شكلت الأرقام الضعيفة بشأن النشاط الصناعي والخدمي في أكبر اقتصاد داخل أوروبا ضربة جديدة لمنطقة اليورو، كونها تزيد المخاوف حيال الدخول في مرحلة ركود اقتصادي.
وتظهر بيانات مؤسسة ماركت للأبحاث الصادرة مؤخراً توقف نمو النشاط الصناعي والخدمي في منطقة اليورو على خلفية التأثر السلبي من انكماش الأداء في ألمانيا.
مديرو المشتريات
من خلال نظرة متعمقة في مؤشر مديري المشتريات الألماني، نجد أن النشاط الصناعي انكمش لأدنى مستوى منذ عام 2009 بعدما سجل 41.4 نقطة في التقديرات الأولية لشهر أيلول وهو أقل من التوقعات البالغة 44.6 نقطة ومقارنة مع 43.5 نقطة المسجلة في الشهر الماضي.
وتسبب أداء القطاع الصناعي في دخول النشاط الاقتصادي بألمانيا منطقة الانكماش أي تراجعه دون الحد الفاصل بين التوسع والانكماش والبالغ 50 نقطة، للمرة الأولى منذ نيسان.
ورغم أن النشاط الخدمي في ألمانيا لا يزال يقع ضمن نطاق التوسع في الأداء لكنه فقد الزخم هذا الشهر مسجلاً أسوأ قراءة في 9 أشهر، كما أنه كان مخيباً لطموحات المحللين.
كما أظهرت بيانات حديثة تراجع توقعات المستثمرين لاقتصاد ألمانيا إلى أدنى مستوى في 10 سنوات، مع مخاوف من انكماش الاقتصاد ومعاناة الشركات في باقي العالم.
وتركت هذه الأرقام بصمتها السلبية على الوضع داخل منطقة اليورو ككل والتي شهدت تراجعاً في النشاط الاقتصادي لأدنى مستوى منذ حزيران 2013 بالتزامن مع انكماش النشاط الصناعي لأسوأ قراءة في 7 سنوات.
وتأتي نتائج المسح بعد أقل من أسبوعين من تعهد البنك المركزي الأوروبي بتقديم التحفيزات اللانهائية من أجل انعاش الاقتصاد المتعثر للكتلة التي تضم 19 دولة.
المؤشر المركب
يشير مؤشر مديري المشتريات المركب (الذي يضم أداء القطاعين الصناعي والخدمي معاً) والصادر عن مؤسسة ماركت البحثية، والذي يُنظر إليه على أنه بمثابة دليل جيد على قوة الوضع الاقتصادي، إلى أن هناك حاجة لدعم النشاط المتعثر.
وقال الاقتصاديون في بنك "مورجان ستانلي" خلال مذكرة للعملاء نقلتها صحيفة الغارديان، إن المؤشر المركب تراجع إلى مستوى منخفض جديد في إشارة على أن اقتصاد منطقة اليورو ربما يقترب من الانكماش.
وكان اقتصاد منطقة اليورو قد توسع بنسبة 0.2 بالمئة في الربع الثاني من 2019 على أساس فصلي، طبقاً للبيانات الرسمية، لكن متوسط مؤشر مديري المشتريات للربع الحالي يشير إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي قد يكون الآن أضعف.
وحذر رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي في المؤتمر الصحفي الذي أعقب اجتماع السياسة النقدية الأخير من ارتفاع احتمالية تعرض اقتصاد منطقة اليورو للركود رغم إشارته إلى أنها لا تزال محدودة.
خفض التوقعات
قرر البنك المركزي خفض توقعات النمو الاقتصادي في منطقة اليورو خلال العامين الحالي والمقبل إلى 1.1 و1.2 بالمئة على الترتيب بدلاً من 1.2 و1.4 بالمئة.
ويعتزم البنك كذلك دعم الأسواق من خلال بدء العمل ببرنامج شراء الأصول بوتيرة شهرية تبلغ 20 مليار يورو بدءاً من 1 تشرين الثاني لكنه لم يحددد نهاية لهذه العملية. وأكدت هيئة الإحصاءات الفيدرالية في ألمانيا انكماش الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في الربع المنتهي في حزيران، وهو ما يأتي في سياق ضعف صادرات أكبر اقتصاد أوروبي.
وعلى الرغم من ذلك، فإن وزارة الاقتصاد الألمانية أكدت أن البلاد لا تواجه اتجاهاً هبوطياً أكبر أو ركوداً واضحاً بعد الانكماش قليلاً في الربع الثاني. وتعرض اقتصاد ألمانيا إلى مجموعة من الضغوط في الآونة الأخيرة كونها كانت أكبر المتضررين من التباطؤ العالمي والحرب التجارية. ومن جهة أخرى، صرح دراجي أمام اللجنة البرلمانية الأوروبية بأن الجوانب الهبوطية القائمة حالياً داخل القطاع الصناعي تخاطر بنقل العدوى لبقية أجزاء الاقتصاد، مشيراً إلى أن منطقة اليورو لا تُبدي أيّ إشارات مقنعة على التعافي.