تفيد دراسة جديدة تتناول علاقة التمرين الرياضي بالذاكرة والتقدم بالعمر أن شوطاً من التمرين الرياضي المعتدل يومياً يؤثر تأثيراً فورياً في وظائفنا الدماغية وكيفية تذكرنا للمعلومات. هذه الدراسة تضاف الى سجل لحافل من الأدلة التي تثبت ان للتمرين البدني تأثيرات سريعة على عمل الدماغ وأن تراكم هذه التأثيرات يثمر تحسناً دائماً في الأداء الذهني وعملية التذكر.
كان العلماء يعتقدون أن أدمغة البشر تستقر نسبياً عند حد معين من حيث البناء والاداء حين البلوغ مقارنة بأنسجة الجسم الأخرى كالعضلات. ولكن التجارب الحديثة تظهر أن أدمغة البالغين تبقى محتفظة بدرجة من المرونة والقدرة على اعادة تشكيل شبكاتها وخطوطها بأساليب متعددة.
إلا أن اسئلة اساسية بقيت تحوم بشأن ما اذا كانت تلك التغيرات قصيرة الأمد أم تصبح دائمية بمواصلة التمرين. كان هذا هو الشغل الشاغل لعلماء من جامعة مريلاند سبق ان قدموا دراسات عن علاقة التمرين بأجزاء الدماغ المتعلقة بقدرة الذاكرة الدلالية على تمحيص وتمييز المعلومات.
الذاكرة الدلالية في جوهرها هي المركز الذي يدير عملية التعرف على معالم عالمنا وثقافتنا الذي نحن جزء منه، مثل تمييز الاسماء المألوفة، كأسماء المشاهير، والمفاهيم، مثل معنى كلمة أزرق، وتكون غالباً أول صور الذاكرة التي تضمحل مع التقدم بالسن.
في تجربة سابقة كان هؤلاء العلماء قد توصلوا إلى أن اجزاء الدماغ المختصة بالذاكرة الدلالية، بعد برنامج تدريب أمده اربعة اشهر، أخذت تبدي نشاطاً اقل، وهذه دلالة حسنة ومرغوبة لأن انخفاض النشاط دليل على ارتفاع الكفاءة والقدرة على التمييز ويسر استرجاع الذكريات بجهد أقل. تلك كانت ثمرة مباشرة للتمرين.
في التجربة الجديدة حاول العلماء أن يروا كيف سيغير شوط تمرين واحد اداء الدماغ في استخدام الذاكرة الدلالية. اجروا تجربتهم على اشخاص تراوحت اعمارهم بين 55 و85 عاماً من الاصحاء وأخضعوهم لشوط تمرين واحد (ركوب الدراجة) أمده 30 دقيقة ثم فحصوا ادمغتهم بجهاز الرنين المغناطيسي بعد التمرين، خصوصاً تلك الاجزاء المختصة بالذاكرة الدلالية، فوجدوا أن هذه الاجزاء من الدماغ بقيت تفور بالنشاط في فترة الاستراحة بعد التمرين. استنتجوا من ذلك أن ما يرونه هو الاستجابة الفورية للإجهاد، مثلما يحدث للعضلات حين تجهد بالتمرين لأول مرة فتأخذ بحرق مزيد من الطاقة، ولكن مع اكتسابها اللياقة بمواصلة التمرين تصبح اهدأ وأقل استهلاكاً للطاقة. عند الجمع بين التجربتين الجديدة والقديمة يتضح أن هذا هو ما يحدث ايضاً لأداء الدماغ وعمل الذاكرة حيث ترتفع الكفاءة وفعالية الاداء مع استمرار التمرين، أي أن الاثر يصبح دائمياً لا مؤقتاً.
عن صحيفة نيويورك تايمز