في وقت تتجه فيه الغالبيَّة العظمى من البنوك المركزيَّة حول العالم إلى خفض معدلات الفائدة وسط محاولات دعم الاقتصاد، إلا أنَّ هناك دولاً بعينها تسبحُ ضد التيار لمعالجة أزمات فرديَّة.
ويسيرُ بنك الاحتياطي الفيدرالي وهو أكبر بنك مركزي حول العالم، في نطاق هذا النهج التشاؤمي بعدما خفض معدل الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في خطوة هي الثانية من نوعها منذ الأزمة المالية العالمية.
ولم يكن المركزي الأميركي منفرداً في هذا الاتجاه، إذ سبقه المركزي الأوروبي بخفض معدل الفائدة على تسهيلات الودائع بمقدار 10 نقاط أساس كما خفض المركزي التركي الفائدة بنحو 325 نقطة أساس للمرة الثانية ليكون إجمالي الخفض 7.5 بالمئة هذا العام.
ظروف خارجيَّة
في حين أنَّ بنوك اليابان وإنكلترا والبنك المركزي في سويسرا أبقوا معدلات الفائدة كما هي من دون تغيير في آخر اجتماع للسياسة النقديَّة عُقد في وقت سابق من هذا الشهر.
لكنْ في الوقت نفسه وفي ظل الظروف الخارجية ذاتها توجدُ دولٌ أخرى تتخذ خطوات في الاتجاه المعاكس لكبح جماح النمو المتسارع للاقتصاد مثل النرويج والتشيك.
كما توجد دولٌ أخرى مثل الأرجنتين وزيمبابوي وباكستان تعاني من مشاكل أخرى ذات صلة بالوضع المالي.
في حالة النرويج، نجد أنها نفذت مؤخراً الزيادة الرابعة في معدل الفائدة خلال العام الحالي بنحو 25 نقطة أساس لتصبح الفائدة 1.5 بالمئة، وهو أعلى مستوى في نحو 5 سنوات، في محاولة لتهدئة الاقتصاد المتسارع.
دورة التشديد
ألمح محافظ البنك المركزي أويستاين أولسن إلى أنَّ "الزيادة الأخيرة في الفائدة قد تكون نهاية دورة التشديد الحالية، معترفاً بأنَّ المخاطر في الخارج تجعل من الصعب على النرويج أنْ تستمر في هذا الوضع بمفردها خاصة في ظل انتشار السياسات التيسيريَّة عالمياً".
وفي حالة التشيك، نرى أنَّ البنك المركزي هناك يبحث زيادة معدل الفائدة بعد أنْ نفذ 8 مرات بالرفع في غضون العامين الماضيين.
ويقول رئيس المركزي التشيكي توماش هولوب: إنَّ "المناقشات داخل البنك ستميلُ قليلاً إلى الاتجاه الصعودي حالياً، رغم عدم استبعاده أنْ يكون الخفض أمراً ممكناً عند نقطة ما في المستقبل".
الأرجنتين والإفلاس
أما الأرجنتين، فقامت بزيادة معدل الفائدة إلى 75 بالمئة طوال بقية الشهر الحالي بدلاً من 58 بالمئة في السابق، أما معدل الفائدة الأساس الذي يتغير كل يوم مع ربطه بمزاد الديون قصيرة الآجل، فقد وصل إلى 83 بالمئة.
وتأتي تحركات البنك المركزي في الأرجنتين وسط وقوف البلاد على مشارف الإفلاس للمرة التاسعة في تاريخها.
وفي ما يتعلق بزيمبابوي، فإنَّ بنك الاحتياطي زاد معدل الفائدة لليلة واحدة في وقت سابق من أيلول الحالي بنحو 20 بالمئة دفعة واحدة لتصبح الفائدة 70 بالمئة وسط محاولات كبح جماح التضخم.
وتعيش زيمبابوي أزمة اقتصادية طاحنة وسط تسارع أرقام التضخم بصورة جامحة لتتخبط الدولة بين إلغاء العملة في عام 2009 قبل أنْ تعلن عودة العمل مجدداً بالدولار الزيمبابوي في وقت سابق من هذا العام.
يذكر أنَّ معدل التضخم يتراوح بين 230 لـ570 بالمئة بحسب التقديرات نظراً لغياب الأرقام الرسميَّة، وفي ظل اتجاه البلاد لتسجيل أول انكماش سنوي منذ العام 2008.
أما باكستان، فقد قامت برفع معدل الفائدة 4 مرات هذا العام لتصبح 13.25 بالمئة مع الأخذ في الاعتبار أنَّ بنكها المركزي أبقى الفائدة عند هذا المستوى.