ياسر المتولي
في خطوة رائدة وجريئة اتخذتها الحكومة بالتوجه نحو الصين لإجراء شراكة اقتصاديَّة متينة قوامها التطور الكبير الذي تتمتع به الصين وأثره في معالجة الخلل البنيوي في الاقتصاد العراقي.
كنا قد أشرنا في مقالات سابقة ومنذ عقد من الزمن الى ضرورة تنوع علاقاتنا وشراكاتنا الاقتصاديَّة لأهمية هذا التنوع بالنأي عن تأثيرات المتغيرات التي تطرأ على اقتصادات الدول المتقدمة على الاقتصاد العراقي ولكي لا يقع تحت ضغط التبعية الاقتصادية ورهين أمزجتها، فهل حان وقت الاستقلال الاقتصادي؟
حقٌ مشروعٌ لأي بلد بأنْ يفكر بمصلحته قبل كل شيء.
واستناداً لهذا التحليل أرى أنَّ الصين تعدُّ قبان الأمان لمصلحة اقتصاد بلدنا نظراً للسياسات الواضحة للصين والبعيدة عن الهيمنة والاحتكار عدا ما تتمتع به من صدقيَّة في التنفيذ وتجربتها شاخصة في تخطي النمو العالمي وصدارة تحقيقه.
لذلك أجزتُ لنفسي أنْ اعتبر خطوة الحكومة بالجريئة للتحرر من قيد العلاقات المتشددة أحياناً.
وفيما عدا احتلالها المركز الثاني دولياً فإنَّ تقارب بعض الظروف التي ألمَّتْ بها بالظرف العراقي فهي تصلح أنْ تكون الاختيار الأمثل بين الدول.
عليه أرى كمراقب للأحداث الاقتصاديَّة ومحلل لها أنَّ وفداً بهذا الحجم والمستوى الفني إنما يبعث برسالة مهمة تفصح عن توفر إرادة سياسيَّة لدى الحكومة لأنْ تبدأ بداية صحيحة نحو تحقيق النهوض باقتصاد البلد ولكن.. هناك متطلبات أساسيَّة يتعين توفرها:
أولاً: تفويض الحكومة ودعمها من قبل مراكز القوة التي جاءت بها واختارتها ودعمها لإنجاز مهمتها.
ثانياً: أنْ تقوم الحكومة بتوقيع شراكة ستراتيجيَّة.
ثالثاً: ألا تكون هذه الزيارة لتوقيع صفقات تجاريَّة لا فائدة منها، إنما تنحصر بشراكة ستراتيجيَّة مع الصين بشأن تنفيذ المشاريع المهمة.
وتحديد أولوياتها للمشاريع الأكثر إلحاحاً ولتكن الخطوة الأولى البدء بقطاع الكهرباء كونه المفصل الأساسي والأهم لتحقيق النمو المستهدف، ومن ثم تتبعها خطوات لمشاريع أخرى لها الأهمية ذاتها.
ورغم حرصي على عدم الانجرار نحو التفسيرات السياسيَّة البحتة ومنظوري للعلاقات مع الدول على أساس المصالح الاقتصاديَّة فقط، إلا أنَّ الحديث لا بدَّ وأنْ يقرأ سياسياً.
فالصين أكثر الدول استقراراً ولم تكن احتكاريَّة بعلاقاتها من أجل ذلك وصفتها بـ"قبان الأمان".
فالتحديات التي يواجهها الاقتصاد العراقي لا تحتمل الارتكاز على دولة واحدة بعينها إنما تقتضي الحاجة الى تنوع علاقاته الاقتصاديَّة تبعاً لمصالح العراق كما أسلفت.
الآن نحتاج الى حلول ولا نحتاج الى عرض تحديات مفترضة قد تكون أشبه بوضع العصي في العجلة.
المطلوب الآن مراقبة النتائج بعد أنْ تعرض لنا الحكومة بشفافية مضامين هذه الشراكة واتجاهاتها وأبرز المشاريع التي تضمنتها، وعند ذاك يمكن الحكم بنجاحها بهذه المهمة من عدمه والحكومة هي المعنية بالإجابة على التساؤلات عن توفير متطلبات الاستثمار الصيني القادم في ظل وضع العراق المالي وحجم الديون، وإلا كيف تبادرالحكومة لإجراء شراكة من دون أنْ يكون لديها الحلول والبدائل.
نتمنى أنْ تكون هذه الخطوة فرصة جديدة لإيجاد حل لإعادة بناء اقتصادنا من جديد.