اغتنام العصر الجديد وفتح المستقبل الجديد
قضايا عربية ودولية
2019/09/25
+A
-A
تشانغ تاو *
تصادف في اليوم الأول من شهر أكتوبر للسنة الجارية الذكرى السبعون لتأسيس جمهورية الصين الشعبية. وبهذه المناسبة المهيبة والمفرحة، يشعر الشعب الصيني كافة ببالغ الفخر والاعتزاز بالإنجازات الكبرى التي حققها الوطن الأم العظيم ومساهمته أكبر فأكبر في الحفاظ على سلام العالم واستقراره وتنميته.
قبل سبعين سنة من اليوم، أحرز الشعب الصيني انتصارا عظيما للثورة الصينية وذلك خلال النضال الشاق لأكثر من مئة سنة منذ العصر الحديث وبعد ذلك، أسس الصين الجديدة. منذ ذلك الوقت، بدأ الشعب الصيني يقف على قدميه وأصبح سيد مصيره فدخلت الأمة الصينية ذات حضارة عمرها نحو خمسة آلاف سنة إلى مرحلة جديدة من التطور والتقدم وتفجرت بطاقة جديدة لا مثيل لها.
خلال السنوات السبعين المنصرمة وتحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني، اتحد الشعب الصيني كرجل واحد من أجل التغلب على التحديات وتجاوز الصعوبات وشق طريق التقدم حتى تتجه الصين من الانغلاق والتخلف إلى الانفتاح والتقدم ومن الفقر والضعف إلى الازدهار والرخاء والرفاهية. إن الشعب الصيني قد خلق معجزة عظيمة واحدة تلو الأخرى بحكمته وعرقه في تاريخ تطور البشرية وحقق طفرة تاريخية من النهوض ثم الاغتناء وصولا إلى تعزيز القوة.
حققت القدرات الوطنية الشاملة قفزة تاريخية. بلغ الناتج المحلي الإجمالي للصين في عام 2018 13.6 تريليون دولار أميركي وزاد بـ175 ضعفاً مقارنة مع مستواه في عام 1952 وحافظ على 8.1 بالمئة من متوسط معدل النمو السنوي وبلغ نصيب الفرد للناتج المحلي الإجمالي 9732 دولاراً أميركيا وهو أعلى من معدل البلدان المتوسطة الدخل. بلغ احتياطي النقد الأجنبي 3072.7 مليار دولار أميركي ليحتل المرتبة الأولى عالميا لـ13 سنة متتالية. كما أن الصين تحافظ على مكانتها كثاني أكبر اقتصاد عالمي.
تطورت الصناعات بسرعة فائقة. تعد الصين دولة تتمتع بجميع الفئات الصناعية التابعة للتصنيف الصناعي للأمم المتحدة ويحتل أكثر من 200 نوع من منتج صناعي صيني المرتبة الأولى عالميا من حيث الإنتاج. كما أن الصين تربعت على عرش الصدارة في العالم منذ عام 2010 من حيث القيمة المضافة للصناعة التحويلية.
أحرزت البنية التحتية طفرة مهمة. بلغت أطوال السكك الحديدية الفائقة السرعة العاملة الصينية في نهاية عام 2015 29 ألف كيلومتر وهي تشكل 60 بالمئة من أطوال السكك الحديدية الفائقة السرعة العالمية. وصلت أطوال الطرق الصينية إلى 4.85 مليون كيلومتر وهي ازدادت بـ59 ضعفاً مقارنة مع مستواها في بداية تأسيس البلاد. بلغت القدرات الكهربائية المركبة 1.9 مليون ميغاواط وهي ازدادت بـ 32.3 ضعفاً مقارنة مع قدراتها في نهاية عام 1978.
شهدت قضية التكنولوجيا والتعليم والبرامج الاجتماعية ازدهارا ورخاء. أصبحت الصين ثاني أكبر دولة من حيث نفقات البحث والتطوير منذ عام 2013. تجاوز المستوى العام لتعميم التعليم المتوسط عالميا. ارتفع متوسط العمر المتوقع من 35 سنة في بداية تأسيس البلاد إلى 77 سنة في عام 2018.
شهدت حياة الشعب ازدهارا ورفاهية يوما بعد يوم. تحولت حياة الشعب الصيني من عدم توفر الغذاء والكساء إلى الميسور والآن تتجه إلى مستوى رغيد الحياة على نحو شامل.ازداد دخل السكان باستمرار وارتفع مستوى الاستهلاك بلا انقطاع. بلغ معدل نصيب الفرد من الدخل القابل للتصرف لدى السكان 28 ألف يوان صيني وهو ازداد بـ24.3 ضعفاً فعليا مقارنة مع مستواه في عام 1978.
إن تأسيس جمهورية الصين الشعبية لا يغير مسار التنمية الذاتية الصينية فحسب، بل له تأثير عميق للعالم أيضا. قد أصبحت الصين محركا رئيسا لنمو الاقتصاد العالمي وتجاوزت نسبة مساهمة الاقتصاد الصيني في الاقتصاد العالمي 30 بالمئة للسنوات المتتالية.
بفضل سياسة تعميق الإصلاح والحملة واسعة النطاق لمساعدة الفقراء وتحفيز التنمية، قد خفض عدد الفقراء في الصين بمقدار 853 مليون نسمة بشكل متراكم وهذا يمثل أكثر من 70 بالمئة من العدد الإجمالي الذي تم التخلص فيه من الفقر في العالم فيعد هذا الإنجاز بذاته مساهمة كبيرة لدفع القضية العالمية لمحاصرة الفقر وتعزيز الاستقرار العالمي.
توفي الصين بالتزاماتها الدولية بصورة إيجابية. تعتبر الصين ثاني أكبر مساهم في ميزانية الأمم المتحدة. كما أنها أكبر دولة بين الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن من حيث عدد أفراد حفظ السلام الذين تم إيفادهم. تبذل الصين جهودا إيجابية لدفع تسوية ملف النووي الإيراني وقضية فلسطين وملف سوريا وغيرها من القضايا الإقليمية الساخنة، الأمر الذي لعب دورا إيجابيا في الحفاظ على سلام المنطقة واستقرارها.
تتحمل الصين مسؤوليتها كدولة كبيرة. إن مبادرة”التشارك في بناء الحزام والطريق“ التي طرحها الرئيس شي جين بينغ قد تلقت دعم الكثير من الدول في العالم. حتى الآن، إذ شاركت أكثر من 140 دولة ومنظمة دولية في هذه المبادرة بما فيها العراق ، الأمر الذي جعلها أكبر سلعة عامة في العالم وقدمت فكراً وخطة جديدة لاستكمال نظام الحوكمة العالمية.خلال السنوات السبعين المنصرمة، ظلت الصين تتبع السياسة الخارجية السلمية المستقلة بلا تزعزع وتتمسك بالحفاظ على سلام العالم وتعزيز التنمية المشتركة. نبذل جهودا إيجابية لخلق نوع جديد من العلاقات الدولية المبنية على الاحترام المتبادل والإنصاف والعدالة والتعاون والفوز المشترك وبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية. أمام الحمائية المتفشية وموجة مناهضة العولمة المتنامية، تتمسك الصين بموقفها بثبات لأن تكون حليفا للتقدم والتطور وتضفي قوة إيجابية على الأوضاع الدولية التي تسودها عوامل عدم اليقين. إن مفاهيم سياسة خارجية الدبلوماسية الصينية وروحها وقيمتها واستعدادها لتحمل المسؤولية تتلقى الاستقبال والتجاوب المتزايد من قبل المجتمع الدولي وتنبض دبلوماسية الدولة الكبيرة ذات الخصائص الصينية بالحياة
والنشاط. لقد أثبتت الحقائق أن تنمية الصين ظلت تنمية سلمية ومنفتحة وتنمية مشتركة للشعب الصيني البالغ عدده 1.4 مليار نسمة كافة. وفي الوقت نفسه، قدمت التنمية الصينية مساهمة جبارة للحفاظ على استقرار العالم وسلامه.
كالصديق المخلص، قدمت الصين مساهمة إيجابية لإعادة إعمار العراق بعد الحرب حيث شاركت الشركات الصينية في إنشاء حقل الأحدب النفطي بكونه أول مشروع نفطي كبير بعد الحرب ومحطة كهرباء واسط الحرارية بصفتها أول محطة كهرباء بعد الحرب. قدم الجانب الصيني أكثر من 2100 فرصة بشكل متراكم للباحثين والخبراء العراقيين لتلقي التدريب في الصين. كما أن التعاون العملي بين الجانبين في المجالات كافة قد وفر أكثر من عشرة آلاف وظيفة للشعب العراقي.
يتجه العراق الآن إلى الاستقرار والمصالحة وإعادة الإعمار، بينما دخلت الصين إلى العصر الجديد فكلا البلدين يقف عند نقطة انطلاق جديدة. نحرص بذلك على الجهود المشتركة مع العراق لتعميق علاقات الشراكة الستراتيجية الصينية العراقية باستمرار ودفع التشارك في بناء”الحزام والطريق“ حتى تحقيق حلم النهضة للأمتين بصورة مشتركة. كما يقول المثل العربي إن حلم اليوم حقيقة الغد، فأنا على يقين بأنه بفضل الجهود المشتركة للجانبين، سيستقبل البلدان والشعبان مستقبلا أجمل بكل
تأكيد.
السفير الصيني لدى العراق