ما دارت به الرياح

ثقافة 2019/10/12
...

بغداد/ مآب عامر
 
المجموعة الشعرية “ما تدور به الرياح” التي صدرت حديثاً عن دار المدى للشاعر ياسين طه حافظ، لاتعد الاخيرة امام المجاميع الشعرية الكثيرة والترجمات والدراسات للشاعر منذ الستينيات وحتى هذه اللحظة 
في هذه المجموعة يجد القارئ نفسه داخل القصيدة يتحرك مع شخوصها بقيمة جمالية تسوقها الخبرات الحية والممارسات 
الاجتماعية.  
ويضم الكتاب (121) قصيدة شعرية من عناوينها “ربما رواها السندباد، اعتراف متأخر، عبث صعب، حياة خاصة، ليلة الهبات، قراءة الأوديسة، المركب في اليابسة، جميعها الفصول، الاسلاف، عزلة، في مقهى المحطة، أحد العابرين، أمل أو لا  أمل، ربما قطع من  غيوم، تساؤلات ناعمة قاسية، حياة، الجسر، ناسُ البساتين، طريق، نادلة، كوخ، ترام آخر في كييف، من قصص الدومينو، تلك الفتاة اللعوب، شجرة عراقية، ثور مجنح، أيها الوهم أيتها
المعجزة”. 
في قصيدة “الفارس الذي ينظر إلى درعه” يستحضر الشاعر استعارات من الحياة الطبيعية، وفي مواجهة واعية للنفس للتواصل مع الشخصية الفارس المتجسدة عبرها، فيقول: (أنا محارب العدم/ قتيله/ وتارك الأثر/ تعبت من ريح ومن حجر/ فلذت في ظلالك المزدهرة/ حبك كان منقذاً لزمن، هل كان وهماً/ فليكن وهاماً أنا ارتضيته/ هم كلهم سيتركون/ حقائقاً تعلق في أرساغهم ويتعبون/ إشارة لم يحسم النظر/ طريقها/ تاهوا ورائها/ ورجعوا برعشة الأكف/ يبحثون في جيوبهم/ عن حبة تشاغل الألم/ هذه هي الفحوى/ هي الأعظم في القصائد/ هي التي ترقد في كنائس، مقابر/ ومكتبات/ الآن اعرف الكتاب ورقات/ كل لها مصيرها/ ضاعت وضعت/ الحب كان ضحكة على الممر/ وأنت يا صديقي القديم/ شخت كما شختُ/ فما الذي نفعله بعد وأنت دون لمعان/ وأنا/ سأضحك اذا حملت سيفا/ حولنا الساحات/ مملوءة أسلحة غريبة وشاحنات/ اقبل حقيقة موجعة/ لا باس أن نبقى عجوزين وذكريات). 
أما قصيدة (في الثناء على جمال الحبيبة) فإن شخصية الحبيب هنا تبدو متخيلة كالتماثيل، بينما الحياة متحف بتفاصيله المتوقعة. فتجد الإحساس بتوقف الزمن يركز على العناصر التي لا ندركها في الذات البشرية، ولكنها منفتحة على رحيل يحملنا إلى أماكن التكهنات حيث إبداع الكون وصناعة الأحلام، فيقول الشاعر: “ملكك أرفع من كل تلك التماثيل/ واقفة في الزمان/ من الرقُم النادرات وراء زجاج المتاحف/ من كل هذه الزخارف من ذهب وتصاوير/ من كل هذا الصخب/ تالف ما ادخرناه وعندك ما تتمناه أرواحنا/ وتمناه من قبلنا/ بهجة أنتِ مرت تضيء/ وكل الوجوه تريد ترى فرحاً فاتها/ أنا منذ الصباح اخوض الضجيج/ وأخسر في العتمات المزيد/ لكي استرد ما قد خسرت/ ها هم حشد رحالة نزلوا/ ما استطاعوا يرونك فانكسروا عائدين/ وأنا واحد منهم جالس ها هنا/ هي زاويتي الفتني كل مساء/ مثلما ساحر/ مثلما صانع أحلام أهرب وجهي اليك/ ارتجي نعمة الله أأنا ارتجيك”. 
وجاء الكتاب في (134) صفحة من القطع التوسط.