د. حسين القاصد
هذا هو اسم الكرسي المدرسي الذي يجلس عليه التلميذ في المدارس، وهو من اوائل الأشياء التي يتعرّف عليها، بعد دق الجرس والاصطفاف الصباحي .
يسميها العراقيون (رَحلة) بفتح الراء، وهذه الرحلة ترافقهم حتى نهاية السادس الاعدادي، ثم يتحول اسمها في الجامعة إلى (كرسي) وبعض التسميات الاجنبية التي يتمنطق بها طلبة الكليات. ولو دققنا وتفحصنا وتساءلنا عن هذه الرحلة المفتوحة الراء، ومن أين جاءتها التسمية لترافق التلميذ لمدة اثنتي عشرة سنة من عمره، لعرفنا أن الطالب كان في رحلة شاقة استغرقت اثنتي عشرة سنة ليصل إلى
الكلية؛ لذلك فهو كان مسافرا على متن هذا الكرسي الخشبي طيلة هذه المدة؛ ومن هنا نعرف انها رِحلة بكسر الراء، بعد أن اشتقت أداة السفر الخشبية اسمها من هذه الرحلة الطويلة
الشاقة.
الرحلة الدراسية بدأت تهيمن على اهتمامات المواطن العراقي؛ فلقد بدأ التلاميذ يراجعون مدارسهم لتسلّم الكتب، وبدأت الأسر العراقية تستنفر دخلها المالي وتستعد لجولة عام
دراسي جديد.
عام دراسي جديد يتمناه العراقيون في مدارس تصلح لأجواء الدراسة بعد حملة هدم للمدارس استمرت من دون أي محاولة إعادة بناء ملموسة. ولعل ابسط الأمنيات هذا العام، هي أن ينجح المعنيون برفع نسبة النجاح الحقيقي وليس النجاح لغرض المنافسة على الواجهة من دون تميز علمي، نريد نسبة نجاح مقرونة بتميز يشبه تميز الطالب سجاد بائع الماء الذي لايعرف شيئا عن الفيس بوك ولا تعرف الكهرباء طريقها إلى منزله الطيني في تلك القرية النائية في الشطرة - محافظة ذي قار؛ ومع كل هذه التحديات والصعوبات ومن دون أي درس خصوصي، نجح وصار من الأوائل
على العراق.
لكن علينا ألّا نعدّه مقياسا وذريعة لنجبر تلاميذنا على ظروف قاسية ونطلب منهم أن يتميزوا مثله؛ بل علينا أن ننتبه إلى حال مدارسنا وأحوال المدرسين والمعلمين، وان نشجّع الطلبة على النشاطات اللاصفية لكي نشجعهم على الابداع ونكتشف مؤهلاتهم مبكرا. عام دراسي جديد ينتظر اهتماما جديدا ومضاعفا لكي نرتقي بمستوى التعليم بدءا من نواته في الدراسة الابتدائية، لكي لانعاني حين يصلون إلى مراحل متقدمة في الدراسة بنجاح روتيني من دون تعليم محبب إليهم؛ نتمناه عاما موفقا مزدانا بالعلم والنجاح والتفوق. كل التوفيق للجميع ابنائنا في عامهم
الدراسي الجديد.