ياسر المتولي
موضوعة الشراكة بين القطاعين العام والخاص بشكليها مستحوذة دائماً على انتباهي لأهميتها في حل إشكالية إدارة الملف الاقتصادي المعقدة، على وقع المتغيرات التي حدثت خلال حقبة مرحلة التغيير والمتغيرات في المنظور الى المنهج الاقتصادي وما رافق هذه المرحلة من تعقيدات وتداخلات تناولتها كثيراً في عديد مقالاتي.
وكنت قد أشرت في مقال سابق الى منظور الشراكة المطلوبة بشكليها بين الحكومة والقطاع الخاص وبين القطاع العام والقطاع الخاص وأوضحت الفرق بينهما.
الآن تبادر سؤالٌ يدور في الذهن.. هل الشراكة تحتاج الى إدارة؟ من يديرها وكيف، وما هي الآليات المطلوبة؟ هذا التساؤل توارد الى خاطري بوصفي مهتماً بالشأن الاقتصادي ومحللاً اقتصادياً.
حيث تطلق مفردة الشراكة من قبل الجميع محللين وحكوميين وبرلمانيين بتوصيف الشراكة وأهميتها ودورها في إنقاذ التشوهات الاقتصاديَّة، كما أنَّ هناك شبه اتفاق وإجماع على أهميتها ولكن من دون جدوى، ما الحل إذن؟ أعتقد أنَّ المشكلة هي في عدم وجود إدارة متخصصة بالشراكة.
يأتي هذا التساؤل في وقت يعرض فيه على البرلمان قانونٌ جديدٌ للشراكة لإقراره، ومع قيام وزارة التخطيط بحث الخطى للمساعدة في انبثاق مجلس أعلى للقطاع الخاص وهذا حراكٌ جيدٌ إنما تنقصه فكرة كيف تدار الشراكة، فلا بدَّ من أخذ هذا الجانب على محمل الجد.
الفرق في المنظور الى الشراكة بين الدول المتقدمة والتي قطعت أشواطاً كبيرة في هذا المجال وحققت نتائج بارزة عن الدول التي ما زالت تبحث عن الشراكة مثل العراق هو أنَّ القطاع الحكومي هو الذي يبحث عن الشريك من القطاع الخاص لإيمانه بقدراته وخبراته، فيما تجد القطاع الخاص هنا بحَّ صوته للشراكة مع القطاع الحكومي من دون جدوى. ما السبب؟
ما زالت البيروقراطيَّة مسيطرة على تفكير الإدارات بعدم السماح لهذه الشراكة أنْ ترى النور، بنا حاجة لثقافة الشراكة وبعكس ذلك لا جدوى من الحديث حتى عن الشراكة، وبالمناسبة فقد قرأت قبل أسبوع في إحدى الصحف العربيَّة بأنَّ قراراً لحكومة دبي قد صدر بإنشاء وحدة لإدارة الشراكة بين القطاعين العام والخاص والقرار من قبل الإدارة المالية لدبي وليس من قبل حاكم دبي، وهذا الفرق في المنظور الى الشراكة.. فهل سنستفيد من تجارب الآخرين لنمضي بالنجاحات المطلوبة؟