت زاخاروفا إلى أن جميع التدابير المتخذة في هذا الصدد ينبغي أن يكون لها مبرر قانوني وأن يكون هدفها الرئيس تحسين واستقرار الوضع في المنطقة.
وازدادت الأوضاع في المنطقة تعقيدا بعد أن تعرضت السعودية، في 14 ايلول الحالي، لهجوم واسع استهدف منشأتين نفطيتين لشركة «أرامكو» العملاقة شرق البلاد، وهما مصفاة بقيق لتكرير النفط وحقل هجرة خريص، تبنته قوات جماعة «أنصار الله» الحوثية اليمنية والتي قالت إن العملية نفذت بـ 10 طائرات مسيرة.
وأعلن وزير الطاقة السعودي، عبد العزيز بن سلمان، أن الهجوم أسفر عن توقف إنتاج 5.7 ملايين برميل نفط يوميا، ما يتجاوز نسبة 50 بالمئة من مجمل الإنتاج في البلاد، واتهمت الولايات المتحدة إيران بالوقوف وراء الهجوم، الأمر الذي نفته بشدة الحكومة الإيرانية.