استعدادات لانطلاق معرض العراق الدولي للكتاب
ثقافة
2019/10/09
+A
-A
بغداد/ ابتهال بليبل
تجري الآن استعدادات مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون لإقامة معرض العراق الدولي للكتاب، الذي ينطلق في العاصمة بغداد، للفترة (11 - 21 / كانون الأول). وقد تمّ اختيار الكبير مظفر النواب شخصية الدورة الأولى للمعرض، وستقام فعاليات ثقافية تحتفي بمنجزه، كما ستوزع مجاناً طبعة خاصة من ديوان النواب «الريل وحمد». وهذا هو العام الأول الذي تستضيف فيه أرض معرض بغداد الدولي في المنصور معرضاً ثانياً للكتاب غير معرض بغداد الدولي للكتاب، بمشاركة أكثر من (300) دار نشر محلية وعربية وأجنبية، منها دار أثر، الساقي، الشروق، مدارك، الفارابي، منشورات تكوين – الكويت، دار المتوسط، دار عدنان، سطور، وغيرهم.
المعايير المطلوبة
وتحرص مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون بوصفها داراً للنشر على التصدي لظاهرة الإصدارات القديمة والمكررة، وكذلك المقلّدة من بعض دور النشر، وترى الدكتورة غادة العاملي في حديثها لجريدة (الصباح) أن بعض دور النشر تقوم بتخزين الكتب المشاركة في معارض السنوات السابقة لتعيد عرضها بمشاركات جديدة، بدلاً من المشاركة بإصدارات حديثة، وهذا الفعل يتعارض مع رغبة القارئ الذي كان يحرص ألاّ يفوت فرصة زيارة المعارض خلال الأعوام الماضية، لأنه ببساطة يريد كتباً حديثة لهذا العام.
وتسعى مؤسسة المدى اليوم عبر استعداداتها العمل وفق آليات وصيغ مهنية يتم التعامل بها، ولذا لن تتم الموافقة، حسب العاملي، على دور نشر لا تتوافر لديها المعايير المطلوبة، والتي أعلن عنها ضمن – بروتوكولات - خاصة بموقع معرض العراق الدولي
للكتاب.
وشرعت المؤسسة بإطلاق تطبيق يستخدم قاعدة بيانات متخصصة بعناوين الكتب، عبر تحميله على نظام تشغيل (أندرويد)، وتطبيقات (آب ستور)، الأمر الذي يسهل على القارئ تعقب الكتب المشاركة داخل المعرض، بهدف توسيع حركة النشر والترجمة، وتنظيمها لتواكب ما بلغته حركة
الثقافة العالمية.
وستقام في المعرض الذي سيحتضن المنتديات الثقافية والفنية في بغداد والمحافظات العراقية كافة، أكثر من (80) جلسة نقاشية، وكذلك العديد من الفعاليات الفكرية والثقافية ومعارض تشكيلية وحفلات غنائية، منها جلسة للروائي المصري يوسف زيدان، والفنان التشكيلي فيصل لعيبي، والمطرب ياس خضر، ورئيس الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق الباحث ناجح المعموري، والشاعر موفق محمد، والروائي والصحفي والمؤلف السينمائي المصري إبراهيم عيسى، والكاتب والمفكر المصري جابر عصفور، والناقد فاضل ثامر، الفنان حميد المنصور، والفنان حسين نعمة وغيرهم الكثير، كما وسيحتفي المعرض ايضا بذكرى مرور (50) عاما على صدور المجموعة القصصية “المملكة السوداء” للكاتب الكبير محمد خضير، وبمئوية الفنان الكبير الراحل جواد سليم، فضلا عن استحداث منصة خاصة بتوقيع الكتب وستقدم المدى تخفيضا بنسبة (50 بالمئة) على كل كتاب.
فعاليات وجلسات خاصة
طالما كانت معارض الكتب التي تقيمها مؤسسة المدى تخطف الأضواء، ويعود الفضل في ذلك إلى أنها كانت وما زالت تأخذ بآراء المثقفين والخبراء والأصدقاء، فمثلا الاتحاد العام للأدباء والكتاب هم شركاء معها الآن، ولهم فسحة من المجال وكذلك فعالياتهم ونشاطاتهم الثقافية والفكرية التي ستقام في المعرض، كما ولاقتراحاتهم المجال ضمن الجلسات والشخصيات المختارة التي سيستضيفها المعرض، فالمدى – وفق العاملي- قد وضعت اتحاد الأدباء بنظر الاعتبار، منها فعالياتهم الخاصة التي ستقام على أرض المعرض بدلا من قاعة الجواهري في مبنى الاتحاد طيلة أيام المعرض.
بحكم المؤسسة وتجاربها السابقة، فضلا عن علاقتها بالآخرين والمثقفين من الداخل والخارج وعلاقتها بالكتاب نفسه، بوصفها أقدم دار نشر عربية والتزامها المشاركة بجميع المعارض العربية، تتحدث الدكتورة عن شبكة من الصلات والعلاقات وما كوّنته الخبرات في اختيار الدور المشاركة بوصفها مرجعيات ثقافية للقرّاء وبذلك المعرض برمته سيكون مرجعية ثقافية لما سيطرحه من كتب وأنشطة ثقافية للشخصيات المشاركة.
التحدي الثقافي
وحازت المدى في بدايات تأسيسها قبل 2003 بسوريا على التأثير والانتشار الكبيرين وخاصة بين فئة الشباب، إذ استقطبت أكثر من (7000) شاب وشابة لمعارضها للاستمتاع بالمشهد الإبداعي، وكذلك بفعاليات الفنانين والمثقفين مثل حفلات مظفر النواب وغيره، ومشاركتهم أيضا، في الأسابيع الثقافية التي حققت حضوراً لم يسبق له مثيل، بل ولم تستطع تحقيقه حتى وزارة الثقافة بسوريا آنذاك.
واليوم لديها أيضا أسبوع المدى الثقافي في أربيل وكذلك ببغداد، إذ حققتا عبر وتيرة متسارعة حضوراً كبيراً ونخبوياً، فضلا عن الحضور الشبابي الذي فضّل الانتماء لثقافة غير مسيّسة، حسب العادلي.
والمعروف أنّ الثقافة في السابق كانت لها وجهتها العسكرية التي خلقت فكراً وجواً معينين من خلال المسرح والأغنية والشعر وغيره من الاجناس الأدبية المختلفة، لذا فقد سعت المدى إلى اخراج الشباب من هذا النطاق، عبر فعاليات أسابيعها الثقافية المقامة، سواء كان على مستوى أربيل أو العاصمة بغداد، فقد كان هناك اهتمام غير اعتيادي بالكتب والغناء والفكر والفلسفة والمسرح والرسومات الجدارية والتصوير الفوتوغرافي والفنون المعاصرة وغيرها، وظهر جيل جديد تمخّض بخلق حالة من التحدي الثقافي. ورغم أن أهداف كل مشروع هو الربح والافادة المادية، إلا أن مؤسسة المدى حافظت على أن تكون أهدافها غير مادية أو ربحية، مما أسهم في خلق ثقافة عراقية ذات طابع مميز ورصين، فزاد اهتمامها بإنشاء المكتبات في البيوت من خلال إيصال الكتب لكل فرد قارئ، وكذلك الإعلان مؤخرا عن أن إيرادات المعرض ستسلّم إلى لجنة ثقافية مؤلفة من وزارة الثقافة واتحاد الأدباء ودار المدى تأخذ على عاتقها توزيعها على شكل كتب تستهدف جامعات العراق كافة.
وتحدثت العاملي عبر الحوار عن مجموعة من الافكار وضعتها المؤسسة، والتي ستمهّد لمساعدة الجامعات العراقية على شراء الكتب، منها أن التخفيضات بأسعار الكتب المشاركة بالمعرض ستكون باتفاق مع المدى التي ستقوم بدورها بتخفيض إيجارات الدور المشاركة، وكذلك في حال اقتناء جامعة ما للكتب فإن المدى ستمنحهم تخفيضات بنسبة (10 بالمئة) من قيمة الفاتورة.
وهذه من المبادرات الكثيرة التي تسعى المؤسسة من خلالها إلى تشجيع الجامعات العراقية، فضلا عن دور النشر لتخفيض أسعار كتبها، كي يصبح المشهد الثقافي أكثر نشاطاً، وخاصة عندما تتحول كل إيرادات المعرض إلى أنشطة ثقافية وفنية، والتي ستبدو واضحة أمام الدور المشاركة والمتلقي أو الزائر.
المعارض الدولية الرصينة
كما ورصدت العاملي عبر حديثها بعض الأمور التي تتعلق بالمعارض الكتب السابقة، منها انتقال شارع المتنبي إلى معرض بغداد، وبدلا من أن نشتري الكتاب الذي كانت قيمته بشارع المتنبي (1000) دينار، صرنا نعثر عليه في المعرض وهو معروض بقيمة (2000) دينار، بحجة أن ارتفاع قيمة ايجارات الاجنحة داخل المعرض تسهم في ارتفاع أسعار الكتب المشاركة، من هنا، وضعت مؤسسة المدى اشتراطات وضوابط على كل الدور المشاركة، كأن يتم تخفيض بنسبة (25 ٪) من أسعار الكتب المشاركة، من منطلق أن للعاصمة بغداد خصوصية وللقارئ العراقي خصوصيته أيضاً.
وكذلك فإنّ تمديد المعارض يتعارض دائما، مع ارتباطات الدور المشاركة مع معارض الدول الأخرى، فالدار تشارك على مدار السنة في معارض أخرى وتنتقل من بلد لآخر، وهناك جداول لمعارض كتب من غير اللائق أن يتقاطع انطلاق المعرض وتمديده معها، حتى يتسنى للدور المشاركة في جميعها.
أما من ناحية الكتب المستنسخة، فقط حرص معرض العراق الدولي للكتاب خلال استعداداته اسقاطها منه، بوصفه معرضاً دولياً رصيناً، وهنا الفرق- كما تقول العاملي- ويبين المعرض الرصين من غير الرصين الذي يجمع (كل من هب ودب).
وهذه مشكلة تركز عليها العاملي عبر حديثها واستعراضها لزيارة معرض أربيل، إذ يشعر زواره، بأنه معرض دولي حقيقي له ضوابط ومعايير محددة، أما ما لمسناه – وليس على سبيل الحصر- معرض بغداد حيث يسمح بدخول أصحاب المكاتب وأكشاك الكتب من لهم باع طويل في تزوير الكتب وسرقة حقوقها، وبالطبع، فإنّ مثل هذه الأمور تؤثر على سمعة الدور الرصينة وتدمّر مكانة الكتاب، فالكتاب المزور أو المستنسخ يباع بقيمة (2000) دينار، بينما الكتب الأصلية تباع بقيمة (10 - 15) دولارا، بمعنى أن المستنسخ يُباع بربع قيمة الأصلي.
وركزت العاملي عبر حديثها أيضاً، على أن واحدة من أهداف معرض العراق الدولي للكتاب المقبل هو استقطاب أكبر عدد ممكن من الزوار دون عوائق، ويشهد تاريخ مؤسسة المدى بأنّها كانت تسعى دوماً لتكون شريكة لكل مثقف رصين بعيداً عن التوجهات المختلفة والأيدولوجيات ولا تخضع لتأثيرات غاية للإبداع الثقافي والفني.