استبشرنا خيراً بمصادقة مجلس الوزراء على مشروع قانون مجلس الاعمار، ما يعني ان إشكالات الهيئات الاستثمارية المالية والاقتصادية والقانونية ستكون حلولها مبسطة من خلال القانون، فالادارة بتجلياتها المركزية واللامركزية لم تكن متماهية مع القانونية، اذ ان النوافذ كانت مفتوحة بتعدديتها، كما اننا لا نتوقع من ادارات مستحدثة اداءً يرتقي لمستوى الابداع من خلال خبرات او تحصيل علمي يتناسب مع جسامة العمل التأسيسي، الذي ينبغي ان يكون بعيدا عن التحاصص.
فمن الناحية العملية الواقعية هناك نماذج متعددة تجسّدت بها إشكالات عدة، ففي البنية التحتية بكربلاء وحدها 245 مشروعاً متلكئاً بادارة مركزية ولامركزية بلغت كلفتها ما يقرب من الـ 4 مليارات دولار.
من خلال الدرس الكربلائي نستطيع الحكم على الادارتين (المركزية والمحلية) بعد التعمّق في التحقيق بالاسباب والنتائج، اما الأنموذج الآخر فهو معمل ألبان الجبايش المعطّل منذ تسع سنوات، ولا شكّ ان تعطله ليس بمجرد عملية اهمال، لذا فالدرس المستفاد من التجربتين في كربلاء والجبايش كافٍ كمسوغ لمركزيّة مقترحة لمجلس الاعمار.
ولذلك يأتي هذا المجلس بديلاً، بعد تسليحه بمركز ابحاث ودراسات جدوى، لاسيما أن التواضع في اداء مهامنا لاينبغي ان يكون بعد الآن من ابجديات التنمية المستدامة، التي تحتاج فقط الاستقامة في الاداء أولاً بإرادة وطنية لا مناطقية، التي كانت وما زالت المعيق الاساس لمشاريع التنمية المستقبلية.
الاتفاق الاطاري الائتماني مع الصين ينبغي أن يصبَّ مباشرة في قناة مجلس الاعمار من دون المرور ببيروقراطيات المنافذ وسوء الاداء والاجندات، ليمضي مع الشريك الصيني
مستفيدا من تجربته الفريدة في سرعة الانجاز والابداع لاكمال بنية تحتية، لاسيما في ظل وجود3ملايين عراقي بين مهجّر ونازح يعاني دمار الحروب.
إنّ مجلس الاعمار قد يحقق المساواة ولكن لا يحقق العدالة امام تفاوت مستويات الفقر بين المحافظات، وهذه عقبة واجهتها الصين ايضا، ولكن كان الحل مختلفا عن الاعتبارات العراقية، لذلك لابدَّ من تبني حلول وطنية من خلال المشاريع التي تعهد بها البنك المركزي بتوزيعها حسب مقاييس العدالة وليس المساواة
المطلقة.ليعمل مجلس الاعمار في اطار مشاريعه الكبرى بالمساواة والبنك المركزي بالمشاريع الصغرى لمكافحة البطالةحيث ان احتياطيه النقدي من العملة الاجنبية يفوق نسب المعايير الدولية، ولكي لا تذهب ايراداتنا لبناء اقتصادات دول أخرى.