بوابة الصين

آراء 2019/09/24
...

واثق الجابري
 
 يشهد الاقتصاد العالمي، حرباً صامتة ومعلنة، ونقاط الخلاف يصعب إخفاؤها، ويلعب التاريخ دوراً دامياً في هدم العلاقات الدولية، وترميمها يكاد يكون أحياناً أصعب من البناء على طبيعته، التي كانت بدايتها بسيطة وللتو تتحول من الأفراد الى المجموعات وطبيعة احتياجات متبادلة يقايض بعضها ببعض، الى أن تشابكت وعبرت الحدود وغيرت نمط العلاقات الدولية، وصارت حاكمة وتتحكم بكل شاردة وواردة، بما فيها الحروب العلنية والسرية وما يتبعه من ازهاق آلاف أرواح البشر وإنفاق مليارات الدولارات. الإنسان هو موضوع التنمية وغايتها، ولا يقف عند التنمية المادية فحسب، بل يتعداها الى الاستعداد لتلبية الحاجات الثقافية والروحية والفنية، وهذا ما يدعو لتشجيع الحالة الاقتصادية للدولة لتنعكس على الفرد.
مرت بالعراق ومن ثمانينات القرن الماضي تقلبات سياسية وحروب دموية واقتصادية، أدت الى نزعة يطول وقوف الاقتصاد على حافة الانتظار دون إنطلاق، وربما كان في أوقات يقف على هاوية الإنهيار، في غبرة الصراعات السياسية والعسكرية والاقتصادية. معظم الحوادث إساءة متعمدة للشعب العراقي، من حروب وحصار زج الشعب في تحمل ويلاتها، جراء تنفيذ مصالح خارجية وفي أحيان أخرى كان التدخل الخارجي بشكل مباشر، ووصل الى الإرهاب وتحطيم البنى التحتية والاجتماعية، وترسيخ مفهوم أن العراقيين غير قادرين على إعادة بناء أنفسهم، وبعد الهجمة الإرهابية الأخيرة، والصراعات السياسية المحلية وتلبد المحيط الإقليمي بتكهنات قادم سيئ، مع محاولات إبقائه تحت الحماية الدولية، لاسيما الأميركية منها، دون ملاحظة حقهم في البحث عن موقع الدولة في المستوى الكوني، والخروج من ذهنية العزلة، دون ضغط أو ابتزاز أو انقياد لسياسة دولة بعينها.  ليس من الصعب على العراق إقامة علاقات دولية، على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، وأدركت الحكومة أن دور الدولة لا يُقاس بالإنتاج النفطي، بقدر لعبها دوراً في المسرح العالمي، كدولة ذات قرار مستقل في جميع المجالات، وسيادته على أراضيه، وعليه التخلص من التبعية الدولية، ودور الدول في رسم السياسات، وكما معهود في تدخل الدول العظمى في سياسات واقتصاد الدول النامية.  كانت معظم السياسات الخارجية خجولة، تحاشياً من الغضب الأميركي، نتيجة حاجة العراق للدعم في مختلف المجالات، ومنها السياسي والاقتصادي والأمني والمالي والتكنولوجي، وآن الآوان لإعطاء مصالح العراق الاقتصادية أولوية، ويشكل الشرق عامل تقارب، نتيجة سعي هذه الدول للاستثمار في العراق، وحاجة العراق للبنى التحتية، والافادة من التجربة الصينية الناهضة، وجعلها أنموذجا للتطور والتحرر الكامل من الهيمنة القطبية، وتجاوز نتائج الاتفاقات السلبية، التي فرضتها مراحل تحولات وحروب وتراجع سياسي واقتصادي. إن “حاجة العراق اليوم أكثر من أي وقت مضى، الى زخم علاقاته الآسيوية المؤثرة، والصينية بوجه خاص، بالاتجاه الذي يُعيد للعراق دوره الحيوي الفاعل والمؤثر، والى شعبه ألقه وحياته الكريمة” هذا ما قاله رئيس الوزراء العراق عادل عبدالمهدي في مؤتمر التصنيع العالمي 2019 بمدينة خيفي الصينية، ودعا الشركات الصينية والعالمية الى الإسهام  بنهضة العراق وإعادة بناه التحتية. الزيادة ستشمل توقيع عدد كبير من الاتفاقات بين الجانبين، وطبيعة الوفد العراقي يتصف بالملامح الاقتصادية، ويتضمن مشاريع كبرى في النقل والخدمات والتعليم والصحة والاسكان، من خلال شركات صينية كبرى وإكمال أنموذج التمويل عبر صندوق الإعمار العراقي الصيني المشترك، وتندرج ضمن فلسفة حكومية في الانفتاح على العالم، وأن العراق صديق للجميع، وعامل مؤثر ويشكل جسراً بين جميع المختلفين، ومن ضمن الزيارة أن المستهدف يشهد تقديرات أعمال بين العراق والصين، تصل الى 500 مليار دولار، خلال السنوات العشر القادمة، وبالنهضة العراقية المرتقبة، سيخرج العراق من العلاقات غير المتكافئة؛ الخاضعة للابتزاز المالي والتبعية السياسية.