تحذيرات دولية لانقرة من تداعيات التدخل في سوريا

الرياضة 2019/10/11
...

دمشق / وكالات
اثر استمرار العملية التركية «نبع السلام « داخل الاراضي السورية وتواصل التعزيز العسكري هناك بالتزامن مع القصف من قبل المدفعيات التركية أكدت الأمم المتحدة ومنظمات إغاثية أن ألوف المدنيين اضطروا إلى ترك ديارهم هربا من الأعمال القتالية التي اندلعت أمس شمال شرقي سوريا، حيث شنت تركيا عملية جديدة ضد المقاتلين الأكراد.
وأكدت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بيان أصدرته امس‘ أن عشرات الآلاف من المدنيين أجبروا على النزوح بغية الفرار من القتال والبحث عن ملاذ آمن، بينما يعد مئات الآلاف عرضة للخطر.
ودعت المفوضية جميع الأطراف إلى الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك توفير سبل الوصول لوكالات الإغاثة، مضيفة‘ «لا ينبغي استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية».
في غضون ذلك، حذرت 14 منظمة إغاثية دولية في بيان مشترك من تصعيد وتيرة العنف شمال شرقي سوريا مع تعليق الخدمات الإنسانية، مشيرة إلى أن نحو 450 ألف شخص في سوريا يقيمون في شريط حدودي بعرض خمسة كيلومترات يواجهون خطرا، ما لم تمارس جميع الأطراف أقصى درجات ضبط النفس مع التركيز على حماية المدنيين.   
 
إغلاق مستشفى
 وضمن تداعيات الضربة التركية قالت منظمة «أطباء بلا حدود» إنه تم إغلاق مستشفى في بلدة تل أبيض الحدودية مع تركيا، شمال شرقي سوريا، بعد فرار العاملين تحت وطأة القصف التركي. 
من جهة أخرى، أفاد برنامج الأغذية العالمي بنزوح أكثر من 70 ألفا من سكان رأس العين وتل أبيض حتى الآن وسط تصاعد العنف في سوريا.
 كما وأعلنت الإدارة الذاتية الكردية لشمال وشرق سوريا عن شروعها في إخلاء مخيم مبروكة للنازحين من نزلائه في محافظة الحسكة، بعد تعرضه للقصف التركي.
وذكرت الإدارة الكردية في بيان أصدرته امس الجمعة أن قذائف مدفعية سقطت على المخيم الواقع في ريف مدينة رأس العين على بعد 12 كم عن الحدود التركية، ويقطنه أكثر من سبعة آلاف نازح، مشيرة إلى استهداف القوات التركية مخيم عين عيسى الذي يأوي 13 ألف نازح  .
وأكدت الإدارة الكردية أن عملية إخلاء المخيم بدأت، كي ينقل اللاجئون ومعظمهم ضحايا تنظيم «داعش»الارهابي، إلى مخيم العريشة جنوبي مدينة الحسكة، بينما تستمر المشاورات مع الجهات والمنظمات المعنية لإيجاد حل أو موقع بديل لنقل نزلاء مخيم عين عيسى إليه.  
وكانت تركيا أعلنت انطلاق عملية «نبع السلام» شمال شرقي سوريا، وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ان هذه العملية، جاءت لتطهير شرق الفرات من «الإرهابيين».
ويواصل الجيش التركي قصف مدينتي رأس العين وتل أبيض، بينما تتواصل الاشتباكات بعنف بين القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها من جهة، و»قوات سوريا الديمقراطية» من جهة أخرى.
بينما أعلنت وزارة الدفاع التركية مقتل جندي تركي وإصابة 3 آخرين، في اشتباكات مع الفصائل الكردية في إطار عملية «نبع السلام» شرق الفرات شمالي سوريا. 
 
عقوبات اميركية
بدوره أعلن 29 من الجمهوريين في مجلس النواب الأميركي، أنهم سيطرحون مشروع قرار لفرض عقوبات على تركيا بسبب الهجوم الذي تشنه على القوات الكردية في سوريا.
وبعد يوم من إعلان جمهوريين وديمقراطيين عن تشريع مماثل في مجلس الشيوخ، قال النواب وبينهم زعيم الجمهوريين كيفن مكارثي وويب ستيف سكاليسي، إنهم يريدون ردا قويا على ما اسموه «عدوان أنقرة» من دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.  
بدوره صرح مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأمبركية بأن الولايات المتحدة ستتخذ إجراءات عقابية ضد تركيا إذا قامت بأي تحركات «غير إنسانية وغير متناسبة» ضد المدنيين خلال عمليتها في سوريا. وأكد المسؤول أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يسعى لإيجاد أرضية مشتركة لوقف إطلاق النار في سوريا.
وكان ترامب قد هدد بـ «تدمير» الاقتصاد التركي في حال «تخطت الحدود» أثناء عمليتها العسكرية ضد الوحدات الكردية بشمال شرقي سوريا.جاءت تصريحات ترامب، في سلسلة تغريدات، قال فيها إنه يعرض 3 خيارات لحل العملية العسكرية التي أطلقتها تركيا   ضد الأكراد.
وأوضح ترامب أن التوسط من أجل التوصل لاتفاق دائم بين تركيا والأكراد، سيكون أحد الخيارات الثلاثة المتاحة أمام الولايات المتحدة   
وتابع الرئيس الأميركي قائلا «لدينا ثلاثة خيارات: إرسال آلاف الجنود والفوز عسكريا، أو توجيه ضربة مالية قوية لتركيا وفرض عقوبات، أو التوسط للتوصل لاتفاق بين تركيا والأكراد».وكان ترامب قد حذر في تصريحات سابقة من الآثار المترتبة على تركيا، بسبب العملية العسكرية في سوريا.
وقال ترامب، للصحفيين أمس الأربعاء «سأذهب إلى أكثر بكثير من العقوبات‘ أوافق على العقوبات وحتى (الإجراءات) الأشد من العقوبات».وكرر ترامب، أنه «سيدمر» الاقتصاد التركي إذا شنت أنقرة هجوما على الأكراد.
   
المجلس الأوروبي
في السياق نفسه قال رئيس المجلس الأوروبي، دونالد تاسك: إن على تركيا أن تتفهم مخاوف الاتحاد الأوروبي من أن إجراءاتها في سوريا قد تؤدي إلى أزمة إنسانية.
وقال  توسك :»ولن نقبل أبدا أن يتم استغلال اللاجئين كسلاح واستخدامهم لابتزازنا. تهديدات الرئيس أردوغان بالأمس في غير محلها تماما».وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قد انتقد مواقف دول الاتحاد الأوروبي حيال عملية «نبع السلام»، قائلا: «إن حاولتم وصف عملية نبع السلام بالاحتلال، فإن عملنا سهل جدا، نفتح أبوابنا ونرسل إليكم 3.6 ملايين لاجئ».
وتابع: «الاتحاد الأوروبي يقول إنه لن يرسل الدفعة الثانية من المساعدات للاجئين السوريين والبالغة قيمتها 3  مليارات يورو، أنتم لم تفوا بوعودكم أبدا ونحن لم نعتمد عليكم، سنتدبّر أمورنا ولكن في الوقت نفسه نفتح الأبواب أمام اللاجئين».
وأضاف» يا ترى كم سوريا احتضنتهم بعض البلدان العربية والأوروبية التي تنتقدنا؟ ننتظر إجابة على هذه الأسئلة». 
اما عن الموقف الفرنسي فقد  قالت وزيرة الدولة الفرنسية للشؤون الأوروبية إميلي دو مونشالين: إن مسألة فرض عقوبات أوروبية على تركيا على خلفية تدخلها في شمال سوريا «سيتم بحثها في القمة الأوروبية الأسبوع الحالي».
وردت المسؤولة على سؤال عن احتمال فرض عقوبات أوروبية على تركيا بقولها «بديهي أن هذا مطروح للبحث» خلال هذه القمة.
 
تحذير أممي
في الوقت نفسه حذرت لجنة التحقيق المستقلة التابعة للأمم المتحدة في سوريا في بيان لها، من أن العملية العسكرية وتصاعد العنف شمالي سوريا قد يؤديان إلى إحياء تنظيم 
«داعش» الإرهابي.
وجاء في بيان للجنة التحقيق «أي حملة عسكرية جديدة يمكن أن تؤدي إلى انعدام الأمن والفوضى، وظروف محفوفة بالمخاطر يمكن أن تؤدي إلى إحياء تنظيم «داعش».
وفي هذا الصدد تدعو اللجنة جميع أطراف النزاع إلى استئناف الحوار وضمان الحماية الأساسية للمدنيين أثناء الأعمال العدائية.
إلى ذلك، حذرت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة من احتمال حدوث زيادة في أعداد اللاجئين جراء العملية العسكرية. 
 
 مجلس الأمن
الى ذلك لم يتمكن أعضاء مجلس الأمن الدولي من الاتفاق على بيان بشأن العملية العسكرية التركية في شمال سوريا.
وأفادت وكالة «أسوشيتد برس» بأن الاجتماع المغلق لمجلس الأمن شهد اختلافات في مواقف الدول لم تسمح بإصدار البيان.
من جهتها، أفادت مصادر دبلوماسية لوكالة «الأناضول» التركية بأن الخلاف الرئيس كان حول عبارة «الإدانة» للعملية العسكرية، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة وروسيا عارضتا البيان. 
وعقب الاجتماع أكدت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة كيلي كرافت، أن الرئيس ترامب «كان واضحا للغاية» حول أن الولايات المتحدة لم تدعم بأي شكل من الأشكال القرار التركي بشن العملية العسكرية.   
 
مخاوف من هروب الارهابيين
ووسط تشابك الملف التركي السوري شهد معسكر الهول الذي يتجمع فيه ارهابيو»داعش» من الجنسية السورية ونساء التنظيم من مختلف الجنسيات، إضرابات وأعمال شغب خلال الساعات الأخيرة.
ونقل مراسل «سبوتنيك» الروسية في المنطقة الشرقية عن مصادر في تنظيم «قسد» أن أعمال شغب يشهدها معسكر الهول في الحسكة، مشيرا إلى أن عددا من نساء ارهابيي «داعش» المعتقلات ومعهن بعض الشبان يحاولون افتعال حالة من الشغب داخل المخيم لإحداث ثغرة في المعسكر ليتمكنوا من الاستفادة منها في تنظيم عملية هروب، مستغلين نقصا في عدد الحراسات داخل المعسكر وفي محيطه بعد قيام «قسد» بسحب عدد من مسلحيه باتجاه جبهات رأس العين وتل أبيض  .
ويقع معسكر الهول في ريف الحسكة الجنوبي الغربي على بعد نحو 10 كم من الحدود السورية العراقية.
وفي السياق نفسه، أكدت مصادر كردية قيام عربات مدرعة أميركية بتسيير دورية شرق بلدة عين عيسى بنحو 15 كم بالإضافة إلى تسيير دورية أخرى بمحيط تل أبيض. 
وبهذا الشأن أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وجود الآلاف من المسلحين شمالي سوريا، والحاجة إلى تعبئة أجهزة الاستخبارات ببلدان رابطة الدول المستقلة من أجل القضاء على تهديدات خروجهم من سوريا إلى دول أخرى. وقال بوتين، خلال جلسة مجلس قادة رابطة الدول المستقلة: «وفقا لبيانات الاستخبارات الروسية، يوجد المئات من المسلحين شمالي سوريا ..إنه تهديد حقيقي لنا جميعا. كيف وإلى أين سيتحركون- عبر الأراضي التركية، وعبر أراض أخرى، في عمق سوريا، سيذهبون إلى المناطق التي لا يسيطر عليها أي شخص،   علينا أن نفهم هذا ونعرف ونعبئ موارد استخباراتنا لوقف هذا التهديد».