سياسة الانفتاح

آراء 2019/09/25
...

د. سعد العبيدي
 
 
اتجهت الحكومة العراقية الى الصين في زيارة لرئيس وزرائها والوزراء والمحافظين والمستشارين، تعد ضخمة في حسابات العدد الكلي لتشكيل الوفود
، بقصد حضور افتتاح معرض صناعي صيني، والتواصل مع حكومة هذه الدولة التي تحسب من الدول العظمى الواعدة في النمو والتطوير، وهي خطوة جيدة في هذا الوقت الذي تخلص فيه العراق نسبياً من تأثير الإرهاب على النمو وإعادة البناء، وكوّن أجواءً تحتاج ديمومتها الى استثمارات ضخمة وإعادة بنى تحتية فاعلة بكلف مالية عالية لا يمكن تحملها من خزينة البلاد في الوقت الراهن على وجه الخصوص. 
إنّ الصين مؤهّلة فعلاً للاستثمار وتقديم العون خاصة وانها دولة كانت مصنّفة الى عهد قريب من الدول النامية التي استطاعت العبور من على هذا التصنيف والانطلاق الى الامام لتكون من أقوى الاقتصادات في العالم، كذلك فإنّ العقلية الصينية الشرقية قريبة الى حد ما من العقلية العراقية الشرقية أيضاً، وهي بذلك قادرة على التعامل معها بنجاح يفوق باقي العقليات في عالم مليء 
بالكفاءات. 
إلّا أنّ مسألة الانفتاح والاستثمار والقدرة على جلب رؤوس الأموال، ليست هي العقبة الوحيدة في عراق اليوم، الذي جلبت صادراته النفطية منذ اليوم الأول لتغيير شكل النظام في العام 2003 وحتى هذا اليوم مليارات الدولارات كانت تكفي وحدها ومن غير الاستعانة برأس المال الخارجي، لإعادة بناء العراق ودفعه خطوات الى الامام قد تقربه الى مصاف كثير من الدول التي يقترب وضعها من 
الصين. 
إنّ العقبة أو المعضلة الأساسية في العراق والتي لا بدّ أن تتنبّه اليها الحكومة اذا ما استطاعت بالفعل من جلب الاستثمارات والتكنولوجيا من الصين هي الكيفية التي تتم بها حماية هذه الاستثمارات من حيتان الفساد وآفات المساومة، والاعاقة العمديّة ومن تدخّل السياسة في الشؤون الفنية والمالية 
للاستثمار. 
خاصة وانه أي العراق في واقع الحال لم يشفَ بعد من آفات فتكت بالصناعة والزراعة والتجارة والبناء وأسهمت في تدمير البلاد، والذي يخشى من بقائها فاعلة لتدفع بالمليارات الصينية التي يكتب عنها ويتأمل الحصول عليها الى الذوبان في بحر الفساد، اذا ما تمّ الأخذ في الاعتبار بان المليارات العراقية التي تبددت (ذابت في بحر الفساد) تفوق كثيراً أعداد المليارات الصينية المؤمل 
وصولها. 
وعلى هذا تكون مشاريع الصين ومسألة الانفتاح واحتمالات جلب الاستثمارات مجازفة، اذا لم يتم الاستعداد المسبق لها والتهيؤ للتعامل معها وحمايتها من الحيتان 
والآفات. 
وهو أمر اذا ما نجحت فيه الحكومة ويسهل عليها أن تنجح ستكون قد حققت للبلاد نفعاً يسجل لها في سجلات التاريخ، من انها حاولت 
وحققت. 
ومع هذا وعلى الرغم من كل هذه الإشارات يبقى الامل موجوداً في ان يتحقق قدر من النجاح، وتبقى المحاولات لازمة لغد قد يكون أفضل اذا ما تضافرت كل الجهود لبنائه بالشكل الصحيح.