في ذكرى حرب مدمّرة

آراء 2019/09/30
...

د.سعد العبيدي 
 

ازداد التوتر بين الجانبين العراقي والإيراني سريعاً بعد تسلّم صدام المنصب الأعلى في الدولة (رئيس الجمهورية) والحزب (الأمين العام)، ودفع باتجاه التأزيم الى يوم الثاني والعشرين من أيلول عام 1980 الذي أعطى فيه أمراً للقوات الجوية العراقية للقيام بتنفيذ الضربة الأولى عبر قصف القواعد الجوية الايرانية.

وكذلك الاهداف الستراتيجية وسط وجنوب ايران، وتكرارها بضربة جوية ثانية قبل الضياء الأخير لليوم نفسه وجهت الى جميع الأهداف التي يمكن أن تؤثر على جهد الهجوم البري المنتظر تنفيذه من قبل قوات المشاة والدروع من اليوم الذي يليه أي 23 أيلول بهدف عبور الحدود البرية وقد عبرتها بعدة محاور غطت المنطقة من بنجوين الى خانقين، فالعمارة ثمّ البصرة، عندها حبس العالم أنفاسه وأعلنت الحرب رسمياً، حربٌ لم تكن بدايتها مقبولة، إذ أن حجج محاولة الاغتيال التي جرت لطارق عزيز في المستنصرية لم ترق الى مستوى إشعال حرب، ولم يكن استمرارها معقولاً اذ أن الحسابات الدولية لا تسمح بتغيير شكل الحدود المكفولة دولياً، ولم تكن نتائجها نافعة أو مرضية لكلا الطرفين، إذ أن أيّاً من أهداف الحرب التي أراد صدام تحقيقها، لم تتحقق، فعلى المستوى التعبوي لم تتمكن القوات العراقية المهاجمة من بلوغ أهداف صفحتها الأولى من الهجوم وتوقفت على مسافة خمسة عشر كيلومتراً من الاهواز، وبعيداً نسبياً عن ديزفول، ولم تدخل المحمرة إلّا بعد أسبوع، وعصى عليها دخول عبادان، لتتحول اتجاهات الحرب في ساحتها بعد ذلك الى سجال وتعديل في ميزان القوى خاصة بعد العام 1982 الذي استعاد فيه الايرانيون المحمرة وكونوا صدمة نفسيّة غيّرت مجرى الحرب، وعلى المستوى الستراتيجي لم تلغَ اتفاقية الجزائر وبقي شط العرب مناصفة، وبقي نظام الحكم الإيراني قائماً في طهران، وكذلك الأهداف التي تكوّنت عند الإيرانيين جراء الاستمرار في الحرب لم تتحقق هي أيضاً، فعلى المستوى التعبوي عادت أراض عراقية سبق وان تم احتلالها ايرانياً والنظام البعثي بقيّ قائماً في بغداد، ولمدارات الشعور بالخسارة صارت نتائج الحرب متساوية في
الخسارة، دفعتهما معاً لادعاء الربح فيها انتصاراً على الخصم، وهي في واقع الحال لم تكن هكذا. 
كانت الحرب منذ بدايتها خطأ وكان القتال طوالها قد تجاوز حدود الإنسانية بين شعبين مسلمين، والتقاتل الميداني في غالب الأحيان لم يكن مهنياً اذ حصل العديد من التجاوزات على المعايير والقيم العسكرية، والتعامل مع الأسرى كان بعيداً نسبياً عن الجوانب الإنسانية، حيث العزل والإكراه على التخلي عن أفكار أو الايمان بأفكار تحت الضغط ، والسعي الى عمليات غسيل دماغ. 
والاعلام طوالها كان مضللاً يكذب على المتلقين في دعاوى انتصارات وتحقيق أهداف غير موجودة، في حرب كان بالإمكان تجنّبها وتجنّب خسائر محصلتها دماراً لكلا الشعبين الجارين المسلمين.