د. باسم محمد حبيب
لا يختلف اثنان على ما عاناه البلد في الخمس عشرة سنة الماضية من الإرهاب والفساد، إذ كان للفساد أثره الكبير ليس بمقتل أعداد كبيرة من الناس بل وتخريب الدوائر والمؤسسات الحكومية والممتلكات العامة والخاصة وتهريب كثير منها إلى خارج البلاد.
أما الفساد فلا يخفى على أي متتبع ما سببه من هدر كبير في الأموال والموارد إلى درجة أصبح العراق فيها أقرب ما يكون إلى دولة فقيرة
و مفلسة.
ومن ثمّ انعكس ذلك بشكل كبير على حركة الإعمار ليس بأبعاد الدول والشركات الأجنبية عن العمل في البلاد وحسب بل وفي عدم توافر الموارد المالية التي تحتاجها مشاريع الإعمار لاسيما وقد توافق ذلك مع تراجع أسعار النفط المورد الاقتصادي الوحيد للعراق، فضلا عن استثمار كثير من الأموال في الحرب ضد الإرهاب لا سيما إرهاب عصابات داعش الذي خرّب الكثير من المدن العراقية لاسيما في المناطق الشمالية والغربية من
البلد.
ومن ثمّ لم تكن حركة الإعمار بالشكل الذي تمناه المواطن العراقي في معظم المحافظات العراقية، لكن هذا لا يعني أن مستوى الإعمار كان واحدا في كل المحافظات، إذ لاحظنا تباينا في مستوى الإعمار من محافظة إلى أخرى، فبينما بلغت حركة الإعمار مستويات جيدة في محافظات كردستان في شمال العراق تليها المناطق الوسطى ثم منطقة الفرات الأوسط انخفضت هذه المستويات إلى درجة تكاد لا تذكر في محافظات
جنوب العراق.
وبالتأكيد نحن ندرك ان هناك أسبابا معينة حددت هذا التباين في نسب الإعمار بعضها خارجة عن إرادة السلطة كرغبة الدول المانحة في إعطاء الأولوية للمناطق المتضررة من إرهاب عصابات داعش وبعضها الآخر مرتبطة بعوامل أخرى أمنية وعسكرية وسياسية وثقافية .. الخ ، وهي أسباب لا يمكننا أبدا القبول بها، لأننا كمواطنين عراقيين نرى بأننا جميعا متساوون في المواطنة وفي الحقوق والواجبات، ومن ثمّ من حقنا جميعا بمستوى واحد من الإعمار ولا نقبل بأقل من ذلك أبدا.
إنّنا نطالب بوضع خطة موحدة للإعمار وتوفير الخدمات تشمل عموم البلد، حتى لا يجري التلاعب بحصص المحافظات من الإعمار أو يكون للعوامل الذاتية أثرها في مسار الإعمار وليس العوامل الموضوعية أو ما تحتاجه المحافظات من المشاريع، وأن يتم ذلك بوجود ممثلين عن المحافظات كافة لكي يتم النظر في مطالب كل محافظة من المشاريع الإعمارية والخدمية فضلا عن مراقبة صياغة الخطة وتوزيع فقراتها.
إنّ ضمان حق كل محافظة من مشاريع الإعمار هو أمر ضروري وأساسي لإشعار المواطنين بمساواتهم وأنّهم جزء من بلد واحد يتساوى الجميع فيه بالحقوق والواجبات ويكون الجميع فيه راضون ومتكاتفون، فهذا هو السبيل لبناء بلد آمن مستقر.