خسارة السلام

آراء 2019/09/24
...

ساطع  راجي
كان يمكن للرياض ان تتجنب الازمة الاكبر بعد تعرض منشآت ارامكو للقصف عبر اعتمادها البيان اليمني/الحوثي الذي اعلن المسؤولية عن القصف، هذا كان سيجنبها البحث عن علاقة طهران بالقصف، وبالتالي فتح الباب للبحث عن رد مكافئ يعرض المنطقة كلها لكارثة، اكبر واول المتضررين منها هي السعودية نفسها ومعها الامارات وبقية دول المنطقة بالطبع.
سبق للحوثيين ان هاجموا مواقع سعودية بالصواريخ والطائرات المسيرة واتهمت الرياض طهران بتقديم الدعم، وتم تجاهل القصف سريعا، لكن الهجوم على ارامكو له تبعات اكبر، فهذه الشركة جزء من منظومة الطاقة العالمية وموقعها بعيد جدا عن الجبهة اليمنية، والهجوم مثل نكسة للمنظومات الدفاعية الاميركية واطاح بأساطير المخابرات التي ترصد كل شيء والاقمار الصناعية وهي تسجل “حركة النملة”، لذلك يصعب التعامل مع هجوم ارامكو وفقا للصيغة السابقة. الحرج الذي تعرضت له الرياض بهجوم ارامكو تاريخي، لأنها حصدت نتيجة حربها في اليمن، الحرب التي تورطت فيها الرياض وارادت تحويلها الى حرب منسية نظرا لعدم قدرتها على حسمها ولم تجد منفذا مشرفا لتسويتها، وكأن محمد بن سلمان يكرر خطأ حرب عبدالناصر في اليمن التي كانت احد اسباب نكسة حزيران 1967، وقد تكون هذه الحرب سببا لنكسة سعودية في اي حرب تخوضها قريبا، فقد تورطت الرياض بخسارة اهم اركان ستراتيجيتها السياسية، لقد خسرت ركن السلام، وهو اساس رفاهيتها ورفاهية شقيقتها الامارات، والبلدان معرضان لخسارة هذه الرفاهية.  السلطة في السعودية لا تريد مواجهة ازمتها في اليمن، فالحرب مستمرة مع خصم ليس لديه ما يخسره، ولا تريد السلطة للمواطنين ان يفهموا حجم تأثير هذه الحرب في حاضرهم ومستقبلهم الذي سيكون محاطا بالحرب دائما، بعدما كدست الرياض الاسلحة نتيجة علاقتها غير المتوازنة بالقوة الاميركية وحان وقت استخدام هذا السلاح لشراء بديل عنه لتستمر العلاقة السعودية الاميركية في سياقها وبدلا من ان يكون هذا السلاح وهذه العلاقة ضمانات لاستقرار السعودية ومحيطها القريب تحولا الى عاملي فوضى يقودانها الى حروب متسلسلة، حروب ساخنة وباردة مع قطر وايران واليمن وفي سوريا وربما اماكن اخرى، وما ينطبق على السعودية ينطبق على الامارات ايضا التي ستتعرض بسرعة الى نكسة اقتصادية مع تزايد التوتر وتصاعد دورها العسكري في المنطقة، لأن اقتصادها قائم على استثمار السلام أولا. السعودية تريد تجاهل حرب اليمن المستمرة منذ سنوات الى حد انها تفتعل الصدمة كلما تعرضت لضربة كبيرة او صغيرة، وكأنها لاتخوض حربا يمكن للخصم مهما كان ضعيفا ان يرد، السعودية تفتعل الصدمة لأنها لاتريد لمواطنيها ان يتذكروا تورط بلادهم بحرب طاحنة، ولاستكمال صورة الصدمة تحشد الرياض ادانات من كل حلفائها لأي هجوم تتعرض له وللتملص من احراجات الخصم الضعيف يكون الرد موجها لإيران حليف هذا الخصم.