دور القطاعين العام والخاص في استقدام الوظائف

اقتصادية 2019/10/11
...

كاظم الحناوي
 
آلاف الخريجين يقتلهم الانتظار لسنوات، وهم ينتظرون دورهم في الحصول على وظيفة عبر متابعة إعلانات الصحف والمواقع الإلكترونية دون محاولة الولوج في اقتصاد المعرفة وصناعة فرص العمل بسبب الاتكاليَّة التي صنعتها الحكومات منذ بداية الدولة الحديثة، وكأنّ مهمة العراقي تنتهي بالحصول على شهادة وانتظار التعيين؟.
إنّ إعلاء قيمة المعرفة له دور رئيس، في إعادة هيكلة الأسس الاقتصادية ومضاعفة سبل التعاون والفرص لتحقيق الاقتصاد القائم على المعرفة، بصفته أنموذجا للنمو والتنافسية للدول والمؤسسات لتحويل الاقتصاد إلى قوة دافعة جديدة تزيد من سرعة تنفيذ مشروع تحول القطاع العام والخاص إلى منطقة للتنمية المشترك، وأهمية اقتصاد المعرفة تكمن في ابتكار شراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال استشراف وصناعة المستقبل، وإضافة قيمة اقتصادية كبيرة من خلال جذب أفضل الشركات للاستثمار.   
التفاعل بين القطاعين يجدد نظم الإنتاج المحلية وتطوير البحث العلمي والابتكار مع التوجه بشكل قوي إلى تطور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، يضمن حرية الإنتاج  وحرية حركة المعلومات وينهض بقوانين الاستثمار، وتتيح الأزمة العالمية التي نعيشها فرصة غير متوقعة للعراق، وبشكل خاص للقطاعين العام والخاص، لإعادة توزيع رأس مالها على القطاعات المستقبليّة؛ لأنّ رأس المال البشري سيصبح أكبر من رأس المال النقدي في ظل اقتصاد المعرفة.
لذلك لا بدَّ من إنشاء شركة تقنية، لبناء جسور ما بين مراكز الأبحاث والجامعات والقطاع الخاص والعام، ومن هذا المنطلق تنمو العلاقة بين الصناعة والسوق ومراكز الأبحاث من أجل تحويل مخرجات البحوث إلى منتج نهائي، ومحاولة إيجاد برامج ومشروعات أخرى تساعد على بناء محتوى وصناعة محليَّة معترف بها، لدعم مشاريع الطاقة بجميع أنواعها المتجددة أو الحالية، وقطاع المعلومات والاتصالات.
إنّ اقتصاد المعرفة يتطلب وجود بيئة عمل محفّزة للاقتصاد المعرفي، وأهمّها إدراج مواضيع الملكية الفكرية واقتصاد المعرفة في التعليم العام، وإنه يجب بناء المقومات الأساسية للمجتمع لتعزيز الوعي بالملكية الفكرية عبر إدراج 
موضوع مناهج للحقوق الفكرية في التعليم.
إنّ هذا النوع من الخدمات يتزايد عددها باطّراد، وتتعاظم إمكانات تقديمها بصورة غير مباشرة عبر التعاون بين القطاعين العام والخاص، خصوصا مع تطور شبكة الأنترنت العالمية، كشراء تذكرة طائرة مثلا، أو الخدمات المالية التي يقدمها المصرف، أو وظيفة الحجز في الفندق، أو وضع برامج الكومبيوتر، أو وضع التصاميم على مختلف أنواعها ... إلخ، وكلها مهمات يمكن أن تتم عبر الكومبيوتر الشخصي للعامل الذي بإمكانه تأدية المهمة الموكلة إليه من دون أن يغادر منزله.
وتشكل هذه الميزة البيئة المحليّة للاختلاط بين القطاعين العام والخاص، أي أنّها عودة إلى ما يشبه العمل المنزلي الذي كان سائدا في حقبة ما قبل الثورة الصناعية، 
عندما كان الحرفي يعمل في منزله في الغالب. هذا النوع من الخدمات يمكن تسميته الخدمات غير الشخصية، أي أنها تتم من دون تماس مباشر بين مؤدي الخدمة وذاك الذي يحصل عليها.
هذا النوع من الوظائف هو الأكثر عرضة لخطر هجرة الوظائف من البلد. لأنّه مع تطور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، يتحول عدد متزايد من الخدمات الشخصية إلى خدمات غير شخصية. فبعض الفحوصات والتحاليل الطبية يتم اليوم عبر الإنترنت، وفي مجال التعليم ثمة تطور متزايد لظاهرة التعليم عن بعد ومن ثمّ يصبح بوسع الأول القيام بمهمته من بيته من دون الهجرة إلى الخارج بحثا عن فرصة العمل.
إنّ النجاح في استقطاب الوظائف وتوسعها بين الدول، يمكن أن يؤدي مع الوقت إلى تبدل تدريجي في المواقع الاقتصادية النسبيّة، فالسوق الأكثر مرونة وسيولة يحتمل أن يتكيّف على نحو أكثر سرعة وأكثر نجاحاً مع التغيرات الجارية في مواقع العمل والتعليم من سوق الأكثر جمودا. كما أن هذه الظاهرة لا بدّ أن تحسّن المواقع الاقتصادية لعدد من البلدان التي تستقطب أكثر من 
غيرها هذه الظاهرة، وأن تعزز من قدرتها على التقدم خطوة أخرى باتجاه الدول المتقدمة.