يرتبط التطعيم ضد وباء الانفلونزا لدى المرضى الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم بنسبة 25 بالمئة من مخاطر الوفيات المبكرة أثناء موسم الأنفلونزا، وفقا للبحث الذي عرض مؤخرا في المؤتمر العالمي لأمراض القلب بالدنمارك.
يقول البروفسور دانييل مودين، الاستاذ في جامعة كوبنهاغن : “في ضوء هذه النتائج، اعتقد أن جميع المرضى الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم يجب أن يخضعوا للتطعيم السنوي ضد الأنفلونزا. فالتطعيم آمن، رخيص، متوفر بسهولة، ويقلل من عدوى الأنفلونزا، ويمكن أن يحمي أيضا من الأزمات القلبية والجلطات القاتلة، والوفيات الناجمة عن أسباب أخرى.”
ووفقا لبحث سابق، فان عدوى انفلونزا الاجهاد التي تصيب الجسم، قد تسبب نوبات قلبية وسكتات دماغية. والمرضى الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم معرضون لمخاطر الاصابة بنوبة قلبية وسكتة دماغية.
وعن طريق وقف الاصابة بالانفلونزا، يمكن أن يوفر التطعيم الحماية ضد أحداث القلب والأوعية الدموية، ولكن حتى الآن لم يتم التحقق التام في ذلك كما ينبغي.
حالات وتشخيصات
استخدمت الدراسة سجلات الرعاية الصحية في جميع أنحاء الدنمارك لتحديد 70 ألف مريض تتراوح أعمارهم بين 18 الى 100 عام، مع وجود حالات ارتفاع ضغط الدم خلال تسعة مواسم متتالية من الأنفلونزا (2007 الى 2016).
حدد الباحثون عدد المرضى الذين تلقوا لقاح الانفلونزا قبل كل موسم. ثم تابعوهم خلال كل موسم وتتبعوا عدد الوفيات على وجه الخصوص، وسجلوا جميع أسباب وفيات القلب والأوعية الدموية، والوفيات بسبب الأزمات القلبية أو السكتات الدماغية.
أخيرا، قاموا بتحليل العلاقة بين تلقي اللقاح قبل موسم الأنفلونزا ومخاطر الوفيات خلال موسمها وتم التحكم في تحليل خصائص المريض التي يمكن أن تؤثرفي احتمالية الوفاة مثل العمر، الاصابة بالأمراض، الأدوية، والحالة الاجتماعية والاقتصادية. وبعد ضبط اختلافات المريض في موسم الأنفلونزا المحدد، ارتبط التطعيم بتخفيض نسبي بنسبة 25 بالمئة من مخاطر الوفاة من جميع الأسباب، وانخفاض بنسبة 16 بالمئة من مخاطر الوفاة من أي سبب للقلب والأوعية الدموية، و 10 بالمئة انخفاض في مخاطر الوفاة من نوبة قلبية أو سكتة دماغية.
يقول مودين: “لقد أظهرنا أن لقاح الأنفلونزا قد يحسن نتائج القلب والأوعية الدموية لدى مرضى ارتفاع ضغط الدم. فخلال مواسم الأنفلونزا التسعة التي درسناها تراوحت تغطية اللقاح بين 26 الى 36 بالمئة، وهذا يعني أن العديد من المرضى الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم لم يتم تطعيمهم. فاذا كان الشخص يعاني من ارتفاع ضغط الدم، فان الأمر يستحق مناقشة التطعيم مع الطبيب.”
وفيما يتعلق بمدى ارتباط الانفلونزا وأمراض القلب والأوعية الدموية، أشار مودين، أنه حينما يصيب فيروس الأنفلونزا الجسم فأنه يؤدي الى تفاعل مناعي قوي والتهاب لاحق. اذ تحارب هذه الاستجابات العدوى وتزيل الفيروس من الجسم، ولكنها قد تزيد من مخاطر الاصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية.
ويؤكد مودين: “ ان النوبات القلبية والسكتات الدماغية ناتجة عن تمزق لويحات تصلب الشرايين في الشرايين المؤدية الى القلب أو المخ. فالتطعيم يقلل الالتهاب الحاد الناجم عن عدوى الأنفلونزا من ثبات اللويحات ويزيد احتمال تمزقها.”
دراسة أخرى
كما كشف باحثون في دراسة أخرى لعلماء من جامعة مشيغان، أن انتقال فيروس الأنفلونزا يوضح رؤى جديدة لنوع الاستجابات المناعية التي قد تكون وقائية ضد عدوى فيروس هذا المرض. اذ ان هذه النتائج يمكن أن تساعد العلماء بتصميم لقاحات أنفلونزا أكثر فاعلية، وتؤدي كذلك الى تطوير لقاحات عالمية جديدة.
وجد الباحثون أن الأشخاص الذين لديهم مستويات عالية من الأجسام المضادة الجذعية كانوا أقل عرضة للاصابة بالانفلونزا. وتشير نتائج البحث الى أن مستوى الأجسام المضادة الجذعية تعمل على حماية أوسع وأكثر دواما ضد الانفلونزا عما تقوم به اللقاحات الحالية.
ولقاح الانفلونزا وجد خصيصا لكي يقوم بالحماية من فيروس شديد التغير.
اذ يتغير الفيروس سنويا بعد أن تصبح السلالات المختلفة هي المسيطرة. وبسبب ارتفاع معدل انتقال الفيروس، فأنه عادة ما يعمل على أنتاج تركيبة لقاح معينة تكون فعالة لمدة عام واحد فقط.
وتحذر منظمة الصحة العالمية من وجود خطر كبير لتفشي وباء الأنفلونزا في غضون السنوات القليلة القادمة. ومن أقوى الأنواع المرشحة للتفشي هو انفلونزا الطيور.
أدوية جديدة
صمم باحثون عقاقير يمكن أن تساعد في مكافحة أي وباء انفلونزا جديد محتمل، عن طريق استهداف مستقبلات الخلايا التي يدخل الفيروس من خلالها الى جسم الانسان. وأظهر البروفسور ريتشارد بليز، أنه من خلال هندسة
جزء من الجسم المضاد، يمكن استهداف البروتينات الفيروسية التي تسمح للطفرة لأن تصبح مميتة للبشر.
وتمثل حالات تفشي الأنفلونزا السنوية على مستوى العالم باحداث ما لا يقل عن مليون حالة مميتة في الجهاز التنفسي، معظمها في الأطفال وكبار السن.
وأوضح بليز: “لقاحات الانفلونزا لها تأثير محدود على الصحة العامة أثناء الأوبئة، واللقاحات الحالية أقل فعالية من اللقاحات للعديد من الأمراض المعدية الأخرى. وهذا لأن فيروسات الانفلونزا التي تنتشر في مجموعات بشرية وحيوانية تحور اثنين من البروتينات السطحية الفيروسية الرئيسية، مما يسمح لهم بالهروب من الأجسام المضادة الواقية الناتجة عن العدوى الطبيعية أو التطعيم.”
عن ساينس ديلي