ندرة المهارات

اقتصادية 2019/09/30
...

ياسرالمتولي
واحدٌ من أبرز التحديات التي تواجه المجلس الأعلى للقطاع الخاص في تحقيق أهدافه التنموية، والذي وعدتُ بمقالي السابق تأشيره، هو غيابُ أو تغييبُ القطاع الإنتاجي وخصوصاً الصناعي عن المشهد الأبرز لسوق العمل.
من البديهيات إنَّ القطاع الصناعي هو الأكثرُ قدرةً على تحقيق الأهداف التنمويَّة المنشودة، سواءً في معالجات وامتصاص البطالة وأثرها الضاغط في الواقع الاقتصادي وأحد تشوهاته ومن ثم دوره المزدوج في توليد الإيرادات البديلة لميكانيكيَّة الدورة الاقتصاديَّة.
والملاحظ عند الحديث عن القطاع الخاص ينصرفُ الذهنُ بانحساره في القطاع التجاري، ورغم أهميته في خلق توازنات السوق من حيث دعم سوق العمل بامتصاص البطالة، لكنَّ نسبة استيعابه لا تتجاوز ربع النسبة التي يوفرها القطاع الإنتاجي وخصوصاً الصناعي.
من أجل ذلك اعتبرناه - أي القطاع الصناعي - الركيزة الأساسيَّة في تمكين المجلس الأعلى للقطاع الخاص من تحقيق أهدافه التنمويَّة والنجاح في مهمته كمجلسٍ فاعلٍ.
عليه فالمهمة الأساسيَّة التي تنتظر هذا المجلس هي التخطيط والعمل على تفعيل القطاعات الإنتاجيَّة، الصناعة والزراعة وحتى القطاع الخدمي المكمل والمساعد.
التحدي الذي سيواجه هذا الهدف المهم هو ندرة المهارة والتخصصات المهنية والتقنية الحديثة والملاكات الوسطى القادرة على إدارة القطاع الصناعي الحديث.
ويتعين تحقيق هذا الهدف بالتوازي مع تفعيل القطاع الإنتاجي وإعطائه الأولويَّة في الدعم والتشريعات الضامنة، من حيث حماية الإنتاج وإصلاح السياسة الاستيراديَّة وفق متطلبات النهوض بالإنتاج الوطني.
وهذه المهمة مسؤوليَّة تضامنيَّة تقعُ على عاتق الدولة ومجلس القطاع الخاص لمعالجة إشكالية المهارات الجديدة لتلبي حاجات العمل وعلاقتها بالتقنيات الجديدة في هذه المرحلة.
والسبب بسيطٌ، وهو أنَّ هناك مئات الآلاف من الخريجين العاطلين بانتظار فرص عمل قد يوفرها القطاع الخاص، لكنهم لا يمتلكون المهارات المطلوبة في استخدام التقنيات الجديدة، والمطلوب من الدولة والقطاع الخاص، أنْ يدعما هؤلاء الخريجين العاطلين عن العمل من خلال إكسابهم المهارات عبر مراكز التدريب العالميَّة المتخصصة، ذلك أنَّ الجامعات لا تمنح المهارات، وإنما تمنح العلم فقط، فالمهارات تتأتى من التدريب المستمر وبناء القدرات.
وللمقارنة أشير الى أنَّ الدول المتقدمة تضعُ بين يدي الخريجين مئة مهارة تقدمها بشتى الوسائل تُملَّك للخريجين العاطلين بعد تخرجهم عن طريق مراكز التدريب وجمعيات رجال الأعمال ويتحملون مع دولهم كلف اكتساب المهارة.
أين نحن من هذه القيم؟
وهذان الهدفان يتطلبان الدعم المادي العالي وبسخاء، فهل سينجح مجلس القطاع الخاص بهذه المهمة؟
ننتظر ونراقب لنرى.