محاولات الخروج من مأزق الحرب

آراء 2019/09/30
...

 محمد شريف أبو ميسم 
 
الثلاثاء قبل الماضي وعلى هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وقبل أن يجتمع الرئيس الايراني حسن روحاني برئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون حضر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بصورة بدت وكأنّها غير 
مرتقبة. 
ليحصل لقاء ثلاثي لبضع دقائق بين المسؤولين الثلاثة سجلته كاميرات الصحفيين، قال خلاله ماكرون مخاطبا جونسون بأنّه “ينبغي الاستفادة من فرصة الحضور في الامم المتحدة للعمل على خفض التوترات بين الولايات المتحدة وايران، وستكون فرصة ضائعة اذا لم يلتقِ الرئيس الايراني الرئيس الاميركي”. 
حينها انفجر روحاني ضاحكا وكأنّه يكشف عمّا طرحه ماكرون في لقاء سابق معه والذي استغرق نحو ساعتين على هامش الاجتماع في نيويورك، والذي يبدو ومن سياق الأحداث، ان ماكرون حاول جاهدا ولكن دون جدوى. ليطلب في محاولة أخرى من جونسون التدخل لاقناع روحاني بشأن تحقيق هذا
اللقاء.
السؤال هنا، ما الذي جعل روحاني في موقف ضاحك، فيما تزداد العقوبات الاقتصادية الى مستوى الحرب التي قد تفضي الى خنق الاقتصاد الايراني بعد قرار الرئيس الأميركي بفرض الحصار على البنك المركزي الايراني والذي سيؤدي الى منع التدفقات المالية من والى الخارج الايراني، في سابقة وصفها روحاني بكلمته امام الامم المتحدة بالارهاب الاقتصادي الذي يمارس ضد أمة
بأكملها.
وقد تبدو الاجابة ممكنة على ضوء ما أكده المرشد الأعلى علي خامنئي والذي شدد فيها على المطالب الايرانية برفع الحصار الاقتصادي قبل الجلوس الى طاولة المفاوضات.
ما جعل اصرار ماكرون بشأن تحقيق هذا اللقاء من خلال تدخل جونسون لاقناع الرئيس الايراني وكأنّه بدفع من الادارة الأميركية، بعد تعرض مصادر النفط وحركة الملاحة في منطقة الخليج الى ما لم يكن بحسابات الجانب الاميركي بشأن الانجرار الى المواجهة العسكرية التي لا يبدو الرئيس الأميركي راغبا
فيها. 
فيما تستمر التحقيقات بشأن مصدر الصواريخ والطائرات المسيرة التي ضربت أرامكو، في ظل امكانيات وقدرات هائلة للرصد لدى الولايات المتحدة. 
اذ بات المأزق الأميركي واضحا ازاء حالة الانجرار الى مواجهة غير مرغوب فيها، ليس لأن الحرب تهدد ترامب بعدم اعادة انتخابه مرة أخرى وحسب، بل لأن الحرب قد تنهي مشروع الشرق الأوسط الكبير الى غير رجعة، والذي أنفقت من أجله الولايات سبعة ترليونات دولار، لان هذه الحرب تهدد باشتعال المنطقة بأكملها، وايران تدرك ملامح المشروع الأميركي في منطقة الخليج والشرق الأوسط، وتدرك ان مثل هذه الحرب التي 
قد تلحق الدمار بها، ليست في أجندة القائمين على المشروع الشرق أوسطي.
وتبدو هذه القراءة هي المنطلق والدافع الحقيقي للبيان الأوروبي الصادر عن ميركل وماكرون وجونسون، والذي كان دقيقا عندما قال ان ايران مسؤولة عن هذا الاعتداء ولم يقل إنّها هي التي نفذت الاعتداء على أرامكو، بهدف زيادة الضغط عليها ولعب دور الوساطة للقبول بالتفاوض دون شروط، فيما كشفت ضحكات روحاني عن دراية واعية لاصرار ماكرون بشأن اللقاء بدفع من الولايات المتحدة للخروج من المأزق.