الاكتشاف والدهشة.. حوار مع جبرا ابراهيم جبرا

ثقافة 2019/10/09
...

قحطان جاسم جواد
 
صدر للناقد "ماجد السامرائي" كتابه المهم "الاكتشاف والدهشة..حوار في دوافع الابداع" مع الناقد والفنان "جبرا ابراهيم جبرا. الكتاب صدر عن دار منشورات ضفاف في بيروت/ودار منشورات الاختلاف في الجزائر، ودار اوما في بغداد. يقع في 261 صفحة من القطع الكبير. ويضم مجموعة من الحوارات أجراها السامرائي مع جبرا في فترات متباعدة تمتد بين عامي 1973 و1992، كما قدم لها جبرا بمقدمة جميلة تكشف فحوى المضمون الذي يعده بمثابة تسجيل تاريخي لحياته وافكاره. ويزيد جبرا:- الكتاب اشبه برواية لسيرة فكرية متواصلة، لانني كنت احيل تفاصيل وقائع حياتي الخاصة واحداثها الى ما كتبت بعضه او ما انوي استمر بكتابته، متقصيا خيوط تجاربي، وتنقلاتي، وعلاقاتي الانسانية والعاطفية. واجد ما استنطقني به ماجد السامرائي جدير ان يكون سيرة ذاتية 
اخرى.
 
أن يصنع البديل وبجرأة
كتب الناقد السامرائي يقول عن حواراته هذه:- منذ بداية تعرفي على ادب وفن جبرا من خلال كتابه المهم "الحرية والطوفان" شعرت أنّه يعمل على اعادة بناء الوعي النقدي العربي على نحو جديد وخلاق، من خلال حرصه على تكوين رؤية شاملة لهذه الفنون التي يتناولها. كما أن كتابه يفصح عن مبادئه الاساسية في النقد الادبي والفني. كما ان كتبه تشي بأنّه من المبدعين الذين يتحلّون بالمسؤولية الكاملة كفرد،؟ من دون ان يعزل نفسه عن مجمل العملية التاريخية في عصره. 
واضاف السامرائي:- ان أدب جبرا يقوم على فكرة الصراع بالدرجة الاساس. لكن أي صراع؟ هو صراع يتجلّى عنده بعدة صيغ: فهناك هدم للقديم وبناء وتوسيع للحديث. وهناك قلق وتمزق نفسي. وهناك يقظة حس تتصيّد تفاصيل الحياة كلها، وتعيشها على نحو يجعل منها "
قضية".
ونلحظ من خلال اجابات جبرا عن اسئلة السامرائي وجود قضيتين مركزيتين في تفكيره يكاد ان لايبتعد عنهما في سلوكه وافكاره. هما قضية فلسطين، والتجديد. وظل الى نهاية حياته تحاصره فلسطينيته وقضية المنفى، ومغادرته لبلاده على نحو مبكر 1948 متجها الى العراق. اما قضية التجديد فكانت هوسه الكبير لاسيما في الشعر والنقد والرواية. فكان يريد ان يقدم ثقافة عربية جديدة، ثقافة وثابة تأخذ من حركة التجديد اساساً لها.
وفي مكان آخر يطلب المحاور من جبرا تعريف نفسه فيقول: اني انسان قبل كل شيء، وانني رجل، الحب عنده اكثر العواطف فعالية في حياته، الحب بكل معانيه الكثيرة، ويضيف جبرا:- وقد سعيت دائما، ومازلت اسعى من اجل أن ارى في حياتنا المعاصرة ما هو أروع، ما يمكن أن يرى في أية حياة، في أي بلد. هذه المثاليات لدى جبرا هي الاساس لكل ما فعله في حياته. كما كان يؤمن بمقولة "على تيار الحداثة ان يصنع البديل وبجرأة". 
وبخصوص الف ليلة وليلة يقول جبرا إنّها كانت مؤثرة في الغرب الاوروبي ولايضاهيها تأثيرا الا التوراة والاساطير. وعندنا نحن العرب تمثل فوران المخيلة الانسانية على نطاق أمة بكاملها. ولا أظن أنّ هناك روائيأً عربياً معاصراً لم تترك الحكايات أثراً في كتاباته بشكل أو أخر. على عكس المقامات للحريري والهمذاني فكانت لغتها ارفع وأكثر توهّجاً لكنها ظلت أدبا للخاصة، ولم تصبح أدبا للعامة كما الف ليلة وليلة. وفي مكان آخر يجيب عن تساؤل ما الكتابة؟ فيقول:- الكتابة عمل يدفع اليه المرء تلقائياً أول الأمر، وفي ما بعد يجتمع - إذا كان ذا موهبة -التلقائية والوعي في السيطرة على ما يكتب.