يمام سامي: والدتي كانتْ بوصلتي في الحياة

اسرة ومجتمع 2019/10/11
...

 قحطان جاسم جواد 
تماما كما قيل ان فرخ البط عوام، تمكنت “يمام سامي” بنت الصحفية والمترجمة “منى سعيد، ان تمسك بيدها اكثر من تفاحة فهي ام لطفلتين وزوجة ناجحة وصحفية ومترجمة تجيد الانكليزية وفنانة تشكيلية ومصممة ازياء مبدعة. شقت طريقها بعون من امها حين كانوا في دولة الامارات العربية. حيث طورت قابلياتها في الرسم بمساعدة مجموعة من كبار الرسامين. واستطاعت ان تستثمر موهبتها تلك في تصميم الازياء، وقامت بطبع رسوماتها على الازياء بطريقة جميلة، وباتت تسوقها للناس كطريقة لكسب لقمة العيش وتحقيق الذات.
- تقول: والدتي كانت بوصلتي في الحياة، فهي التي ارشدتني الى تذوق الفن من خلال المعارض، التي كنا نزورها باستمرار في قاعات بغداد التشكيلية العريقة فترة الثمانينات والتسعينات، ولكوني ابنتها الوحيدة كنت مرافقتها الدائمة، أثناء جولاتها الصحفية واللقاء بأهم الفنانين مثل محمد غني حكمت ونوري الراوي وجميل حمودي. أما عن الترجمة، فهي التي رجحت لي كفة دراسة اللغة الإنجليزية بدلاً من دخول أكاديمية الفنون الجميلة، لتكون اللغة مفتاحا أساسيا لدخول الكثير من مجالات
 العمل.
* كثرة المشاغل لديك توحي انك مازلت غير متزوجة، وتجدين الوقت الكافي لانجاز مهامك المتعددة؟ سألتها فردت ضاحكة:
- انا متزوجة وام لطفلتين (صفوة وساوة). وزوجي يدعمني بمشروعي وعملي لا يتعارض مع اهتمامي بأسرتي وأطفالي كوني أعمل في المنزل، وأحاول قدر الإمكان توفير البيئة الصحية المناسبة لبيتي وعملي.
 
بورتريه لفتاة حالمة
* كيف تبلورت فكرة الرسم على الازياء؟
- فكرة الرسم على الملابس ليست بجديدة، لكنني قدمتها بشكل مختلف، والفكرة باختصار هي أن أضع لوحاتي على أزياء النساء، كأن تكون لوحة بورتريه أو لوحة شناشيل أو منظرا طبيعيا أو حتى زخارف إسلامية وخطوطا، فتتزين المرأة بلوحة فنية فريدة رسمت لها شخصياً، وتصبح عمل أصلي تحتفظ به في خزانتها. 
وهذه الفكرة دشنتها على عباءتي الخاصة بلوحة فريدة جمعت بين بورتريه لفتاة حالمة، تزين فستانها بمقطع من لوحة فان كوخ على الجانب الخلفي من العباءة، بينما تتدلى ضفيرتها الذهبيّة على كتف العباءة. 
ومنها انطلقت للبدء بفكرة مشروع “أزياء شذرة.. لوحات مرتداة”، جمعت فيه خبرتي من صحافة الموضة، وقد أتاحت لي المساحة الواسعة للعباءة الخليجية والبشت والشالات الفرصة لرسم لوحات متكاملة على القماش بألوان
خاصة.
* من صاحب الفضل عليك في تعليم الرسم ؟
- الرسم هواية مارستها منذ الصغر، وطورتها على أيدي فنانين عراقيين كبار من خلال الورشات الفنية والتعليم والممارسة المستمرة، فكان الفضل لفنانين مثل نشأت الآلوسي و د.ماهود أحمد ومحمد حمدان كما درست التصميم الطباعي في دبي بدورة خاصة.
 
العراقية الصبورة
* كيف ترين المرأة العراقية اليوم؟
-عن أي مرأة تسألني؟ المرأة العراقية الصبورة التي تحملت أهوال الحروب؟ أم المهاجرة التي تجرعت مرارة الغربة؟ أم المرأة العراقية الشابة الآن، التي تصارع إما للحصول على وظيفة أو لتحمل أعباء الحياة الصعبة في العراق؟ على كل حال، فإنّ المرأة العراقية اليوم هي أقوى، وأكثر عزيمة وقدرة من ذي قبل، لأنّها تمرّست على أقسى الظروف، حتى أدركت أن عليها أن تكون هي المسيطرة على مصيرها ومسار حياتها بدون وصايات ظالمة، فنرى الشابة العراقية الآن سباقة لنيل شهادتها وعملها. وكذلك التخطيط لأسرتها المستقرة قدر الإمكان.
* ماذا يتضمن مشروعك (ازياء شذرة)؟
-  يعتمد مشروع أزياء شذرة على صناعة الأزياء من الألف إلى الياء، فأنا معنية باختيار نوعية القماش، ومن ثم التصميم على الحاسوب، واختيار المصنع المناسب لتنفيذ الخياطة والتطريز، ومن بعد كل هذا أعمل على الرسم اليدوي بألوان القماش الخاصة الثابتة. حتى الآن لم أستخدم تقنية الطباعة، لكنها ضمن خطة العمل المستقبلية عندما أتوسع بمشروعي بإذن الله. كما أطمح لأن أوظف معي طاقات شابة من الفنانات التشكيليات لتكون لهن رسومهن الخاصة على “أزياء شذرة”، فأكون باباً لوصول فنونهن إلى الجمهور بدلاً من انتظار رحمة القاعات التشكيلية التي لا تسوق لهن أعمالهن.
* أين تعلمت ذلك؟
-  من خلال ممارستي مهنة الصحافة في مجلات إماراتية عريقة مثل زهرة الخليج وبنت الخليج وهي، ومجلة الآباء المتخصصة التي أدرت تحريرها “Parents العربية”، اطلعت على تجارب العشرات من مصممات الأزياء الإماراتيات، وكنت معجبة جداً بأفكارهن الإبداعية والتجارية معاً، فعلى الرغم من رفاهية المرأة الإماراتية، هي دائمة تبحث عن فرصة طموحة لتحقيق ذاتها وزيادة دخلها، وإن كانت مغامرة، قد تصيب وقد تخيب، وإن خابت، يكفيها شرف المحاولة. 
* بِمَ تنصحين الشابات للحصول على فرصة عمل؟
-  أعتقد بأن الشباب العراقي واع جداً ويعرف مصلحته جيداً، مع ذلك أنصح الشابة العراقية بأن تبحث عن فرصة عملها بيدها، فتستثمر أية مهارة لديها لفتح مشروع، وأن تستعين بطرق التسويق المتاحة الآن على مواقع التواصل الاجتماعي، والسوق العراقية واسعة ومفتوحة جداً الآن، وقد يعينها هذا المشروع للزمن، بل وقد يغنيها عن انتظار الوظيفة التقليدية. 
* كيف تدافعين عن جنسك كامرأة من خلال عملك؟
-  نحن لسنا بحرب لندافع عن بنات جنسنا، الحياة السوية لا تستقيم إلى بمشاركة المرأة والرجل معاً، وإن سيطرت الذكورية على مجتمعاتنا، فأعتقد أن المرأة العراقية ذكية بما يكفي لتميل كفة الميزان لها دوماً. مع ذلك لا بدّ من التنبيه لمشكلات المرأة بقضية المساواة الجندرية وحقها الأساسي بحياة كريمة ومحترمة إلى جوار الرجل.
أرسم حسب ذوقي
• ترسمين على الازياء حسب ذوقك او على الموضة ام حسب طلب الزبونة؟
- أرسم بحسب ذوقي، أضع موضوعاً للمجموعة التي أعدها، وأعمل ضمن إطار هذا الوسم. مثلاً، قدمت أولى مجموعات العبايات بعنوان “زهور الربيع”، ثم مجموعة “رمضان” بكل ما يحمله الوسم من موروث ورموز مثل الهلال والنجمة والفانوس، وقدمت مجموعة أخرى بعنوان “شبابيك”، رسمت فيها الشناشيل والشبابيك الملونة والشبابيك المشتهاة في 
مخيلتي. 
* هل تعتقدين ان المراة الفنانة اكثر تحررا من المرأة الاعتيادية؟
- المرأة الفنانة تفكر وتبتكر، وهذان الأمران يحتاجان لحرية فكرية وشخصية قوية يمكنانها من تحقيق ما تحلم به.
* أيّهما يجسد المرأة بالرسم أفضل الرجل ام المرأة؟
- المرأة الفنانة تجسد فكر وهموم المرأة بصدق كبير، ولنا أمثلة كثيرة من الفنانات العراقيات أمثال الكبيرة عفيقة لعيبي وليلى العطار وبتول الفكيكي وحديثاً الفنانة العالمية هيف كهرمان، لكن أعتقد بشكل عام المرأة الرسامة على مر العصور تميل إلى الرسم التزييني والزخرفي أكثر من رسم الشخوص.
* هل تدخلين كلمات او اشعارا في رسومك على الازياء ولمن تختارين من الشعراء؟
ـ أخشى من إدخال الكلمات إلى رسومي كوني لا أمتلك ملكة الخط العربي، رغم أن والدي رحمه الله وأعمامي جميعاً خطاطون. لكن للأسف لم تتح لي الفرصة لاكتساب هذه المهارة، مع ذلك أدخلت كلمات أغاني فيروز التي تتغنى بالقمر، ضمن سلسلة من ثلاث لوحات كنت قد اشتركت بها بمعرض في 
دبي.